يعتبر الأرز من المحاصيل الاستراتيجية التى تحقق فيها الدولة المصرية الاكتفاء الذاتى، إلا أنه خلال الأسابيع الماضية شهدت أسعار الأرز بالأسواق ارتفاعا غير مسبوقا، بالإضافة إلى اختفاء بعض الأصناف، الأمر الذى يثير التساؤلات حول أسباب الأزمة، فى ظل تأكيد وزارتى الزراعة والتموين على أن محصول مصر من الأرز يكفى المواطنين لمدة عام، وهو ما أثار اهتمام عدد من أعضاء مجلس النواب.
وتقدم الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه إلى وزيرى التموين والتجارة الداخلية، والزراعة واستصلاح الأراضى بشأن مواجهة جشع التجار الذين يتعمدون إخفاء الأرز من الأسواق بعد تسعيره من جانب وزارة التموين، وتوضيح حقيقة تراجع إنتاج الأرز بسبب تقليص المساحات المزروعة.
وقال محسب، فى طلبه، إن الأرز يعتبر من المحاصيل الاستراتيجية للدولة المصرية، فهو طبق أساسى على موائد المصريين، ويعتبر من المحاصيل التى تحقق فيها مصر اكتفاءا ذاتيا، حيث يلبى الإنتاج المحلى حاجة الشعب المصرى، لكن خلال الأيام الماضية ارتفعت أسعاره بشكل مبالغ فيه وغير مبرر، بالإضافة إلى اختفاء بعض الأصناف من السوق.
وأضاف محسب، أنه تلقى شكاوى من المواطنين فى هذا الشأن، مشيرا إلى اختفاء الأرز من المتاجر، بعد إعلان وزارة التموين عن تسعيره بـ 12 جنيه للسائب، و15 للمعبأ، وعلى الرغم من وجود غرامة تبدأ من 100 ألف جنيه وتصل إلى 5 ملايين جنيه لمن يحاول إخفاء سلعة من السوق، إلا أن ذلك لم يحقق الردع اللازم للتجار الذى يحاولون خلق أزمة من أجل تحقيق أرباحا إضافية على حساب المواطن البسيط الذى أصبح محملاء بالأعباء.
وأوضح عضو مجلس النواب، أنه على الرغم من قرار السعر الإلزامى للأرز، الذى بدأ تنفيذه فى مطلع سبتمبر الماضى، بعد نشر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 66 لعام 2022، إلا أن الأرز زاد سعره بعد القرار أيضا، قبل أن تشهد بعض الأصناف اختفاء من الأسواق، فيما وصل سعر كيلو الأرز فى بعض المناطق إلى 22 جنيه وهى زيادة كبيرة لا يمكن للمواطن تحملها فى سلعة أساسية لا يمكن التخلى أو الاستغناء عنها.
وتابع النائب: "كما استغلت بعض المصانع قرار الحكومة الذى حدد سعر بيع كيلو الأرز المعبأ بـ 15جنيه، دون تحديد شروط التعبئة، أو توضيح لمواصفات المنتج، فى تعبأة الأرز ذات الجودة المنخفضة أو ما يطلق عليه بالفرز الثالث، وبيعه بالسعر المحدد من الحكومة بـ 15 جنيه، رغم عدم جودته".
وطالب محسب، الحكومة بالتحرك السريع لتشديد الرقابة على الأسواق، وملاحقة التجار الذين يقومون بإخفاء الأرز من الأٍسواق من أجل خلق أزمة، بالإضافة إلى توضيح ما إذا كان هناك تراجعا فى إنتاج الأرز هذا العام، لافتا إلى وجود تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية توقع انخفاض إنتاج مصر من الأرز فى موسم 2021/2022 بنسبة تصل لـ28% مقارنة بالعام الماضى، وتوقع أن يكون 3.19 مليون طن، مقابل 4.4 مليون طن في 2020/2021، وقال التقرير إن هذا الانخفاض سببه تقلص المساحة المنزرعة من الأرز.
واستطرد: "هناك 9 محافظات فى مصر مصرح لها بزراعة الأرز فى عام 2022، وهى محافظات الإسكندرية والبحيرة والغربية وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط والشرقية والإسماعيلية وبورسعيد. وتبلغ إجمالى المساحة المصرح بها 724 ألف و200 فدان فى مصر، وتقوم أجهزة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بتوزيع المساحات المصرح بزراعتها على جمعيات وأحواض زراعية، كما تحدد أسماء ومساحات من صرح لهم بزراعة الأرز، وترسل تلك المعلومات للإدارات العامة للرى. وهذه المساحة تقلصت عبر سنوات بعدما كانت تصل لنحو مليون ونصف المليون فدان، وهو ما يتطلب توضيح حول حقيقة المساحة المزروعة وهل تلبى احتياجات الشعب المصرى من السلعة أم لا؟.
وأشار، إلى أن الحكومة المصرية كانت قد ألزمت المزارعين بتوريد طن أرز شعير عن كل فدان، ما يعادل نسبة 25% من الإنتاج، وتغريم الممتنعين بعقوبات مالية، وحرمان من الدعم، وذلك بهدف تأمين مخزون استراتيجى كاف للحكومة من السلعة التى يتناولها المصريون على موائدهم، وتستهدف وزارة التموين والتجارة الداخلية توريد مليون ونصف المليون من أرز الشعير من المزارعين.
وشدد النائب أيمن محسب، على ضرورة تفعيل حظر تصدير الإنتاج المحلى من الأرز خلال الموسم الحالى، والتعاقد على استيراد كميات من أرز الشعير رفيع الحبة، لإجبار التجار على الإفراج عن كميات الأرز التى يقومون بتخزينها لتعطيش السوق، وزيادة كميات الأرز المعروضة عبر منافذ وزارتى التموين والزراعة ومنافذ القوات المسلحة والشرطة لتوفيرها للمواطنين بأسعارها الرسمية، وتشديد الرقابة على الأسواق لمواجهة جشع التجار، حتى لا تتفاقم الأزمة.
