الجمعة، 22 نوفمبر 2024 03:35 م

فضيحة "كايلى" تٌطيح بسمعة البرلمان الأوروبى.. قضية فساد كُبرى تكشف تبنى المجلس قرارات لصالح جماعات بعينها بالـ"رشاوى".. والشفافية الدولية: ثقافة الإفلات من العقاب راسخة لدى النواب الأوروبيين

فضيحة "كايلى" تٌطيح بسمعة البرلمان الأوروبى.. قضية فساد كُبرى تكشف تبنى المجلس قرارات لصالح جماعات بعينها بالـ"رشاوى".. والشفافية الدولية: ثقافة الإفلات من العقاب راسخة لدى النواب الأوروبيين نائبة البرلمان الأوروبى المتهمة بالرشوة
الأربعاء، 21 ديسمبر 2022 06:00 م

لسنوات طوال نصب البرلمان الأوروبى نفسه حكما على دول العالم، وراح يوزع اتهاماته جزافا يمينا ويسارا، فهذه راعية للإرهاب، وتلك منتهكة لحقوق الانسان، وثالثة لديها معتقلى رأى، وغيرها من الاتهامات التى شوهت سمعة أنظمة ودولا بأكملها، ولأن تلك الاتهامات خرجت من البرلمان الأوروبى راعى الحرية والديمقراطية فى العالم فكلامه ثقة للجميع، ومهما ساقت الدول أدلتها لدحض تلك الاتهامات لا حياة لمن تنادى.

 

 

ولكن تأثير تلك الاتهامات التى كانت تخرج عن البرلمان الأوروبى وبقية منظمات الاتحاد بالقارة العجوز تغير تماما منذ يوم الجمعة الماضية، فمنتصف شهر ديسمبر الجارى هو تاريخ فارق فى مسيرة تلك المنظمة، وما قبله لن يكون أبدا مساويا لما يأتى فيما بعد.

 

فيوم الجمعة الماضية تعرض الاتحاد الأوروبى بأكمله لفضيحة هزت جميع منظماته، عندما كشفت السلطات البلجيكية عن فضيحة فساد مدوية داخل البرلمان الأوروبى، وتم توقيف نائبة رئيسة البرلمان إيفا كايلى بعد اتهامها بالفساد، إلى جانب 4 أشخاص آخرين بالمؤسسة التشريعية، بتهم فساد وتلقى رشاوى من بعض الدول للتأثير على القرار الأوروبى لصالحها.

 

 

ما حدث صدمة كبيرة فى التكتل أضر بسمعة الاتحاد الذى يٌنظر له على أنه أكبر مؤسسة اقتصادية وسياسية فى العالم، والذى يعتبر نفسه حالة من النزاهة والشفافية ويحارب الفساد، أصبح الأن فى جبينه وصمة عار وخدشت صورته خاصة فيما يتعلق بمحاربته للفساد، فكيف يمكن لقاضى أن يحكم فى قضية هو نفسه متهما بها، وعلى مرأى ومسمع من الجميع أخرجت الشرطة البلجيكية ملايين اليوروهات من داخل منازل أعضاء البرلمان الأوروبى.

 

منظمة الشفافية الدولية قالت إن ما حصل "ليس حدثًا معزولًا" فمنذ عقود عدة، سمح البرلمان بنمو ثقافة الإفلات من العقاب"، وكما قال ميشيل فان هولتن مدير مكتب منظمة الشفافية الدولية فى بروكسل فإن الكثيرون فى البرلمان يعتبرون أنفسهم محصنين ويعتقدون أن القواعد العادية لا تنطبق عليهم.

 

الشفافية الدولية
 

ويرى هولتن أن البرلمان الأوروبى قد عزز على مدى عقود "ثقافة الإفلات من العقاب، من خلال مزيج من الضوابط المالية المتراخية والافتقار التام للرقابة الأخلاقية المستقلة"، وأضاف: "أى محاولة لتحسين المساءلة يعرقلها مكتب البرلمان، بموافقة غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي".

 

وهذه التهم تأتى على الرغم من وجود مدونة السلوك بالبرلمان، والتى تفرض على أعضاء البرلمان الأوروبى الإفصاح عن مصادر الدخل الأخرى وعدم قبول الهدايا أو المزايا التى تزيد قيمتها على 150 يوروهاً، لكن هذا لا ينطبق على السفريات أو الإقامات أو النفقات التى تتحملها أطراف ثالثة.

 

يورو
 

أما سجلات الهدايا، التى تُلزم أعضاء البرلمان الأوروبى بالإفصاح عن الهدايا التى يتلقونها بصفتهم الرسمية. وأفصح ثمانية فقط من أعضاء البرلمان الأوروبى عن 46 هدية حصلوا عليها منذ عام 2019، وفى الدورة البرلمانية السابقة التى استمرت خمس سنوات أفصح 15 عضواً فقط عن 57 هدية.

 

وفيما يتعلق بالرحلات، يجب على المشرعين الإفصاح عما إذا كانت دول أخرى ستتحمل تكلفة الرحلات، لكن هناك استثناءات مثل الرحلات التى تتحمل تكلفتها "الأحزاب والمؤسسات السياسية".

 

ولم تكن هذه الواقعة الأولى بل سبقتها وقائع عديدة، ففى العام 2008، اندلعت فضيحة كبرى عندما أفادت عن إساءة استخدام واسعة النطاق للمخصصات المدفوعة لأزواج أو أطفال أعضاء البرلمان الأوروبى مقابل وظائف وهمية أو من خلال الشركات العائلية، وبالإضافة الأجور والامتيازات المادية الكبيرة، حصل أكثر من ربع أعضاء البرلمان الأوروبى فى العام الماضى على وظائف ثانية، وصل مجموع رواتبها بحسب بعض التقارير إلى 11.5 مليون يورو.

 

وبموجب نظام "التنظيم الذاتي" فى البرلمان، لم يتم معاقبة أى عضو من أعضاء البرلمان منذ العام 2016 على الرغم من الانتهاكات الصارخة للقواعد التى تم الكشف عنها علنًا.

 

والآن وبعد فضيحة فساد البرلمان الأوروبى ونوابه، أسئلة عديدة تبحث عن إجابات، هل يحق لهذه المؤسسة أن تحكم على حكومات دولا آخرى، وهل سيسمح لها المجتمع الدولى بممارسة الضغط على الدول الخارجية، هل من حقه أن يكون واعظا لغيره فيما هو متهم به، وكيف سيصدق المجتمع الدولى اتهامات البرلمان الأوروبى لدول بعينها فى ظل الكشف عن أن هناك جماعات ضغط دولية على علاقة شخصية بنواب البرلمان، وقد تقدم رشاوى سخية للتأثير على القرار الأوروبى لصالحها.


الأكثر قراءة



print