نتائج مهمة توصلت إليها الدراسة المقارنة التى تقدم بها النائب عمرو عزت حجاج، وكيل لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسين، حول أفضلية "سوق الكربون - ضريبة الكربون" وأنسبهم لظروف الدولة المصرية، كأحد الإجراءات فى مواجهة ظاهرة الاحتباس الحرارى، والتى تنظرها لجنة الطاقة والبيئة بالمجلس.
وأكدت الدراسة، أن ظاهرة الاحتباس الحرارى تمثل واحدة من أخطر المشكلات التى تواجه مختلف دول العالم فى الوقت الراهن وذلك ليس فقط لأنها تهدد النشاط الاقتصادى على المستوى القريب، ولكن وهو الأخطر - لإنها تهدد الانسان وقدرته الطبيعية على أداء مختلف نشاطاته على المدى الطويل، كما إنها تهدد البيئة الكونية ومختلف مواردها، ومن ثم فهى تعتبر ضربة نجلاء للحياة على كوكب الأرض.
لذا كانت مساعى العالم بأسره للتضامن لمواجهة خطر الاحتباس الحرارى والعمل على الحد منه، والسعى لتطويع أضراره والخروج بأقل الخسائر منها، وذلك من خلال التقليل من استخدام مصادر الطاقة الحالية وإيجاد بدائل جديدة لها، ما يُسهم فى تحقيق التنمية المستدامة.
وتكاتفت جهود المجتمع الدولى فى تدبير ومواجهة ظاهرة الاحتباس الحرارى من خلال مجموعة من الاتفاقيات والبرتوكولات الدولية، وفى مقدمتها "اتفاقية كيوتو" وتمثل هذه الاتفاقية المرجع الرئيسى للجهود العالمية من أجل الحد من الاحتباس الحرارى وكان الهدف النهائى منها هو تثبيت الغازات الدفينة عند مستوى معين يمنع الإنسان من التدخل بشكل خطير فى النظام المناخى والعمل على إيجاد تقنيات صديقة للبيئة من خلال التركيز على الأنواع الأقل استهلاكا فى الوقود.
وعددت الدراسة فوائد انضمام مصر إليها، حيث تعد القاهرة الدولة رقم 133 التى صدقت على الاتفاقية عام 2005، ما يتيح لمصر الاستفادة من مشروعات التنمية النظيفة، كما أصبح من حق مصر الدخول فيما يسمى "بورصة الكربون"، غير أن مصر من الدول الأكثر تعرضًا لأثار الاحتباس الحرارى، ومن ثم فإن الالتزام بهذه الاتفاقية سيساعد مصر فى الحد من تأثيرات الاحتباس الحرارى الخطيرة عليها، موضحة أن مصر مسئولة عن حوالى 0,6% من غازات الاحتباس الحرارى وهى نسبة ليست بالقليلة بالمقارنة مع عدد السكان ونسبة التنمية، ومن ثم فمصلحة مصر تخفيف الانبعاثات وذلك لأثارها الشديدة على الجوانب الاقتصادية والبيئية فى مصر.
وشملت الجهود الدولية أيضا، اتفاقية الأمم المتحدة الموقعة فى مونتجوباى بجامايكا عام 1982 والتى تهدف الى حماية البيئة البحرية من مصادر التلوث البرى، بروتوكول منتريال بكندا عام 1978 والذى دخل حيز التنفيذ بعد عامين وذلك لمواجهة تآكل طبقة الأوزون بالمواد الملوثة.
وعلى الجانب المصرى، أكد حجاج، فى الدراسة المقدمة منه، أن مقتضيات المرحلة القادمة الدولية وظروف المجتمع المصرى الداخلية وتحديات البيئة تفرض على صانع القرار ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة للحد من أضرار الاحتباس الحرارى مع موازنة احتياجات السوق والتكلفة الباهظة للطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن "أسواق الكربون" قد تكون هى الخطوة المناسبة للدولة المصرية والأكثر ملائمة، ومن ثم يمكن العمل على إصدار التشريعات والقوانين اللازمة لإقامة سوق كربون مصرى بما يتلاءم مع طبيعة الاقتصاد المصرى.
