تتصاعد موجة الرفض الغاضبة لحزمة من التشريعات التي يسعى الائتلاف الحاكم في إسرائيل إلى تمريرها في الكنيست، ويعتبرها المراقبون مساسا بسلطة القضاء الإسرائيلى وعباث بمبادئ الفصل بين السلطات وتغولا من جانب السلطة التنفيذية على الشأن القضائي، وما لذلك من انعكاسات اقتصادية واجتماعية.
وحذر خمسون من مدراء عموم وزارة المالية في إسرائيل حكومتها الحالية من مغبة الإصلاحات القانونية، التي تعتزم حكومة إسرائيل اتخاذها، مؤكدين أن تلك الإصلاحات سيكون لها مردود سلبي على الاقتصاد، وبعث مدراء عموم وزارة المالية الإسرائيلية- من بينهم من خدم في السابق في إدارة نيتانياهو- مذكرة جماعية له بوصفه رئيس الائتلاف الحاكم حاليا، أكدوا فيها أن أجواء الاستقرار الاقتصادي التي عاشتها إسرائيل في الأعوام السابقة توشك على الانتهاء، معتبرين أن الإصلاحات الاقتصادية التي تعتزم الحكومة استحداثها تؤثر على استقلالية القضاء ومستويات تقييم الائتمان، وتمس مكتسبات موظفي الحكومة، وتلحق دمارا غير مسبوق بالاقتصاد الإسرائيلي.
يذكر أن من بين الموقعين على المذكرة، التي وردت أجزاء منها في مجلة (جلوبس بيزنس)- كبرى المجلات الاقتصادية في إسرائيل- يارون ارييف، ودافيد بروديت، وهيام شانى، وسالوم زينجر، وياكوف ليفشيتز، وإلى جانبهم أورى يوجيف وشاؤول ميردور مديرا عموم الموازنة فى وزارة المالية الإسرائيلية، وكذلك وقع عليها رعنان دونير ويوسى كوشيك واليان كوهين وجميعهم سبق لهم شغل منصب مديري عموم ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
وتخطط الحكومة الإسرائيلية إلى إدخال تعديلات وصفتها وسائل الإعلام بأنها "دراماتيكية"، واعتبرتها صحيفة (تايمز أوف إسرائيل)- في افتتاحيتها، اليوم- بأنها تعطي سيطرة للحكومة على سير العدالة والقضاء، بينما كانت تلك الإصلاحات المرتقبة موضع انتقادات من الخبراء القانونيين وأصحاب مؤسسات الأعمال في إسرائيل.
كما ألمح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين- في لقائه مع نتنياهو، أمس الأول، عن قلق واشنطن من حزمة الإصلاحات التي تنوي حكومة نتنياهو اتخاذها، ووصفها بأنها "تنتقص من القيم الديمقراطية المشتركة التى تتشارك فيها كل من إسرائيل والولايات المتحدة، راجيا من نتنياهو عدم المصادقة على تلك الإصلاحات القانونية إلا بعد التوصل إلى اتفاق مجتمعي شامل يقبل بها.
وكان الكنيست الإسرائيلي قد شهد، أمس الاثنين، جلسة عاصفة اتهمت فيها المعارضة الإسرائيلية رئيس اللجنة الدستورية و القانونية في الكنيست بالانحياز للحكومة الائتلافية في خطتها للإصلاحات القضائية المرتقبة، والتي تحاول حكومة نتنياهو تمريرها برلمانيا.
وتعطي التعديلات القانونية الجديدة هيمنة كاملة للحكومة الإسرائيلية في تعيين شاغلي المناصب القضائية، وتنتقص من صلاحية المحكمة العليا في قبول أو رفض أية تشريعات أو قوانين مقترحة من الحكومة، كما تعطي التعديلات التي تسعى الحكومة الائتلافية الحالية في إسرائيل "اليد العليا للكنيست" في رفض أية قرارات تصدر عن المحكمة العليا بشأن مشروعات القوانين حال الطعن فيها بتحصين القوانين بعد إقرارها برلمانيا من الطعن فيها قضائيا أمام المحكمة العليا، وكذلك منع المحكمة العليا في إسرائيل من مراجعة القوانين الأساسية وتغليب قرارات السلطة التنفيذية تحت مبدأ "عدم الاختصاص السيادي" للمحكمة العليا الإسرائيلية بمراجعتها و البت فيها، وهو ما يعتبره خبراء القانون في إسرائيل افتئاتا غير مقبول على اختصاصات وأعمال السلطة القضائية.