أصبح لا يمر علينا يوما إلا وخرجت علينا وسائل الإعلام بقضايا الابتزاز الإلكترونى، والتى باتت تهدد الأسرة المصرية بشكل مرعب ومخيف، وأصبح الضحايا يدفعون حياتهم ثمناً لمثل هذه الجرائم، حيث تستهدف السيدات والفتيات بل والأطفال أيضا، والذين يجدون حياتهم فجأة تحولت لجحيم نتيجة لتهديد نفسى ومعنوى عبر شبكة الإنترنت، وتطور الأمر وأصبح الابتزاز يتم كشكل انتقامى بعد انتهاء أى علاقة سواء صداقة أو حب أو حتى زواج، فى محاولة للتشهير وإحراج الضحية أمام الأصدقاء والعائلة.
ومسألة الابتزاز الإلكترونى هو عملية تهديد ووعيد وترهيب للضحية – خاصة الفتيات - بنشر صور أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين، وتعد من الجرائم المستحدثة بفعل التقدم الهائل فى تكنولوجيا المعلومات، حيث يتخذ ضعاف النفوس عملية "الابتزاز الإلكترونى" فى السعى من خلال وسائل التواصل الاجتماعى للحصول على مكاسب مادية أو معنوية عن طريق تهديد "الضحية" بفضح أسرارها أو معلومات خاصة بها مهما كانت وسيلة الحصول على هذه الأسرار والمعلومات.
الإهمال والسذاجة تعرض الفتاة للابتزاز الإلكترونى
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على أخطار تهدد مستقبل "الضحية" نتيجة الإهمال والسذاجة تعرض الفتاة نفسها لكى تكون ضحية ابتزاز إلكترونى، وأكثر صور الابتزاز العملية بأن يقوم الجانى باقتناص وسرقة صور وفيديوهات وبيانات الضحية عن طريق الدخول إلى صفحتها ثم فبركتها أو استدراج الضحية فى مراسلات وأحاديث للحصول على صور ومعلومات لاستخدامها فيما بعد للابتزاز فتنصاع الضحية خوفاً من الفضيحة، والأكثر خطورة أن شبكات التواصل الاجتماعى وبرامج "السوشيال ميديا" خلال الفترة الأخيرة باتت وسيلة لتهديد وابتزاز الكثير من الأبرياء والتشهير بهم، لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة، عبر مساومة الضحية وابتزازها مقابل عدم فضح أسرارها نتيجة اختراق خصوصيتها – بحسب الدكتور عصام أحمد الحمورى المحامى المتخصص فى الجرائم الإلكترونية وقضايا الابتزاز الإلكترونى.
فى البداية – يجب على كل فتاة تتعامل عبر السوشيال ميديا أنها قد تصبح ضحية إبتزاز إلكترونى، وهذا قد يحدث نتيجة تصوير نفسها صور وفيديوهات خاصة، فكثير من الفتيات للأسف لديهم هواية التصوير داخل البيت وفى كثير من الأحيان تكون الصور والفيديوهات هذه بملابس البيت، وفى كثير من الأحيان أيضا تكون صور وفيديوهات جريئة إلى حد ما، وتظن الفتاة عند عمل هذه الفيديوهات وإلتقاط الصور أنها بمأمن وتقوم بالتصوير بأرياحية تامة، لكنها بدون أن تدرى من الممكن أن تصبح ضحية "إبتزاز إلكترونى" إذا تم اختراق تليفونها وسُحبت الصور والفيديوهات من عليه – وفقا لـ"الحمورى".
أين الخطر؟
والخطر يكمن هنا أن هذا المخترق أو "الهاكرز" شخص معترف، وبيشتغل ويعمل على العامل النفسى لدى البنت وخوفها من افتضاح آمرها وانتشار الصور والفيديوهات الخاصة بها ويظل يضغط على البنت وغالبا يستهدف الفتيات تحت 18 سنة، وبالتالى الفتاة تخشى من الاعتراف لأهلها ومصارحتهم ومع تزايد الضغوط والتهديدات بتحصل الكارثة التى لا يحمد عقباها، وبعد ذلك تحدث الكارثة، فالمخترق أهدافه مختلفة، أوقات يطلب مبالغ مالية كبيرة يصعب على الفتاة دفعها وأوقات يطلب علاقة جنسية وفى كثير من الأوقات يطلب من الضحية الذهاب إليه فى منزله – الكلام لـ"الحمورى".