وأشارت الدراسة، إلى تعريفات "سوق الكربون" ومنها ما عرفه البعض بأنه ذلك المكان الذى يتم من خلاله المتاجرة بالانبعاثات الفائضة من نظام الحد الأقصى للاحتباس الحرارى حيث يسمح للصناعات ذات الانبعاثات المنخفضة ببيع حصصها الإضافية للصناعات ذات الانبعاثات الأكبر، وذلك من خلال إنشاء العرض والطلب على مخصصات الانبعاثات، ويتحدد سعر السوق لهذه الانبعاثات نتيجة العرض والطلب.
ووفقا للدراسة فى محض استعرضها لتعريف "سوق الكربون" يهدف هذا النظام إلى تمكين البلاد والشركات والأفراد الوفاء بالتزاماتهم ضمن ميزانية الكربون المخصصة من الأمم المتحدة وفقا لاتفاقية كيوتو السابقة، فيما عرفه البعض الآخر بأنها مقايضة مالية بين جهة خفضت انباعثها من الكربون للجو، وجهة أخرى تريد زيادة انبعاثها من الكربون للجو للتوسع بصناعتها، تتم تلك المقايضة ضمن حدود آمنة عدم تجاوز انبعاثات الكربون للجو عن حدوده المقررة عالميا وفق بروتوكولات الأمم المتحدة واتفاقياتها لمنع مشكلة الاحتباس الحرارى من التفاقم وللحفاظ على البيئة العالمية.
وأوضح حجاج، أن أهداف سوق الكربون لا تختلف عن أهداف ضريبة الكربون، فى حين يكمن الاختلاف فقط فى أن ضريبة الكربون تكون عبارة عن تدخل مباشر من الدولة، بينما سوق الكربون عبارة عن نظام حر تحدده آليات العرض.
وعددت الدراسة أسباب أفضلية أسواق "بورصة الكربون" لمصر، فى مقدمتها دعم البنك الدولى لأسواق الكربون من خلال برنامجين جديدين أولهما صندوق الشراكة المعنى بخفض انبعاثات الكربون فى مناطق الغابات، والثانى يتمثل فى صندوق الشراكة المعنى بخفض انبعاثات الكربون لتحفيز الاستثمار واسع النطاق وطويل الأجل فى برامج التكنولوجيا النظيفة، ويسعى هذا البرنامج إلى مساعدة الدول النامية فى دروب التنمية ذات الانبعاثات الكربونية الأقل، ما يسمح لتمويل الكربون بالاندماج أكثر مع استراتجيات وسياسات التنمية الوطنية.
واستطرد حجاج، فى إبراز أفضلية أسواق الكربون، لا سيما وأنه كان لمصر بعض التجارب التى استفادت من خلالها من أسواق الكربون.
وفى المقابل لفت حجاج، إلى أن "ضريبة الكربون" هى إحدى نتائج اتفاقية كيوتو، ويقصد بها رسم تفرضه الحكومات على توزيع الإنتاج أو استخدام الوقود الأحفورى، ويعتمد سعر الضريبة على كمية ثانى أكسيد الكربون المنبعثة من الوقود محتوى الكربون فى الوقود، فتحدد الحكومة سعر الطن من الكربون ثم تحوله إلى ضريبة سواء على الكهرباء أو المنتجات البترولية أو الغاز الطبيعى، وبذلك تعتبر هذه الضريبة تسعير للكربون، وتفرض هذه الضريبة على الصناعات المنتجة للكربون بكثافة، وتعتبر جزء من تكلفة الإنتاج، ما يحفز هذه الصناعات كى تكون أقل تلويثا للبيئة وأكثر حفاظا على استدامتها.
وأوضحت الدراسة، أن "ضريبة الكربون" ستشكل بعض المخاطر والتحديات، حيث ستساهم فى زيادة أعباء المستثمرين والمصنعين، ما سيجعل الكثيرين منهم يعملون على تصفية مشاريعهم أو على الأقل سيضعف القدرة التنافسية بينهم، وكذا رفع أسعار السلع المكونة من الأحفورى خصوصا وأن مصر ليست من الدولة المصدرة للطاقة، ما ينعكس على الأسرة المصرية خصوصا فى الكثير من شرائح الطبقة الوسطى وكافة شرائح الطبقة محدودة الدخل، ما يؤدى إلى الكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع.