بسبب الأزمات العالمية المتتالية خلال العامين الماضيين، والتي بدأت بجائحة كورونا ثم الحرب الروسية- الأوكرانية، تأثرت اقتصادات دول العالم ومن بينها مصر، ويعد القطاع السياحى من أكثر القطاعات تأثراً، خاصة لاعتماده على الحركات الوافدة بين الدول وحركات الطيران واللاتى تأثرا كثيراً بتلك الأزمات التي أدت لتوقفهم بشكل نسبى سواء لمنع انتشار فيروس كورونا في حالة الجائحة أو لحظر الطيران وغلق المجال الجوى في حالة الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف الوفود السياحية القادمة منها.
وفى هذا الإطار، وبسبب تأثر القطاع السياحى بمصر على مدار العامين الماضيين، وضعت الحكومة المصرية خطة استراتيجية لمواجهة تلك التحديات التي تواجه القطاع خاصة في ظل استمرار الأزمات العالمية حتى الآن، علاوة على، عدم وجود أي توقعات بانتهائها في موعد محدد، حيث تعتبر الحكومة هذا العام 2022/2023 هو عام تصحيح الأوضاع والتكيف مع المستجدات قبل معاودة الانطلاق والاستعادة الكاملة لعافية القطاع على مدار الأعوام المالية المقبلة.
وبحسب التقرير الصادر عن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب حول الخطة العامة للدولة ومشروع موازنتها للسنة المالية 2022/2023، أكدت الحكومة المصرية إنه بالرغم من تعذر تقدير الحركة السياحية المتوقعة للعام المالى المنتهى 2021/2022 وكذلك عام الخطة الحالي 2022/2023 بدرجة عالية من الدقة في ظل استمرار تبعات الأزمات العالمية، إلا أن هناك خطة توجهات استراتيجية للقطاع السياحى هذا العام، أهمها، الترويج المكثف لبرنامج تحفيز الطيران العارض.
وأضاف التقرير، أن خطة الحكومة في هذا الترويج، ستعتمد على تكثيف الخطة الإعلامية لهذا البرنامج في دول الإرسال الرئيسية والوافدة، خاصة المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا، وكذا دول شرق أوروبا التي لم تتراجع الأعداد القادمة منها، مثل، بولندا والتشيك ورومانيا وبيلاروسيا.
كما تتضمن توجهات الحكومة الاستراتيجية في القطاع السياحى هذا العام، التواصل مع الجانب الروسى لاستئناف الرحلات، خاصة أن روسيا كانت قد أعلنت استئناف رحلات الطيران العارض بدءاً من 9 إبريل الماضى مع 52 دولة من بينها مصر، هذا بالإضافة إلى، الترويج المبكر للمقاصد السياحية المصرية في الأسواق العربية وبخاصة الأسواق الخليجية والدول العربية، والأسواق الآسيوية الواعدة، وعلى رأسها الصين والهند واليابان.
ولمزيد من المحاولات لتحسين أوضاع القطاع السياحى بعد تأثرها العامين الماضيين، رفعت الحكومة المصرية قيمة الاستثمارات الموجهة هذا العام 2022/2023 لقطاع السياحة إلى نحو 7.4 مليار جنيه، مقابل 6.2 مليار جنيه استثمارات متوقعة للعام المالى المنتهى 2021/2022 بنسبة نمو نحو 19.4%، لافتة إلى أن استثمارات القطاع الخاص تشكل الشطر الأعظم من الاستثمارات الكلية الموجهة للقطاع بقيمة 6.2 مليار جنيه بنسبة 83.8% تقريباً من الإجمالى.
وأشار تقرير لجنة الخطة والموازنة، إلى أنه وفقاً لخطة الحكومة، تتمثل استثمارات القطاع الخاص في القطاع السياحى فى، استكمال نحو ألفى غرفة فندقية و 1500 غرفة إسكان سياحى تحت الإنشاء، علاوة على، تطوير وإحلال وتجديد المنشآت القائمة وتجهيزاتها، لافتا إلى قيمة الاستثمارات العامة الموجهة للقطاع والبالغة نحو 1.2 مليار جنيه بنسبة 16.2% من إجمالي الاستثمارات الكلية للقطاع السياحى.