وأيضا تقدم الدكتور هشام حسين، أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، بطلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء، ووزير التموين والتجارة الداخلية، بشأن وجود أزمة فى محصول الأرز بالأسواق، أدى إلى ارتفاع سعره بسبب نقص المعروض على الرغم من تحديد سعره من جانب وزارة التموين.
وأشار النائب، إلى أنه يشهد سوق الأرز حالة من الاضطراب، قائلا: فعلى الرغم من تحديد أسعاره للمستهلك بواقع 12 جنيها لـ"السايب" و15 جنيه للمعبأ، إلا أن هناك نقصا فى المعروض بالسوق، مما أدى لارتفاع سعره مرة أخرى، على الرغم من القرار الوزارى.
وأوضح هشام حسين، فى طلب الإحاطة، أن السبب يرجع إلى أن بعض المضارب توقفت عن العمل خوفا من التعرض لحملات التفتيش من وزارة التموين ومواجهة تهمة "الاحتكار"، خصوصا أن عددا كبيرا منهم تعرض لتحرير محاضر.
ولفت النائب، إلى أنه على الرغم من إعلان وزير التموين فى وقت سابق عن حل الأزمة، إلا أن المشكلة ما زالت قائمة على أرض الواقع، خصوصا أن الحكومة تسعى للحصول على طن المحصول من المضارب بأقل من سعره الذى يحصلون عليه من الفلاح، وهو ما يمثل خسارة كبيرة لأصحاب المضارب.
وقال عضو مجلس النواب: "هذا التخوف لدى بعض أصحاب المضارب، دفعهم للتوقف عن الإنتاج، وهو ما يؤثر أيضا على حجم العمالة فى هذه المضارب، لاسيما وأن عددها يقترب من 1500 مضرب".
وأكد، أن عدم وضع حل واضح يرضى جميع الأطراف، تسبب فى قلة المعروض فى الأسواق، وبالتالى تم رفع الأسعار مرة أخرى، على عكس السعر المقرر فى وقت سابق من وزارة التموين والتجارة الداخلية.
ولفت، إلى أن موقف بعض أصحاب المضارب يأتى رفضا لقرار الوزير بوضع سعر الأرز، بما يتعارض مع سياسة السوق الحر من ناحية، وبشأن وجود فارق كبير بين تكاليف زراعة وبيع المحصول الأستراتيجى من ناحية أخرى، بما يعرض المزارعين لخسائر وعدم تغطية تكاليف الإنتاج.
وطالب عضو مجلس النواب، الحكومة ممثلة فى وزارة التموين بضرورة دراسة الأزمة بشكل واضح، ووضع الحلول اللازمة لها، مشددا على ضرورة الاستماع لجميع وجهات النظر بما يضمن حقوق كافة الأطراف، وفى الأساس توفير السلعة بسعر مناسب للمواطنين.
وبدوره جدد النائب محمد عبد الله زين الدين، عضو مجلس النواب، أمين حزب مستقبل وطن بمحافظة البحيرة، مطالبة رئيس مجلس الوزراء بسرعة التدخل لحل أزمة ارتفاع سعر الأرز ومعاناة أصحاب المضارب.
وأكد النائب، أنه على الرغم من اقتراب انتهاء موسم المحصول، إلا أن ما تم اتخاذه من إجراءات للتعامل مع موسم الأرز هو الذى تسبب فى الأزمة.
وقال: "قاربنا على نهاية موسم الحصاد ولا يوجد أرز فى الأسواق بسبب سياسة وزارة التموين الخاطئة فى تسويق المحصول وتوفيره للمواطنين".
وأوضح عضو مجلس النواب، أن حجم إنتاج مصر من الأرز نحو 6 ملايين طن، ما يغطى احتياجات السوق المحلى على مدار العام، إلا أن ماقامت به وزارة التموين من إجراءات أدى إلى ارتفاع الأسعار وعدم توافره.
وتساءل زين الدين: "هل من المنطق أن تحدد وزارة التموين سعر توريد طن الأرز بـ6700 جنيه فى حين أن التجار تتسلمه من المزارع بـ9000 جنيه؟، مؤكدا أن ذلك دفع المزارعين يلجأون للتجار ويمتنعون عن التوريد للحكومة".
وواصل زين الدين تساؤلاته: "كيف يمكن لصاحب المضرب أن يتسلم طن الأرز الشعير من المزارعين بسعر الطن 9 آلاف جنيه ثم يقوم بتوريده للحكومة بسعر 6700 جنيه وفقا لقرار وزير التموين؟".
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن هذه الأزمة خلقت طرفا ثالثا فى السوق وهو المورد الذى أصبح يحقق أرباحا بدون رأس مال ويحقق ربح أكتر من 2000 جنيه للطن الواحد، قائلا: لأن أى سلع يتم دعمها للأسف يدخل فيها طرف تالث يستغلها وأصبح الخاسر الأول من تلك المنظومة هو المستهلك.
وأكد محمد زين الدين، أن تلك المشكلة تهدد أصحاب المضارب وتشرد العاملين بها والذين يبلغ عددهم أكثر من مليون مواطن على مستوى الجمهورية يعملون فى 1500 مضرب.
وشدد النائب، على ضرورة التدخل لحل الأزمة والاستماع لأصحاب الشأن لوضع الحلول المناسبة، مطالبا بأن يتم ترك الأمر لآليات السوق الحر "العرض والطلب"، وهو ما سيكون كفيلا لحل المشكلة وخفض الأسعار.