تحدياتٍ عِدَّة تواجه اللغة العربية فى الوقت الحالى، فالأمر لا يقتصر فقط على بعض المفردات الغريبة التى تمثل تحديًا كبيرًا على مستقبل لغتنا الجميلة، فهناك عراقيل أخرى تقف حائلًا أمام مصير اللغة العربية خاصة على الأجيال القادمة، مثل انتشار ظاهرة أغانى المهرجانات والأغانى الشعبية التى تحمل كلمات ومفردات قد تقع على مسمعنا لأول مرة، لكنها لم تقتصر على جمل غنائية، بل تحولت إلى مصطلحات ولغة أخرى يتخذها الجيل الجديد كوسيلة للتفاهم والحوار، الأمر الذى يجعل اللغة العربية فى خطر يستلزم وقفة عاجلة للحفاظ عليها من الضياع، لأنها مصدر هويتنا وثقافتنا الأولى.
تناول البرلمان هذا الملف، بعد أن تقدمت النائبة حنان حسنى يشار، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، بطلب إحاطة، إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس المجلس، موجه إلى وزراء الثقافة والتربية والتعليم والتعليم العالى، بشأن التحديات التى تواجه اللغة العربية، وذلك تزامنا مع الاحتفال كل عام خلال الشهر الجارى باللغة العربية، باعتباره الشهر الذى حددته الأمم المتحدة للاحتفاء بلغتنا الجميلة بعد أن وافقت الجمعية العامة للأمم مجتمعة يوم 18 ديسمبر عام 1973 على اعتبار اللغة العربية لغة رسمية داخل أروقة المنظمة الدولية.
وقالت يشار، إنه رغم هذا التنوع الفريد الذى تمتاز به لغتنا العربية الخالدة وفى أصولها، وفى استيعابها كل مكونات العصر ومصطلحاته على جميع أشكالها وألوانها وعلومها، إلا أن هذه اللغة الفريدة تواجه الآن تحديات عديدة معاصرة تحاول أن تنال من شموخها وعرشها وديمومتها، وهذه التحديات قد تكون من صُنع أيدينا أو من مؤثرات تفوق قدراتنا".
وشددت عضو لجنة التعليم بالبرلمان، على أن أكبر التحديات المعاصرة التى باتت تواجه لغتنا هو وجود لغة موازية غريبة أضرت بالعربية أكثر مما أفادتها، واستبدلنا عاميتنا الراقية بعامية جديدة لم نسمع عنها من قبل أنهكت اللغة، فضلًا عن انتشار ما يسمى بـ "أغانى المهرجانات"، وغيرها من الشعبيات الجديدة التى ابتدعت هى الأخرى لهجات ومعانى لم نسمع عنها من قبل.
وأشارت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، خلال طلب الإحاطة، إلى أن السياسة التعليمية المتبعة التعليمية تضع لغتنا الجميلة فى بوتقة العلوم العملية الأخرى وتتعامل معها عبر الفكر التكنولوجى الحديث والمعاصر، مما أفقد اللغة وتعليمها حيويتها المعروفة عنها وحركتها وانسيابيتها، وروعة انطلاقها على الألسنة، ودورها الحقيقى فى إثراء الذائقة الأدبية والنهوض بها".
وأكدت يشار، أن طرق تقييم دارسيها فى مدارسنا وجامعاتنا، تحتاج إلى مراجعة وهو التقييم الذى يتم عبر اختبارات لا تعكس درجة التحصيل الموسوعى الدقيق لفنون اللغة، وأهمها اختبارات الاختيار من متعدد والبابل شيت وغيرها، وهى اختبارات لا يمكن أن تقيس طبيعة التحصيل اللغوى والذوقى والتفاعل بين الطالب ولغته المجيدة.
وطالبت البرلمانية حنان حسنى يشار، بتوحيد جهود الدولة ومجمع اللغة العربية والوزارات المعنية لإنقاذ اللغة العربية من التحديات التى تعيشها والخطر الذى يواجهها ما لم ننتبه لها مبكرًا، للوصول إلى إستراتيجية موحدة للحفاظ على فصحانا العريقة من أزمة وجودية حقيقية تعيشها الآن.
فى حين قالت النائبة منى عمر، عضو لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب، إن اللغة العربية مهددة بالعديد من التحديات، لذا سبق وأن تقدت بمشروع قانون للحفاظ عليها، حيث تناول التشريع عدد من النقاط الهامة التى من شأنها الحفاظ على لغة الضاد من خلال تنفيذ إجراءات عاجلة، لعل أبرزها إلزام القنوات التابعة للدولة بإنتاج أفلام كرتون للأطفال وأعمال درامية باللغة العربية الفصحى، وفى حالة مخالفة ذلك يعاقب المسؤولون عنها بالتوقف عن العمل مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن عامين.
وأشارت النائبة منى عمر، خلال تصريحات خاصة لموقع "برلماني"، إلى أن مشروع القانون تضمن أيضا الزام الجامعات بانشاء مراكز ترجمة الى العربية، لترجمة الكتب الأجنبية، كما نص أيضا على ضرورة تداول الأسماء العربية على مركبات شركات النقل والمصانع والشركات أيضا، وعند مخالفة ذلك يتم فرض غرامة لاتقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد عن 50 ألف جنيه.
كما ألزم القانون وسائل الإعلام الرسمية باستخدام اللغة العربية الفصحى فى برامجها، وعند المخالفة يتم معاقبة القائمين عليها بالوقف لمدة لا تقل عن عام ولا تزيد عن عامين.
كما نصت المادة 23 من القانون الذى تقدمت به النائبة منى عمر، بإلزام المدارس الدولية بتدريس اللغة العربية ضمن المناهج فى كافة المراحل الدراسية على أن يكون النجاح شرط أساسى للانتقال للعام الدراسى التالى.
وحسم مشروع القانون أزمة لغة" الفرانكو"، حيث قالت عضو لجنة الإعلام والثقافة، إن النصوص ألزمت المطاعم والمحلات التجارية باستخدام الغغة العربية بدلا من هذه اللغه وذلك فيما يتعلق بأسماء المحلات والمطاعم وقائمة الطعام وغيرها من المطبوعات.
كما تقدمت النائبة سولاف درويش، عضو مجلس النواب، بمشروع قانون آخر من أجل حماية اللغة العربية فى دور الانعقاد الماضى، مؤكدة أن القانون يستهدف حماية اللغة من غزو اللغات الأجنبية وفرض استعمالها فى مختلف المحافل والفضائيات والمؤسسات الإدارية والتربوية والإعلامية، موضحة أن وضع لغة الضاد فى تدهور نتيجة حرص البعض على تعلم لغات أخرى أجنبية،مؤكدًا أن "لغتنا العربية الجميلة يجب أن تكون السائدة فى الشوارع المصرية".
وأشارت درويش، إلى أن الأزمة الحقيقية تكمن فى أن جهود مجمع اللغة العربية فى الحفاظ على سلامة اللغة غير ملزمة لغيره من الجهات المختلفة، فمشروع القانون المعروض الان يستطيع حماية وتنمية اللغة العربية، خاصة أن معظم خطب ومخاطبات الساسة والمسئولين مليئة بالأخطاء النحوية، فضلاً عن غلبة العامية عليها، وأن اللغة العربية لا تحظى بالاهتمام الذى يليق بها كلغة للقرآن الكريم، وكمعلم أساسى من معالم الهوية الإسلامية.