الفتاة فى هذه الحالة تصل لدرجة خوف ورعب من تهديدات وضغوط المبتز، وتسعى لمحاولة معالجة الخطأ بمفردها فيكون بخطأ أكبر ومن الممكن أن تستجيب لطلباته، وتقوم بعمل علاقة جنسية معه، ومن الممكن أن ترسل له صور أكثر جرأة من الأولى بناء على طلبه وممكن ترضخ لطلبه وتذهب لمنزله - ليس ذلك فقط – من الممكن أيضا أن يصل بها الحال للسرقة إذا كان طلب المبتز مبالغ مالية لا تستطيع دفعها أو سدادها، والأخطر من ذلك أن الفتاة قد يصل بها الحال إلى إنهاء حياتها، وتُقدم على الإنتحار هروبا من ضعوط وتهديدات المبتز – هكذا يقول "الحمورى".
ما الحل؟
1- الحد من الصور والفيديوهات الجريئة على الهاتف المحمول.
2- إذا كان لابد من ذلك يتم الاحتفاظ بالصور والفيديوهات فى ملف الخزانة.
3- إخفاء ملف الصور والفيديوهات من الهاتف وهناك أكثر من طريقة .
4- تحميل برنامج إغلاق الملفات بباسورد.
5- وإذا تم اختراق الهاتف، وتم تهديدك بصور وفيديوهات يجب إبلاغ الأسرة فورا، ويتم تحرير بلاغ بمباحث الإنترنت أو البحث عن حل كالاستعانة بأحد المهندسين التقنيين لحذف الصور والفيديوهات من أجهزة المبتز.
رسائل مهمة لتجنب المخاطر
الرسالة الأهم لكل أب وكل أم، لكل أخ وكل أخت، لكل زوج ولكل خطيب، لو لديك شخص تعرض للإبتزاز الإلكترونى بطريقة أو بأخرى لابد من الوقوف بجانبه ومساندته، وتكون سند له، وتعمل على طمأنته، لأن دعمك له يفوت الفرصة على المبتز، لابد من الاقتراب من الأولاد وطمأنتهم بشكل دائم، ونعمل على نزع الخوف من قلوبهم، لابد أن أقوم بتوصيل بنتى أو أختى أو مراتى أو خطيبتى للطمأنينة للإعتراف لك بكل شيء دون أن تكون أنت والمبتز ضدها، لابد من التفكير فى انقاذها بدلا من التفكير فى معاقبتها، لابد من حمايتها من التفكير فى الانتحار، وحمايتها من التفكير فى الاستجابة لطلبات المبتز التى تكون نتائجها أسوء من مجرد خوف من نشر صور أو فيديوهات وأيضا أسوء من نشر الصور والفيديوهات – طبقا لـ"الحمورى".
اقتراح برغبة بإنشاء منصة إلكترونية أو تطبيق محمول للإبلاغ عن جرائم الإنترنت
يشار إلى أنه سبق للنائبة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، أن أعلنت عن تقدمها باقتراح برغبة لكلا من رئيس مجلس الوزراء، ووزيرى الداخلية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بشأن إنشاء منصة إلكترونية أو تطبيق محمول للإبلاغ عن جرائم الإنترنت، باعتبار إن حالات الابتزاز والاحتيال وأحيانا التهديد عبر الإنترنت، انتشرت فى الآونة الأخيرة، وبسبب المضايقات التى يتعرض لها المواطن من قبل مجهولين وحدوث بعض الجرائم الإلكترونية، تم استحداث وحدة لمباحث الإنترنت، تابعة لقطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، التى تعد السلاح الرئيس فى مواجهة الجرائم الإلكترونية التى ترتكب عبر الإنترنت.
