تعيش إسرائيل أجواء ساخنة وصفها السياسيون فى تل أبيب أنها مشارف حرب أهلية واصطدام داخلى لم يحدث من قبل، وجاءت حالة الفوضى والصدامات الداخلية على خلفية مشروع قانون لتعديل نظام القضاء دفعت به حكومة بنيامين نتنياهو للبرلمان يقوض صلاحيات المحكمة العليا.
مشروع القانون الذى يعزز صلاحيات البرلمان على حساب المحكمة العليا فجر خلافا ليس فقط فى أرجاء المجلس التشريعى وصفوف المعارضة بل امتد إلى غضب شعبى اجتاح الشوارع فى تل أبيب، بعد أن خرجت مظاهرات مناهضة للتعديل التشريعى.
الإسرائيليون يتصارعوا في الكنيست
— khalifa ALrehan (@danooq) February 13, 2023
{ تحسبهم جميعاً ، وقلوبهم شتى } pic.twitter.com/kumF9cZjMg
واتهمت المعارضة نتنياهو بأنه وضع هذا القانون بسبب تهم الفساد التى تطارده فى المحكمة، وبموجب التعديلات يمكن للبرلمان اسقاط التهم والأحكام بعد صدورها من قبل القضاء.
وصدَّقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع فى الكنيست الاثنين على مشروع قانون الإصلاحات القضائية الذى قدمه حزب الليكود؛ تمهيداً لتقديمها للكنيست للتصديق عليها.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن التصديق تم بأغلبية 9 أعضاء ومعارضة 7، فى الوقت الذى شهدت فيه الجلسة مشادات كلامية وشتائم، وتم إخراج عدد من أعضاء اللجنة.
ويدور الحديث عن التصديق على بندين من أصل 3 بنود ينص عليها مشروع القانون والمتعلقة بوجود أغلبية يمينية فى لجنة تعيين القضاة، وكذلك تقييد تدخل المحكمة العليا فى القوانين الأساسية التى يقرها الكنيست.
وخلال المناقشات تعالى هتاف "العار العار" من قبل أعضاء المعارضة فى اللجنة بصوت مرتفع، تخلله الغناء للتعبير عن رفضهم للتعديلات التى تحاول حكومة بنيامين نتنياهو إدخالها على القانون.
وغنى بعض أعضاء الكنيست من المعارضة: "ليس لدى أرض أخرى"، وهى أغنية إسرائيلية شهيرة، وأمام الهتاف والغناء، قام حراس الكنيست بإخراج عددٍ من نواب المعارضة من الجلسة.
وبالتزامن مع المناقشات داخل الكنيست، نظمت أحزاب المعارضة تظاهرة عارمة خارجه فى القدس المحتلة والتى اشترك فيها عشرات الآلاف احتجاجاً على مشروع القانون الذى ينظر له كبداية لحكم ديكتاتورى داخلى إسرائيلى.
وحذر رئيس الكيان إسحق هرتسوغ الليلة الماضية من أن الأمور ذاهبة نحو تصادم داخلى، ولربما حرب أهلية حال عدم تراجع اليمين عن إدخال التغييرات فى النظام القضائى.
وأكد رئيس حكومة إسرائيل السابق، نفتالى بينيت، وجود خطر حقيقى لاندلاع حرب أهلية فى "إسرائيل".
وأضاف بينيت، خلال مقابلة مع "القناة الـ12"، أنّ على حكومة الاحتلال والمعارضة "أخذ إجازة لمدة أسبوع من التشريع والمظاهرات، والجلوس للتفاوض بشأن قانون التعديلات القضائية المطروح" من وزير القضاء ياريف ليفين.
وقال إنّه "يمكن التوصل إلى تسوية بشأن التعديلات القضائية"، مشيراً إلى أنّ "هناك أموراً يجب إصلاحها وتغييرها، لكن ليس قلب المشهد من أقصاه إلى أقصاه"، مضيفاً أنّ "الأغلبية تريد تعديلات، وليس تغيير النظام".