وأضاف التقرير، أنه من المقرر أن تتولى شركات قطاع الأعمال العام تنفيذ تلم الاستثمارات العامة، باستثناء مبلغ 13.2 مليون جنيه يخص الجهاز الحكومى بواقع 6.2 مليون جنيه للجهاز الإدارى، و 7 ملايين جنيه للهيئة العامة للتنشيط السياحى، على أن توجه تلك الاستثمارات لاستكمال أعمال تطوير وتحسين الأماكن السياحية بمحافظتى جنوب سيناء والبحر الأحمر ومحافظات جنوب الصعيد، بجانب إحلال وتجديد بعض أصول وتجهيزات ديوان عام الوزارة والهيئة العامة للتنشيط السياحى.
وعن تقديرات النمو السياحى في عام الخطة 22/23، أوضح تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن الحكومة أفادت بأنه يتعذر تقدير الحركة السياحية المتوقعة هذا العام بدرجة عالية في ظل استمرار تبعات الأزمات الدولية، خاصة تلك المتعلقة بالقيود المفروضة على تحركات الأفراد والسفر سواء لمنع انتشار الموجات المتتالية من جائحة كورونا، أو لدواعى الأمن والسلامة وللضوابط المقررة على التحويلات النقدية والمعاملات المالية عامة في ظل اشتداد الأزمة الروسية/ الأوكرانية.
وأوضحت الحكومة لـ"النواب"، أن تقديرات هذا العام بُنيت فقط على احتمالية تراجع الحركة الوافدة والليالى السياحية وكذلك الدخل السياحى على خلفية استمرار تداعيات الأزمات العالمية، ولكن دون تفاقم تباعاتها الاقتصادية وتأثيراتها على حركة السياحة والسفر على اعتبار أن عام 22/23 هو عام تصحيح الأوضاع والتكيف مع المستجدات قبل معاودة الانطلاق والاستعادة الكاملة لعافية القطاع السياحى.
ولكن، بشكل عام، كيف كانت أحوال القطاع السياحى على مدار العامين الماضيين؟، هذا ما أوضحه التقرير الصادر عن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب وفقاً لما أفادته به الحكومة في خطتها العامة للدولة ومشروع موازنتها للسنة المالية 22/23، حيث أوضحت الحكومة أن مؤشرات عام 2020/2021 أكدت تراجع الإيرادات السياحية بنسبة 54% تقريباً مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، وبما يمثل خسارة تقدر بحوالي 5 مليارات دولار، وهو الأمر الذى أدى إلى تناقص نسبة مساهمة الدخل السياحى في تغطية العجز التجارى بصفة مطردة لتصل إلى 11.6% عان 20/21، مقارنة بنحو 27% في عام 19/20، و 33% في العام السابق له 18/19.
وعن تأثير الأزمة الروسية/ الأوكرانية على القطاع السياحى، أفادت الحكومة مجلس النواب، بإنه إثر استئناف روسيا رحلات الطيران لمصر، اعتباراً من أغسطس 2021، شهدت السياحة الوافدة من روسيا وأوكرانيا ودول شرق أوروبا الأخرى طفرات غير مسبوقة في أعداد الوافدين منها، إلا أنه بحدوث الأزمة الروسية/ الأوكرانية، حدث تأثر بشكل كبير على الحركة القادمة من البلدين حيث إنهما يمثلان معاً نحو 36% من الأسواق الوافدة إلى مصر في الفترة الأخيرة "أغسطس 2021-يناير 2022"، وإذا أضيفت بعض دول شرق أوروبا الواقعة في نطاق التأثير المباشر للحرب الدائرة مثل، "بيلاروسيا-بولندا-التشيك-المجر-رومانيا"، فسترتفع الحصة السوقية إلى نحو 42%.
وتابعت: "كما ترتب على إغلاق المجال الجوى الأوكرانى، وفرض حظر الطيران في الأجواء الروسية، توقف الحركة الوافدة من أوكرانيا، ومن ثم حدوث تراجع حاد في أعداد الروس بعد وقوع الحرب وما صاحب ذلك من تداعيات في اقتصاديات القطاع السياحى.