أثارت تصريحات الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم، التي تحدث عنها خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، أمس الثلاثاء، بشأن حوكمة مجموعات التقوية بالمدارس "مجموعات الدعم" وحوكمة مراكز الدروس الخصوصية بترخيصها من وزارة التربية والتعليم بمعايير منضبطة، أزمة كبيرة وانقساماً بين أعضاء مجلس النواب، ما بين مؤيد ومعارض، حيث أكد قائلاً: "أعلم جيدا أن الدروس الخصوصية تضع على كاهل الأسر المصرية، وبتجهد الأسر بنحو 47 مليار جنيه، لا الدولة ولا الوزارة شايفاها".
وتطرق وزير التعليم إلى أنه عرض على رئيس الوزراء ملف مراكز الدروس الخصوصية واتفقا على ترخيص هذه المراكز وترخيص المعلم بهذه المراكز حتى نضمن لأولادنا بيئة آمنة وتكلفة معقولة والدولة تأخد حقها، مطالبا المجلس بمساعدته".
جاءت آراء أعضاء مجلس النواب، متباينة ما بين مؤيد ومعارض في هذا الملف، حيث يتسأل البعض كيف يمكن تقنين وضع الدروس الخصوصية التي تزيد الفجوة بين الطالب والمدرسة، في حين يرى الفريق الأخر أن الحلول التي اقترحها الوزير تعد حلا واقعيا ويسهم في الاستفادة من هذه المراكز التي تعمل بمنأى عن الدولة.
واتفق النائب أحمد مهنى، عضو مجلس النواب، مع قرارات الوزير الأخيرة بتقنين أوضاع الدروس الخصوصية، قائلا: "ياريت نبطل ندفن رؤوسنا بالرمال ونتأكد أن مفيش حل غير أننا قدام مشكلة بقالها سنين بدون حلول، وأن تقنين أوضاعها هو الحل الوحيد للاستفادة الحقيقية من هذه التجارة غير الرسمية".
وأوضح عضو مجلس النواب، خلال تصريحات خاصة لـ"برلماني"، أن تقنين مراكز الدروس الخصوصية يساهم في توفير بيئة آمنة وسليمة لطلابنا تحت رقابة محكمة من الوزارة والدولة بكافة الأجهزة المعنية، مشيرا إلى أنه لابد من الرقابة وتقنين أوضاعها، لاسيما أنها تمثل مصدر رزق كبير لكثير من المعلمين، فهى حلقة متكاملة يستفاد منها الكثيرون، لذا فعلينا استغلال هذه التجارة وعدم إهدار أموالاً تقدر بالملايين لصالح خزينة الدولة.
وأشار "مهنى"، إلى أن خلال جائحة كورونا، كان يتم إدارة هذه المراكز بدون رقابة، قائلا: "كان بيستخبوا وفى مدرسين كانوا بيدوا الحصص تحت بير السلم"، مشيرا إلى أن وضع قواعد وآليات عمل معينة تقنن تلك الظاهرة، يجعلنا نحكم السيطرة عليها ونعاقب المخالفين، بدلا من العمل بالخفاء.
في حين اعترض النائب محمود عصام، عضو مجلس النواب، على تصريحات الدكتور رضا حجازى بشأن تقنين مراكز الدروس الخصوصية، موضحا أن الوزير قد اختار الطريق الأسهل والأيسر بدلا من عمل منظومة تعليم متكاملة تسعى لمعالجة أوجه القصور والعيوب التى يعانى منها المناخ التعليمي داخل مصر، مؤكدا أن الجميع يعلم أن المنظومة التعليمية تحتاج إلى إعادة هيكلة من جديد، ولكن ما يقال على تقنين الدروس الخصوصية مجرد "ترقيع" من الوزير.
وأكد "عصام"، خلال تصريحات خاصة لموقع برلماني، أن نظام التعليم في مصر نظام سيئ للغاية ويحتاج إلى إعادة هيكلة، قائلا: "مفيش بلد بالعالم عندها دروس خصوصية"، لافتا إلى أن الوسيلة الوحيدة لاستعادة عافية التعليم المصري هى خلق بيئة تعليمية مفيدة للطلاب تسهم في مساعدتهم على التعلم والفهم، وتسهم أيضا في تفعيل دور المدرسة، وليس خلق بيئة موازية.
وهاجم عضو مجلس النواب، الوزير قائلاً: اللى بيفشل في إعادة هيكلة التعليم في مصر يمشى ونشوف غيره يشتغل، إنما اختيار الطريق السهل لا يعد حلاً".
في حين أكدت النائبة شيرين عليش، عضو مجلس النواب، أنها تقدمت بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي، ووزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور رضا حجازي، بشأن قيام أغلب المعلمين بعدم شرح المناهج التعليمية داخل المدارس الحكومية بمحافظة الإسكندرية، والاعتماد على مجموعات الدروس الخصوصية.
وأكدت عليش، في طلب الإحاطة، أن أولياء الأمور قاموا بدفع مصروفات المدارس بشكل كامل من أجل أن يتعلم أبناؤهم داخل المدرسة، ولكن في المقابل هناك تكرار لغياب المعلمين عن الحصص الدراسية، بجانب قيام البعض الآخر بعدم الشرح داخل الفصول والاعتماد على الدروس الخصوصية مما يجبر الطلاب على تلك الدروس.
وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أنه في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة والتي نعيشها الآن، تجد أولياء الأمور غير قادرين على إعطاء أبنائهم للدروس الخصوصية في ظل ارتفاع أسعار الدروس من قبل المعلمين، بجانب ارتفاع تكلفة المعيشة للأسرة وأصبحوا يوفرون متطلباتهم اليومية بشكل صعب.
وطالبت عليش، وزارة التربية والتعليم بتشديد الرقابة على المدارس من قبل أجهزة التفتيش التابعة لها، ومراقبة سير العملية التعليمية وقيام المعلمين بالحضور والشرح الوافي للمناهج داخل المدارس الحكومية.
وأوضحت النائبة أن المنظومة التعليمية تحظى باهتمام كبير، وهذا يعود إلى أهمية التعليم في بناء الشعوب؛ مما يستوجب ترجمة هذا الاهتمام على أرض الواقع ومتابعة الوزارة بشكل دوري، وهناك أولياء الأمور تقدموا بالعديد من الشكاوى بسبب عدم وجود مدرسين في الفصول، لكن دون جدوى.
ولفتت النائبة إلى ضرورة إنهاء ظاهرة الدروس الخصوصية التي تحاربها الدولة من سنوات، والتي أجبرت التلاميذ بالعزوف عن الذهاب إلى مختلف المدارس بالتعليم قبل الجامعي، موضحا أن الهدف الرئيسي من التطوير والتحديث للمنظومة التعليمية هو القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، لكن الواقع أدى إلى انتشارها بشكل أكبر فأصبحت تشكل عبئا كبيرا على أولياء الأمور.