كثيرا من الازواج عند نشوب خلافات أسرية بينهما يلجأ البعض لتوقيع علي عقد اتفاق للوصول إلي حل النزاع صلحا، وينتج عن ذلك ظلم كبير علي نفقة الأطفال، ففي عقد الاتفاق يُقر الأب أنه ملزم بدفع نفقة 400 جنيه مثلا لصغاره، وأيضا يتم التوقيع على أن هذا الاتفاق ملزم للمحكمة، وتظن الأم الحاضنة أنها لن تستطيع طلب زيادة المبالغ المالية التي وقعت عليها في العقد وألزمت نفسها بها، خاصة وأننا في إزدياد مستمر للأسعار، وتحتاج الأمهات الحاضنات زيادة مبلغ النفقة وفقا للظروف الحالية، فلم تعد الـ 400 أو الـ 500 جنيه كافية التي كانت تتقاضاه منذ سنوات.
ولكن في الحقيقة هذا فهم خاطئ، لأنه من الجائز طلب زيادة النفقات حتى تصل إلى ضعف المبلغ الذى ألزمت الحاضنة به نفسها بموجب العقد، وفى الحقيقة سواء تم الطلاق أم العلاقة الزوجية قائمة إلا أنه لازالت الخلافات قائمة الأفضل للزوجين تحرير "عقد اتفاق" لتنظيم العلاقة بين الزوجين وعقد الاتفاق حيث يتضمن هذا العقد المشار إليه عدة بنود على سبيل المثال لا الحصر قيمة نفقة الزوجة الشهرية وقيمة نفقة الأطفال وأيضاَ موقف مسكن الزوجية وقائمة المنقولات، كما أن هذا العقد ينظم أماكن ومواعيد الرؤية بين الزوجين للأطفال، فضلاَ عن مصاريف المدارس للأطفال ونوع التعليم وله دور مهم فى تنظيم الحياة بين الأب والآم بعد الطلاق.
مع ارتفاع الأسعار.. هل يجوز للحاضنة المطالبة بزيادة "عقد الاتفاق" مع طليقها رغم وجود شرط جزائى؟
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمود البدوى - يجوز الاتفاق بشكل رضائى بين الزوجين – وبخاصة فى حالة الرغبة فى إيقاع الطلاق بناء على استحكام الشقاق والنفور بينهما، وما يتبع ذللك من ترتيب كافة المستحقات المالية المترتبة على الطلاق سواء للزوجة المطلقة مثل: "نفقة العدة، ونفقة المتعة، ومؤخر الصداق، وأجر الحضانة"، وكذا المستحقات الخاصة بالصغار مثل: "نفقة الصغار بأنواعها، ومصروفات الدراسة والتعليم، والكسوة، ومصروفات العلاج، ومسكن الحضانة، والولاية التعليمية على الصغار".
وبحسب "البدوى" في تصريح لـ"برلماني": وهى كلها أمور يجب حسمها طالما أن الطرفين قد اتفقا على عدم اللجوء إلى إجراءات التقاضى والتى ستطلب جهد ووقت ونفقات وإجراءات معقدة مرهقة للطرفين، وذات أثر سلبى نفسيًا وماديًا فى كثير من الأحوال على الزوجة والصغار، ومن ثم فإنه يجوز الاتفاق على تنظيم تلك الأمور والمستحقات بما يعمل على توفير كل هذا الجهد والنفقات، وبالنسبة لحالة "الإقرار العرفي" الذى يرغب الزوج فى تحريره لن يكون ذو جدوى فى حسم كل تلك الأمور، ومن ثم فإنه فى حالة امتناع الزوج عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سيكون لزامًا على الزوجة "المطلقة" اللجوء إلى المحكمة من جديد وبعدد من الدعاوى للمطالبة بحقوقها وحقوق صغيرها لدى الزوج.
المشرع اعتبر "عقد الصلح" يعد حُجة علي الأب
وفى كثير من الأحيان ما يرضخ بعض الأزواج للحل من خلال "الاتفاق" حتى لا يدخل في دوامة المحاكم وخاصة إذا كان هناك حساسية من ذكر الوضع الوظيفى للزوج، ومحافظة على حقوق الزوجة وصغيرها فإنها يجوز هنا اللجوء إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية بمحكمة الأسرة المختصة، وذلك وفقًا لما تم استحدثه قانون إنشاء محاكم الأسرة رقم 10 لسنة 2004 مرحلة للتسوية الودية فى المنازعات الأسرية تسبق مرحلة التقاضى، وتتولاها مكاتب تتبع وزارة العدل وعهد إلى تلك المكاتب بدور بالغ الأهمية الغرض منه هو محاولة إزالة أسباب الشقاق والخلاف بين أفراد الأسرة ورأب الصدع الأسرى لذا فقد نص فى مادته رقم "5" على الأتى:
"تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة جزئية مكتب أو أكثر لتسوية المنازعات الأسرية، يتبع وزارة العدل ويضم عددًا كافيًا من الإحصائيين القانونيين والاجتماعيين والنفسيين الذين يصدر بقواعد اختيارهم قرار من وزير العدل بعد التشاور مع الوزراء المعنيين، ويرأس كل مكتب أحد ذوى الخبرة من القانونين أو من غيرهم من المختصين فى شئون الأسرة، المقيدين فى جدول خاص يعد لذلك فى وزارة العدل، ويصدر بقواعد وإجراءات وشــروط القيد فى هذا الجدول قرار من وزير العدل".
