تعيش ألمانيا على وقع أزمة كبيرة في الطاقة في ظل حظر الغاز الروسى، ويزداد الرعب كلما اقترب فصل الشتاء حيث استهلاك أكثر للطاقة في التدفئة، ووسط تلك الأزمة يحاول السياسيون في ألمانيا تقديم حلول للتعامل مع الوضع، إلا أن مقترحات سياسى كبير من حزب الخضر لتقليل الطاقة جاءت خارج السياق وأثارت غضبا برلمانيا عارما.
وجاءت التصريحات المثيرة للجدل على لسان فينفريد كرتشمان السياسي من حزب الخضر ورئيس وزراء ولاية بادن فورتمبيرج الفيدرالية الألمانية، الذى دعا الألمان إلى تدفئة غرفة واحدة فقط في المنزل، ومنع الاستحمام واستبداله بمنشفة مبللة.
السياسي الألماني قال مقترحه في حديث مع صحيفة "زود فيست" المحلية، والذى أثار اسغراب وسخرية الكثيرين، فضلا عن غضب البرلمان عندما نصح المواطنين بالمسح بـ"منشفة مبللة بدلا من الاستحمام". وقال "المنشفة هي أيضًا اختراع مفيد".
ولم يكن السياسى الألماني أول من طرح هذه الفكرة في البلاد، حيث حث جورج فريدريخس، رئيس أكبر شركة غاز إقليمية في ألمانيا، مواطني بلاده على قضاء وقت أقل في الحمام، من أجل تقليل استهلاك الطاقة.
ونقلت صحيفة Berliner Zeitung عن فريدريخس قوله: "يتعلق الأمر أكثر بتقليل وقت الاستحمام، لأن ما يقرب من 20% من الحرارة مطلوبة لتسخين المياه. لذلك، من الأفضل تقليل وقت الاستحمام والاغتسال وغسل اليدين".
وقبل شهرين، أعطى وزير الاقتصاد روبرت هابيك إشارة البداية في ألمانيا لتوفير الطاقة وأقسم للسكان بأن فصلي الخريف والشتاء قد يكونان أصعب، ووجه نداء قائلا: تقليل الاستحمام، خفض درجة حرارة التدفئة وعدم استخدام مكيفات الهواء، وأن يكون الاستحمام لمدة خمس دقائق كحد أقصى، ويفضل أن يكون ذلك باستخدام رأس دش موفر للمياه.
ورغم أن الاستحمام برز مؤخرا كأزمة كبيرة في ألمانيا إلا أن مقترح المنشفة المبللة كان القشة التي قسمت ظهر البعير، حيث انفجر غضب برلماني من المقترح، وكان حزب اليسار المعارض أول من تفاعل مع المقترح، حيث قال يان كورتي رئيس كتلة الحزب في البرلمان الاتحادي: "لم يتمكن الخضر حتى من تمديد العمل بتذكرة 9 يورو للنقل العمومي بسبب أدائهم الضعيف في الحكومة الفيدرالية، لكنهم يخرجون بنصائح ذكية واحدة تلو الأخرى" .
ورد نواب البوندستاج بحدة على اقتراح رئيس وزراء ولاية بادن فورتمبيرج، وينفريد كريتشمان، وحسب صحيفة “بيلد” الألمانية، قال نائب رئيس البرلمان، وولفجانج كوبيكي، ممثل الحزب الديمقراطي الحر لألمانيا، إن “كريتشمان ورفاقه يعملون على الانحدار الحضاري"، وشدد على أنه "إذا وضعت الدولة قواعد النظافة الشخصية، فإننا قد وصلنا إلى القاع”.
وانتقدت عضوة البرلمان عن الحزب الديمقراطي المسيحي، ماريا لينا فايس، الاقتراح، مشيرة إلى أن نصائح "حزب الخضر" المستمرة حول كيفية الاستحمام لن تساعد في التعامل مع أزمة الطاقة.
وأضافت أنه "بدلا من التدابير المقترحة، هناك حاجة لاتخاذ قرار في الوقت المناسب لمواصلة تشغيل محطات الطاقة النووية".
وتتوقع ألمانيا أزمة طاقة عنيفة في الشتاء بسبب توقف محتمل لإمدادات الغاز الروسي، وحث وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، ورئيس وكالة الشبكة الفيدرالية، كلاوس مولر، المواطنين مرارًا وتكرارًا على تقليل استهلاك الكهرباء من أجل توفير المال.
وامتدت حالة السخرية من المقترح بعدم الاستحمام لمواقع التواصل الاجتماعى، حيث رصدت "DW" تفاعل المواطنين، ونشر أحد المواطنين على حسابه في تويتر صورة لمنشفة وقال متهكما بأنه جرب مقترح استخدامها بدل الاستحمام، وطالب من متابعي حسابه الكف عن الإزعاج!
واعتبر مغرد آخر مقترح رئيس وزراء ولاية بادن فورتمبيرج، بأنه لا يليق بدولة صناعية في حجم ألمانيا. وذهب ذات الشخص بعيدا في انتقاده للمقترح وقال إن حزب الخضر ليس مؤهلا للمشاركة في الحكومة الفيديرالية ولا في الحكومات المحلية.
وفى نهاية يوليو بدأت العاصمة برلين إطفاء إنارة العديد من معالمها الأثرية ومبانيها التاريخية، وتخطط المدينة لعدم إضاءة حوالى 200 مبنى بما فى ذلك عمود النصر وقصر شارلوتنبورج ومبنى البلدية فى الليل وبالتالى توفير استخدام حوالى 1400 مصباح كشاف.
كما أعلن رئيس الدولة فرانك فالتر شتاينماير، أنه باستثناء المناسبات الخاصة فإن مقر إقامته الرسمى فى برلين قصر بلفيو لن يُضاء فى الليل.