وقالت مها عبد الناصر، أنه بالرغم من الطرق المختلفة التى يمكن التبليغ بها عن الجريمة الإلكترونية، إلا أن هناك ضرورة لوجود وسيلة إلكترونية للتبليغ، خصوصا وأن الدولة بأكملها فى طريقها للتحول الرقمى، حيث أن هذا المقترح من شأنه أن يقوم بالتيسير على جميع المواطنين فى مختلف أنحاء الجمهورية، ليتمكنوا من الإبلاغ عن أى جرائم إلكترونية يتعرضوا لها وخصوصا الفتيات والسيدات اللاتى يتعرضن لمثل هذه الجرائم ويجدن بعض الصعوبات فى وسائل الإبلاغ عن الجرائم.
عقوبة الابتزاز الإلكترونى وأركانه وكيفية إثباته فى القانون
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلًا من الأفعال الآتية:
1- الاعتداء على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى.
2- انتهاك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته.
3- نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما فى حكمها تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.
وفقًا لما نصت عليه المادة ( 25 ) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الصادر برقم 175 لسنة 2018، ونصت المادة (26) من القانون ذاته، على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه لا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه".
والابتزاز الإلكترونى، عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو مواد فيلمية أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين، كالإفصاح بمعلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية، وعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الإلكترونى أو وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة كـ الفيس بوك، تويتر وإنستجرام وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعى نظرًا لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع، وتتزايد عمليات الابتزاز الإلكترونى، فى ظل تنامى عدد مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى، والتسارع المشهود فى أعداد برامج المحادثات المختلفة.
وعن عقوبة جريمة الابتزاز الإلكترونى يقول الدكتور عصام الحموري المحامي أن جريمة الابتزاز الالكتروني ليس لها نص خاص بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 وإنما يطبق عليها عقوبة التهديد الواردة في قانون العقوبات المصرى فى المواد 309 مكرر أ ؛ 326 ؛ 327 والتي تصل في بعض الأحيان للسجن مدة خمس عشرة عاما؛ ويختلف النص المنظم لجريمة التهديد باختلاف الفعل المادي المكون للجريمة.
ويضيف "الحمورى": فإذا كان المبتز استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون ؛ التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص في مكان خاص تطبق المادة 309 مكرر أ وفيما عدا ذلك تطبق المادة 327 أما إذا قام المبتز بطلب مبالغ مالية أو أشياء أخري تطبق المادة 326 ؛ ويضيف الحموري أنه عادة ما تُطبق هذه المواد جميعها لتعدد الفعل الإجرامي.
إثبات جريمة الابتزاز
وعن عقوبة جريمة الابتزاز الإلكترونى فقد نص قانون العقوبات المصرى فى المادة 327 على أن: "كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور تخدش الشرف يعاقب بالسجن، وتنخفض إلى الحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب مادى"، كما أن تهديد شخص لآخر بجريمة ضد النفس تصل عقوبتها إلى السجن، مدة لا تتجاوز 3 سنوات، إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب أموال أما اذا كان مصحوبا بطلب مال فقد تصل العقوبة للحبس 7 سنوات.
كى يمكنك إثبات جريمة الابتزاز الإلكترونى لا بدّ من توافر الأدلة والمواثيق التى تدين المبتز وهى المكتوبات أو الصور أو المقاطع المرئية أو الصوتية التى يبتزك بها، ويتم ذلك عن طريق الاحتفاظ بأكثر من نسخة منها فور إرساله لك.
أركان جريمة الابتزاز الإلكترونى
كى يتم إثبات أى جريمة فى أى قانون لا بدّ من توافر عدة أركان لها، وتتمثل أركان جريمة الابتزاز الإلكترونى فيما يلى:
ركن مادى: وهو قيام المبتز بتهديد وتخويف المجنى عليه بفضحه ونشر خصوصيته وانتهاكها عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو الإنترنت عامة، إذا لم يستجب لما يمليه عليه المبتز والتى تكون مطالب غير مشروعة.
ركن معنوى: ويقصد به توافر عنصرى العلم والإرادة فى المبتز، بأن يريد ابتزاز وتخويف الضحية كى تنفذ له ما يريد ويعلم أن هذا الفعل ليس له حق فيه.
توافر الأدلة التى هدد بها المبتز الضحية، وهذا يعد من أهم الأركان فى جريمة الابتزاز الإلكترونى.