يُعد ملف الاقتصاد الموازى من أهم وأبرز الملفات التى تحظى باهتمام كبير من جانب الحكومات المتعاقبة، من خلال تقديم حزم من الحوافز والتيسيرات والتسهيلات، لتشجيع أصحاب الأعمال على الاندماج فى الاقتصاد الرسمى، سواء من خلال منح قروض ميسرة من البنوك، أو ضرائب مبسطة، ومؤخرا فتحت لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشيوخ، هذا الملف لبحث آليات دمجه فى الاقتصاد الرسمى للدولة، من خلال الاستراتيجية التى تقدم بها المهندس أحمد أبو هشيمة، رئيس لجنة الشباب بالشيوخ، لدمج الاقتصاد غير الرسمى.
ومن جانبه أكد المهندس حازم الجندى، عضو مجلس الشيوخ، ومساعد رئيس حزب الوفد، على ضرورة دمج الاقتصاد الموازى (غير الرسمي) فى الاقتصاد الرسمى، مشيرا إلى أنه من أبرز القضايا التى تواجه الاقتصاد المصرى، وقد سعت الحكومات المتعاقبة على دمج أكبر عدد من الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية تحت مظلة الاقتصاد الرسمى لزيادة الحصيلة الضريبية ومن ثم الناتج المحلى الإجمالى، إلا أن هذه المحاولات لم تؤتى ثمارها، حيث يصل حجم الاقتصاد الموازى 55% من حجم اقتصاد مصر الرسمى، وهى أنشطة غير مرخصة وغير مسجلة ضريبيا.
وقال الجندى، إن مجلس الشيوخ ناقش استراتيجية كاملة عن الاقتصاد غير الرسمى فى مصر، تقدم بها المهندس أحمد أبو هشيمة، رئيس لجنة الشباب بمجلس الشيوخ، تضمنت طرح آليات متعددة لدمج الاقتصاد غير الرسمى بكل أشكاله والاستفادة منه، موجها الشكر لرئيس اللجنة على هذا الجهد ومؤكدا أنها تحل كثير من المعوقات التى تواجه الشباب فى مشروعاتهم الصغيرة خاصة أنها أيضا تضمنت عدد من الحوافز لتشجيع المواطنين على الاندماج فى الاقتصاد الرسمى، مؤكدا على أهمية فتح هذا الملف فى هذا التوقيت الذى تسعى فيه الدولة المصرية نحو زيادة الإيرادات الضريبية، وإجمالى الناتج المحلى، فى ظل اتساع ظاهرة اقتصاد الظل أو الاقتصاد الخفى كما يفضل البعض تسميته، والذى يمارسه أفراد أو مجموعات وغير مسجل لدى الدولة.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن الاقتصاد غير الرسمى هو ظاهرة واسعة الانتشار فى كل دول العالم بلا استثناء، ويعمل جنبا إلى جنب مع الاقتصاد الرسمى ويوفر فرص عمل للكثيرين، ولكن تقل نسبته إلى حجم الاقتصاد الرسمى فى الدول الصناعية المتقدمة، وتزيد فى الدول الصاعدة والنامية، وتشير بيانات منظمة العمل الدولية إلى أن حوالى مليارى عامل، أى نحو 60% من قوة العمل فى العالم، ممن فى عمر 15 سنة فما فوق، يعملون فى الاقتصاد غير الرسمى.
نوه الجندى، إلى أن صندوق النقد الدولى أجرى دراسات شملت 158 دولة خلال فترة 25 عاما فى الفترة من 1991 إلى 2015، أظهرت أن متوسط حجم الاقتصاد غير الرسمى فى هذه الدول يبلغ نحو 32.5% من الناتج المحلى الإجمالى بالاقتصاد الرسمى لها، لافتا إلى أنه على مستوى الدول العربية، تشير البيانات إلى أن متوسط نسبة الاقتصاد غير الرسمى فى كل من مصر والمغرب ولبنان والجزائر هو الأكبر نسبيًّا؛ حيث يبلغ 34.3%، 34.1%، 31.6%، 30.9% على الترتيب.
وأضاف: "على الرغم من تباين تقديرات المحللين والخبراء عن قيمة الاقتصاد غير الرسمى فى مصر، فإن الدراسة التى أعدتها لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية فى نهاية عام 2018 قد قدرت حجم الاقتصاد غير الرسمى بأعلى نسبة بلغت 60% من حجم الناتج فى الاقتصاد الرسمي"، موضحا أن الاقتصاد غير الرسمى يساهم فى الناتج المحلى الإجمالى، حسب تقديرات حكومية بما يعادل نحو 40%، بنحو 2.6 تريليون جنيه من ناتج الاقتصاد الرسمى، البالغ 6.4 تريليونات جنيه لعام 2020/2021، كما يستوعب هذا القطاع نحو 50% من قوة العمل البالغة نحو 29.3 مليون فرد.
وأكد الجندى، أن الأرقام الرسمية فى مصر بشأن حجم الاقتصاد غير الرسمى لم تتغير منذ سنوات، وهو ما يشير إلى أن جهود الحكومات المتعاقبة لم تنجح فى جذب من يعملون خارج الاقتصاد الرسمى للانضمام إليه، مشددا على ضرورة إعداد قاعدة بيانات شاملة لتوفير حزمة من الحوافز والتشريعات وخلق وكالات تمثل هؤلاء الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الذين يعملون بعيدًا عن رصد الدولة لنشاطهم الاقتصادى، فضلًا عن إزالة جميع المعوقات التى تقف أمام جهود الدولة لاحتواء هذه الظاهرة الخطيرة.
وبدوره طالب النائب محمد المنزلاوى، وكيل لجنة الصناعة والتجارة بمجلس الشيوخ، الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ووزراء المالية والتجارة والصناعة والتنمية المحلية، الإسراع فى دراسة جميع المشكلات والعراقيل التى أدت إلى فشل جميع الحكومات السابقة فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى.
كما طالب المنزلاوى، الحكومة بمنح المزيد من الحوافز التشجيعية لمساعدة أصحاب مختلف المشروعات بالاقتصاد غير الرسمى للانضمام للاقتصاد الرسمى، خاصة أن الإحصائيات تشير إلى أن الاقتصاد غير الرسمى يمثل نحو 40% من الاقتصاد المصرى، وأن حجم العجز بالموازنة العامة للدولة يبلغ نحو 475 مليار جنيه، موضحاً أن نجاح الحكومة فى دمج وضم هذا الاقتصاد بحوافز جديدة ولتكن من خلال منحه الإعفاء من كافة الرسوم والضرائب والجمارك لعدة سنوات، لأن ذلك الأمر سيوفر على الأقل نحو 400 مليار جنيه سنويا للدولة.
وأكد، أن أصحاب المشروعات بالاقتصاد غير الرسمى فى مختلف المشروعات الصناعية والزراعية والحرفية وغيرها يتخوفون من فرض ضرائب ورسوم كبيرة عليهم حال انضمامهم للاقتصاد الرسمى، ولذلك يجب على الحكومة أن تعلن أن هدفها الرئيسى من دمج هذه المشروعات فى الاقتصاد الرسمى منح المزيد من الحوافز والتسهيلات، وفى مقدمتها الإعفاءات من الضرائب والرسوم والجمارك لعدة سنوات، وتوصيل المرافق الأساسية لهم من مياه وكهرباء وغاز وبشروط ميسرة للغاية لأصحاب هذه المشروعات مع دعم منتجاتهم ودعم صادراتهم وتسويق منتجاتهم داخلياً وخارحياً، ومشاركتهم فى مختلف المعارض الداخلية والخارجية.