يبدو أن أزمة جديدة تلوح فى الأفق بين انجلترا واسكتلندا، بعد أن تدخلت حكومة لندن لإبطال قانون جديد أقره البرلمان الاسكتلندى، يخفض العمر الذى يسمح فيه بإجراء عمليات لتغيير الجنس، ما اعتبرته اسكتلندا استمرًارا للوصاية البريطانية عليها وتقييد عمل برلمان إدنبرة.
وقبل يومين بدأت الأزمة عندما رفضت الحكومة البريطانية قانوناً أقره البرلمان الاسكتلندى خلال شهر ديسمبر الماضى، يتيح إمكانية التحول الجنسى، وتم تمريره بأغلبية 86 صوتًا مقابل 39 صوتاً، وقالت حكومة لندن فى نص اعتراضها على القانون أنه بسبب مخاوف تتعلق بتأثيره المحتمل على صعيد قوانين المساواة فى بريطانيا.
وتعد هذه هى المرّة الأولى التى تستخدم فيها لندن سلطاتها الدستورية لمنع قانون فى اسكتلندا، حيث ينصّ قانون اسكتلندا لعام 1998، على نقل بعض السلطات إلى إدنبرة وإنشاء الجمعية الاسكتلندية لكن الكثير من القضايا الدستورية والسياسية لا تزال تحت سيطرة لندن، حيث إن كل ما يتعلق باتحاد البلدين لا يمكن أن يقررها سوى برلمان المملكة المتحدة الذى يجب أن يوافق على منح سلطات للحكومة المفوضة فى اسكتلندا باستخدام (أمر القسم 30) كما حصل حين تمّت الموافقة على استفتاء عام 2014، والذى رفض فيه الاسكتلنديون الاستقلال بنسبة 55%.
وقال وزير اسكتلندا فى الحكومة البريطانية أليستر جاك، إن مشروع قانون المساواة بين الجنسين سيؤثر على تشريعات المساواة فى كافة أرجاء المملكة المتحدة.
من جانبها، استنكرت رئيسة وزراء اسكتلندا وزعيمة الحزب القومى الإسكتلندى نيكولا ستيرجن، قرار لندن، معتبرة أنه هجوم مباشر على البرلمان الاسكتلندى المنتخب ديمقراطيا وعلى قدرته فى اتخاذ قراراته الخاصة.
وقالت ستيرجن فى تغريدة نشرتها على "تويتر": "إن الحكومة الاسكتلندية سوف "تدافع" عن القانون"، مؤكدة استنكارها لما وصفته بـ"فيتو وستمنستر".
وينص القانون الاسكتلندى المرفوض بريطانيا على تخفيض الحد الأدنى للسن الذى يمكن فيه لأى شخص التقدم للحصول على شهادة الاعتراف بالجنس إلى 16 عاماً بدلاً من 18 عاماً، مما يجعله يتماشى مع الحقوق الأخرى للشباب فى اسكتلندا، بما فى ذلك التصويت، كما يقضى القانون بعدم وجود حاجة لتشخيص طبى لاضطراب الهوية الجنسية من أجل الحصول على شهادة الاعتراف بالجنس، ويخفض القانون المدة اللازمة لمقدم الطلب للعيش وفقاً لهويته الجنسية المكتسبة من عامين إلى ثلاثة أشهر.
وتأتى هذه الخطوة لتعقيد المشهد بين لندن وإدنبرة، فى وقت تسعى فيه اسكتلندا جاهدة للحصول على كامل استقلالها من الوصاية البريطانية عليها، وسعى الحكومة لإجراء استفتاء شعبى على الانفصال التام عن التاج البريطانى، وهو الأمر الذى عرقلته منذ شهرين المحكمة العليا فى المملكة المتحدة بمنع البرلمان الإسكتلندى من إجراء استفتاء ثان على الاستقلال.
وخلال العام الماضى كانت قضية استقلال إسكتلندا حاضرة وبقوة على طاولة المسئولين البريطانيين ومجلس العموم، بعد أن تعالى صوت نيكولا ستيرجن رئيسة وزراء اسكتلندا بعزمها تحقيق حلم الاستقلال، مؤكدة إن الاستقلال "أساسى من أجل بناء اقتصاد قادر على تحقيق مصلحة الجميع".
وبموجب قانون أسكتلندا لعام 1998، لا يستطيع البرلمان فى العاصمة إدنبرة أن يمرر أى تشريع مرتبط بالمسائل التى يحتفظ البرلمان البريطانى بحق البَت فيها، بما فى ذلك وحدة المملكة المتحدة، ولم يسبق أن وصلت هذه المسألة إلى المحاكم.
ومنذ أن أصبح الحزب الوطنى الاسكتلندى المؤيد للاستقلال هو الحزب الحاكم للبرلمان المفوض فى عام 2007، وفاز بالأغلبية المطلقة للمقاعد فى الانتخابات البرلمانية الاسكتلندية عام 2011، وهو يسعى بجهد للانفصال.
وبعد تفاوض طويل الأجل مع الحكومة البريطانية تمت الموافقة على اجراء أول استفتاء على الانفصال فى 2014 و سُئل الناخبون: "هل ينبغى لاسكتلندا أن تكون دولة مستقلة؟"، وأجاب 44.7% من الناخبين بـ"نعم"، بينما أجاب 55.3% بـ"لا"، مع نسبة إقبال على التصويت غير مسبوقة بلغت 85%.
وبعد رفض المحكمة العليا البريطانية لإجراء استفتاء ثان، حذرت رئيسة الوزراء من أنها ستستخدم الانتخابات العامة المقبلة كاستفتاء غير رسمى.
وقالت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن :"لكن لنكن صريحين، لا يمكن وصف الشراكة المزعومة التى يُحرم فيها أحد الشركاء من الحق فى اختيار مستقبل مختلف، أو حتى طرح السؤال على نفسه، بأى شكل من الأشكال على أنها تطوعية أو حتى شراكة على الإطلاق".