ملامح صدام وشيك بين أوروبا وإيران قد يؤدى إلى مزيد من الإضرابات العالمية، بعد أن اشتد الخلاف بين الطرفين خلال الساعات الماضية ووصل إلى حد سعى البرلمانات الأوروبية لتصنيف الحرس الثورى الإيراني كمنظمة إرهابية، الأمر الذى قوبل باستهجان إيرانى وتهديد برد رادع.
الدول الأوروبية تعارض قمع الحرس الثورى الايرانى للمظاهرات التي اندلعت في طهران منذ سبتمبر الماضى، وصوت البرلمان الأوروبي لصالح قرار يدعو إلى تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، كما دعا إلى إدراج المرشد، علي خامنئي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والمدعي العام الإيراني على قوائم العقوبات، مطالباً في ذات الوقت بإحالة ملف انتهاكات حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن.
ورغم أن تدهور العلاقات بين أوروبا وإيران بدأ منذ أشهر مع تعثر جهود إحياء المحادثات النووية، ثم قمع الجهات الأمنية للاحتجاجات، إلا أن الأمر ازداد تعقيدا مع احتجاز طهران عدداً من المواطنين الأوروبيين وتوجيه تهم لهم تمس الأمن القومى للبلاد، حيث طالب البرلمان الأوروبي السلطات الإيرانية بوقف دبلوماسية الرهائن والإفراج عن الرعايا الأوروبيين المحتجزين.
وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، إن إعدام المحتجين المطالبين بالحرية في إيران لا يمكن أن يستمر، مشددة أن على إيران وقف قمع المحتجين وإلغاء أحكام الإعدام الصادرة ضدهم.
ودعا البرلمان، الاتحاد الأوروبي إلى إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمته للمنظمات الإرهابية، وفي نص أيدته أغلبية ساحقة من النواب، دان البرلمان الأوروبي "حملة القمع الوحشية التي شنتها إيران، بما في ذلك الحرس الثوري، على المظاهرات التي أعقبت وفاة مهسا أميني، بعد اعتقالها العنيف وإهانتها وإساءة معاملتها من جانب شرطة الأخلاق الإيرانية".
كذلك دعا النص الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية "نظرا لنشاطه الإرهابي وقمع المحتجين وتزويد روسيا بطائرات مسيرة".
ولا يملك البرلمان الأوروبي أي سلطة لإجبار الاتحاد الأوروبي على إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمته للمنظمات الإرهابية، إلا أن العواصم الكبرى لوحت بإمكانية ادراج الحرس الثورى في القريب، كخطوة تصعيدية وتهديدية تجاه طهران.
فخلال الأيام الماضية أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أنها لا تستبعد فكرة إدراج الاتحاد الأوروبي الحرس الثوري الإيراني على "قوائم الإرهاب"، وجاء ذلك بعد يوم من قول ألمانيا إن التحرك ضد الحرس الثوري الإراني سيكون "مهمًا ومنطقيًا" على الصعيد السياسي، فيما كانت بريطانيا تخطط لاتخاذ موقف رسمي من الحرس الثورى الإيرانى، الذى ألقى القبض على سبعة أشخاص على صلة بالمملكة المتحدة مؤخرا.
ونشأ الحرس الثورى الايرانى بعيد العام 1979، كقوة عسكرية عقائدية مهمتها الأساسية حفظ الثورة الإسلامية في إيران، وتوسع دوره على مدى العقود الماضية بشكل جعل منه لاعبا أساسيا في السياسة والاقتصاد، ويعد جزءا من القوات المسلحة الإيرانية، لكنه يتمتع بقوات ذاتية متخصصة برية وبحرية وجوفضائية.
وعلى قدر أهمية الحرس الثورى العسكرية في ايران على قدر الغضب الذى أظهرته كافة الجهات بطهران تجاه الدول الأوروبية، حيث هدد رئيس البرلمان الايرانى محمد باقر قاليباف – الذي كان ينتمى للحرس - بإجراءات مماثلة تجاه الجيوش الأوروبية.
ورأى قاليباف أن "الأعداء ليست لديهم معرفة دقيقة عن الشعب والحرس الثوري، فهم يظنون أن الحرس الثوري هو قوة عسكرية بحتة"، مشددا على أن "الحرس والباسيج جزء من الشعب الايراني".
وشدد على أنه "إذا أراد البرلمان الأوروبي إغلاق نافذة العقلانية والسير في اتجاه الدفاع عن الإرهاب وإلحاق الضرر بالحرس الثوري الإسلامي، فإن مجلس الشورى الإسلامي مستعد للتعامل بحزم مع أي من إجراءاته"، مؤكدا ان الرد سيكون حاسماً على اجراء أوروبا ضد الحرس الثوري.
وقال نواب البرلمان في بيان: "في خطوة غير حكيمة، طلب البرلمان الأوروبي من مجلس أوروبا إدراج مسؤولي بلادنا في قائمة العقوبات مع دعم ومرافقة مثيري الشغب والحركات المعادية لإيران، كما طالب هذا المجلس بإدراج الحرس الثوري الإسلامي والبسيج في قائمة الجماعات الإرهابية لهذا الاتحاد".
وأكد أعضاء البرلمان: "نحن ممثلو الشعب الايراني العظيم نعتبر قرار البرلمان الأوروبي هذا مبنيا على معلومات كاذبة وأحكام خاطئة متأثرا بأهداف سياسية ومعادية لإيران وندين هذا القرار بشدة".
ووصف الاعضاء في هذا البيان، فيلق الحرس الثوري الإسلامي والبسيج بأنهما مؤسستين ولدتا من قلوب الشعب الإيراني، مع حماية المصالح الوطنية لعبتا دورًا دائمًا لا يمكن إنكاره في مكافحة الإرهاب في منطقة غرب آسيا.
وأضاف البيان: "التحرك الأوروبى انتهاكًا للأنظمة الدولية، بما في ذلك قانون منع التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واحترام السيادة للحكومات، وإجراء خطير ومتوتر سيواجه بالتأكيد رد فعل حاسم من المجلس الشوري الإسلامي مما سيكون له عواقب سلبية مع المؤسسات ذات الصلة بالمنظمات العسكرية للاتحاد والدول الأوروبية، وقد وضع مجلس الشوري الاسلامي إجراءات تشريعية مفصلة في هذا المجال ووضعها موضع التنفيذ".