كيفية إثبات عقد الاتفاق بين الأب والحاضنة
وعقب اللجوء لمكتب تسوية المنازعات الأسرية يتم تفريغ ما تم الاتفاق عليه بين الزوجين فى صورة عقد اتفاق رسمى محرر بمعرفة موظف مكتب التسوية، ثم توقيع الطرفين على هذا العقد، ويعقب ذلك رفع عقد الاتفاق إلى المستشار رئيس المحكمة للتصديق عليه وتزيله بالصيغة التنفيذية، مما يجعل هذا العقد سند تنفيذى بيد الزوجة، ويحفظ حقوقها وحقوق صغيرها فيما تم الاتفاق عليه، كما لا يجوز لاحقًا للزوج "المطلق" التراجع عن ما تم الاتفاق عليه أو حتى إنكاره لأنه صدر بإرادة حره عنه غير مشوبة بثمة عيب من عيوب الإرادة، وهو ما يتم معه اختصار وقت إجراءات التقاضى والدعاوى المتعددة فى جلسة التسوية الودية والتى يتم بموجبها حسم الاتفاق والتصديق عليه وجعله فى قوة السند التنفيذى، وهو آمر ضامن لحقوق الزوجة وصغارها وكذا لحقوق الزوج فيما تضمنه من التزامات للطرفين – الكلام لـ"البدوى".
حكم قضائى يوضح كيفية الزيادة في عقد الاتفاق
وهنا يوجد حكمين أحدهما لمحكمة الأسرة والأخر لمحكمة استئناف القاهرة، يوضحان كيفية الزيادة في عقد الاتفاق المتفق عليه، والحكم الذي موجود بالصورة لأم حاضنة كانت استغلت من قبل طليقها ووقعت علي عقد اتفاق أنها تتقاضي مبلغ وقدره 400 جنيه فقط للصغيرين كنفقة بأنواعها، وحينما طُلب منه الزيادة إمتنع ورفض، ما اضطر الحاضنة لإقامة دعوى قضائية ضده، وبالفعل صدر الحكم بإلزام طليقها بأن يؤدي لها ما فرضه علي نفسه بموجب عقد الاتفاق المحرر بينهما هو مبلغ 400 جنيه وأيضا زيادته بمبلغ 400 جنيه شهريا، لتصبح النفقة 800 جنية بدلا من 400 جنيه .
وجاءت في حيثيات الحكم: ولما كانت المدعية قد أقامت داعواها بغية القضاء بإلزام المدعي عليه بأن يؤدي لها ما التزم به علي نفسه وزيادته بموجب عقد الاتفاق المحرر بينهما وكان الثابت للمحكمة من مطالعة ذلك العقد سالف الذكر سند الدعوي أن المدعي عليه قد التزم بموجبه علي نفسه بأن يؤدي للمدعيه مبلغ 400 جنيه شهريا كنفقة بأنواعها للصغيرين ولما كان ذلك وكان البين أن عقد الصلح سند الدعوي هو بمثابة اقرار غير قضائي مزيل بتوقيع منسوب صدوره للمدعي عليه، ومن ثم يعد حجة عليه بصدد ما ورد به لا يجوز التنصل منه إلا بمبرر قانوني، ومن ثم فالمحكمة تقضي بإلزام المدعي عليه بأن يؤدي للمدعيه ما فرضه علي نفسه بموجبه وزيادته، وعليه تكون دعوي المدعية قد أقيمت علي سند صحيح من الواقع والقانون والمحكمة تُجيبها إليها.
حكم أخر.. منح عقد الاتفاق السند التنفيذى
وقد سبق للدائرة 114 أحوال – بمحكمة استئناف القاهرة – أن أصدرت أول حكم استئنافي يقر ويمنح صفة السندات واجبة التنفيذ بقوة القانون علي محاضر الصلح التي تتم بين الزوج والزوجة بخصوص نفقة الصغار، مستندة على أن محاضر الصلح بين الزوج والزوجة التي تتم بكاتب التسوية، ولا تحتاج إلي صدور قرار أو حكم من المحكمة بذلك، أي يمنحه صفة السند التنفيذي وفقا للمادة 280 مرافعات، وبذلك الحكم أرست محكمة الاستئناف مبدأ قضائي جديد، باعتبار عقد الصلح بين الزوجين والاتفاق على نفقة الصغار أمام مكتب التسوية سندا تنفيذيا بقوة القانون ولا يحتاج إلى صدور حكم أو قرار من المحكمة.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمود البدوى