التحول نحو الأخضر، ليس مجرد شعاراً يُردد، إنما هو عقيدة تتبناها الدولة المصرية فى ضوء توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، من خلال خطى فاعلة تتحقق على أرض الواقع، إدراكا منها لمخاطر التغيرات المناخية وتبعاتها السلبية على الموارد الاقتصادية.
وفى ظل هذه التوجهات، نرصد الحرص الحكومى فى الحفاظ على المنظومة البيئية وصون الموارد الطبيعى، من خلال استراتيجيات ومبادرات حقيقة تتضمنها خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، ويتجلى فى تضافر جهود كافة الوزارات وأجهزة الدولة لتوفير مقومات التحسين البيئى من منطلق تحقيق الاستدامة البينية، وتنمية الاقتصاد الأخضر.
وتأتى التوجهات الحديثة التى تتبناها خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للعام المالى 2022/2023، لتعكس مدى الإهتمام بمبادرات التحسين البيئى، و تلك الداعمة للنمو الأخضر المستدام لتشكل استثماراتها نسبة تتراوح بين 35% و40% من إجمالى الاستثمار فى عام الخطة، وسط مستهدف أن تصل إلى 50% بحلول عام 2025، و 100% بحلول عام 2030.
وتكشف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المقدمة من وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد إلى البرلمان بغرفتيه (النواب، الشيوخ) عن تبنى الحكومة فى قطاع البيئة والتنمية المستدامة، تشجيع السياحة البيئية، تطبيق معايير الاستدامة البيئية على كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية وفق الإطار الاستراتيجى للتعافى الأخضر، ومبادرات المشروعات الخضراء، فضلا عن تسريع التوجه نحو تعميم الزراعة العضوية، وإقامة الصناعات صديقة البيئة (مثل صناعة السيارات الكهربائية)، والاندماج الصناعى فى سلاسل القيمة العالمية، والتوسع فى إنشاء المراكز اللوجستية و تعزيز التنافسية الدولية لمصر فى مختلف المجالات، تسريع التحول نحو الاقتصاد المعرفى.
الأمر الذى أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى، أمام الشق الرئاسى لأعمال مؤتمر المناخ (كوب 27) بأن مصر تعمل بدأب للإسراع من وتيرة التحول للأخضر من خلال التوسع فى الاعتماد على الطاقة المتجددة والنقل النظيف.
فنجد فى قطاع النقل، تأكيد خطة التنمية للعام الجديد 2022/2023، استهداف التوسع فى مشروعات النقل المتطور، مثل القطار الكهربائى والمونوريل والأوتوبيس الترددى البديل للميكروباص على الطريق الدائرى، وكذا شبكات مترو الأنفاق والسيارات الكهربائية، بالإضافة إلى برنامج تحويل السيارات الحكومية لاستخدام الغاز الطبيعى بدلًا من البنزين.
وتستهدف المبادرات المطروحة فى قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 22% من جملة الطاقة المستخدمة عام 22/23 ثم إلى 25% عام 24/25 ولتقترب من مستهدفات عام 2035 (42%) من خلال التوسع فى مشاريع الطاقة الشمسية ومزارع الرياح لتوليد الكهرباء على غرار محطة بنبان بأسوان للطاقة الشمسية، ومشروع رأس غارب لتشغيل مزارع الرياح، والعمل تشجيع المشروعات التى تقوم بتحويل المخلفات إلى طاقة.
وفى قطاع السياحة تشير الخطة إلى تضمين المبادرات تنشيط السياحة الخضراء فى إطار منظومة الاستدامة البيئية من خلال تحفيز إقامة الفنادق المتوافقة مع البيئة (الفندق البيئى Ecolodge)، على غرار التجارب الناجحة فى منتجعات واحة سيوة ومرسى علم بالبحر الأحمر، ودهب بخليج العقبة، ومن خلال متابعة التزام الشركات والمنشآت بالضوابط البيئية كشرط أساسى لحصولها على شهادات الصلاحية البيئية ولمواصلة العمل.
ويجدر الإشارة هنا إلى مبادرات تحويل المركبات المرخصة سياحيا للعمل بالطاقة الصديقة للبيئة وكذا، إلزام مراكز الغوص بالحصول على العلامة الخضراء، وإلزام كافة المنشآت الفندقية والسياحية فى مدينة شرم الشيخ (كمرحلة أولى) بما يفيد حصولها على شهادة الاعتماد وفقا لاشتراطات الممارسة الخضراء صديقة البيئة.
وفى السياق ذاته، تبرز خطة التنمية تبنى الحكومة لعدة برامج لمكافحة التلوث الصناعى وحماية البيئة، مع التركيز على الصناعات الرشيدة فى استخدامات الطاقة والمياه والموارد الطبيعية، مع دعم الصناعات صدى البيئة، وإعادة تدوير المخلفات واستخدام مياه الصرف الصناعى فضلًا عن التوسع فى إبرام الاتفاقيات الدولية لإنتاج الهيدروجين الأخضر كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، وبتكلفة تقديرية للمرحلة الأولى نحو 4 مليار دولار.
وتشير خطة التنمية إلى المبادرات المطروحة بخطة قطاع الزراعة ومنها التوسع فى الزراعات العضوية، وترشيد استخدام المبيدات الكيماوية والحشرية، وكذا التوسع فى المجازر الآلية لرفع كفاءة الوحدات البيطرية، فضلا عن التوسع فى زراعة الحاصلات المقاومة للجفاف والرطوبة والملوحة وقليلة الاستخدام للمياه، مع التوجه لتقنيات الزراعة الحديثة واستنباط سلالات أصناف جديدة مبكرة النضج، فيما تتضمن مبادرات قطاع الموارد المائية، التوسع فى نظام الرى الحقلى الحديث واستخدام نظام الرى التبادلى لخطوط الزراعة، والتوسع فى تحلية المياه الجوفية، والتوسع فى مشروعات تخزين مياه الأمطار والسيول، وتحسين جودة شبكات الرى والصرف العام والمغطى، والتوسع فى أعمال التغطية من مصارف وتبطين الترع.