وحذّر بينيت من "الوصول إلى حرب أهلية بسبب لا شيء"، مشدداً على "وجود خشية حقيقية من حرب أهلية".
يأتى ذلك بعد أن أكّد زعيم المعارضة، العضو فى الكنيست، يائير لابى أن إسرائيل فى لحظة الحسم، وأنّها "سائرة نحو الخراب، إذا تمّ إقرار قانون التعديلات القضائية".
وأضاف لابيد، فى بيان باسم كل أحزاب المعارضة، أنّ "قانون التعديلات القضائية، إذ مرّ، فإنّ إسرائيل لن تُشفى منه"، كما أن ذلك "سيكون ضربة قاتلة لا يمكن إصلاحها".
بدوره، قال عضو الكنيست أفيجدور ليبرمان، إنّ "حكومة نتنياهو وزعيم حركة شاس أرييه درعى فى خطر"، مضيفاً أنّهما "يعملان على إنقاذ نفسيهما من ورطتهما القضائية، عبر إقرار قوانين تضرب المحكمة العليا".
وحذّر رئيس الشاباك السابق، عامى إيلون، نتنياهو من "واقع عنيف"، مؤكّداً أنّ "فرص الحوار بشأن التعديلات القضائية معدومة".
وأضاف إيلون لـ"القناة الـ13"، أن "لا أحد فى إسرائيل يعرف إلى أين ستسير الأمور، فهذه هى المرة الأولى التى تواجه فيها إسرائيل هذا الواقع فى التاريخ الحديث".
وتهدف خطة التعديلات إلى السيطرة الحكومية الكاملة على تعيين القضاة، بما فى ذلك المحكمة العليا، كما أنّها تقلّص، بشدّة، قدرة المحكمة العليا على إلغاء التشريعات. وتمكّن "الكنيست" من إعادة تشريع القوانين، التى تمكنت المحكمة من إلغائها، بأغلبية 61 عضواً فقط.
ووصفت المعارضة هذه الخطة بـ"الانقلاب"، بينما دافع نتنياهو عنها، قائلاً إنّها "تهدف إلى إعادة التوزان بين السلطات".
وترى المعارضة أنّ الهدف الأساس من التعديلات التى طرحها الائتلاف الحاكم هو "تبرئة نتنياهو من اتهامات بالفساد فى 3 ملفات يُحاكَم بشأنها"، بالإضافة إلى فتح الباب أمام حليفه درعى لتولى حقيبة وزارية على رغم إدانته بتهم التحايل على الضرائب، والسرقة للمرة الثانية.
وخرج رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يتهم زعيم المعارضة يائير لبيد بإثارة الفوضى فى إسرائيل، وحمله مسؤولية تداعيات الوضع.
نتنياهو اعتبر أن هذه التظاهرات وأعمال الاحتجاج ما هى إلا فوضى تعبث فى إسرائيل ويقف خلفها لابيد، أما الأخير فرد عليه بأن "الفوضى بسبب حكومتكم المجنونة"، مضيفاً، "السيد نتنياهو، تحمل ولو لمرة واحدة فى حياتك مسؤولية أفعالك بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين، توقف عن التذمر من التهديدات المتخيلة، أوقف هذا التشريع المدمر الذى يلحق الضرر بالاقتصاد والأمن، أما فقدان الوحدة فى الشعب فهو نتاج مباشر لتحريضك المستمر".
بالإضافة إلى المعارضة البرلمانية لحكومة نتنياهو اليمينية، جاءت تحذيرات من بنوك إسرائيلية وقطاع التكنولوجيا من أن التغييرات تهدد بتقويض المؤسسات المدنية التى تدعم الازدهار الاقتصادى لإسرائيل.
وتأتى المواجهة فى وقت يتصاعد فيه القلق بشأن الأمن فى إسرائيل بعد شن فلسطينيين هجومين داميين فى الأسابيع الماضية أسفرا عن مقتل عشرة أشخاص، ما زاد الضغط على حلفاء نتنياهو المتشددين فى الحكومة للرد.