وجدت العلاقات بجميعها لتكون بمثابة استراحة ومتكأً للقلوب، لا تعباً ولا مشقةً لها، وعلى سبيل الخصوص إنما جُعلت على سبيل المودة والرحمة بين الزوجين، ولضمان الاستقرار الأسري واستمرار هذه العلاقة لا بد من التطرق أحيانا لمعرفة بعض الحقوق المتعلقة بالطرفين سواء الزوج أو الزوجة، فللزوج حقوق يسعى للتأكيد عليها والإشارة إليها في أغلب الأوقات، وبالمقابل عليهما واجبات والتزامات اتجاه بعضهما البعض لاستمرار وديمومة هذه العلاقة، وللزوجة أيضاً: حقوق مقابلة منحها إياها الشرع وكفلتها نصوص القانون، ولعل من أبرز وأهم هذه الحقوق، حق الزوجة في النفقة الشرعية.
ما هية نفقة الزوجة:
ويدخل ضمن هذه الحقوق والواجبات مسألة النفقة الزوجية، حيث إن نفقة الغير تجب بأسباب منها: الزوجية، ومنها النسب، فالنفقة ما يبذله الانسان من الأموال وغيرها في مجالات الإنفاق المختلفة، ونفقة الزوجة واجبة على زوجها ومنصوص عليها بكتابه الكريم وسنة نبيه عليه السلام، وبإجماع صحابته وأهل العلم والأمة إلا الناشز، وبالمعقول أيضاً، والمراد بالنفقة شرعاً هنا: "ما يفرض للزوجة على زوجها من مالٍ للطعام والكساء والسُكنى والحضانة والتطبيب ونحوها".
المختصر المفيد في دعاوى نفقة الزوجية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على مسألة في غاية الأهمية تتمثل فى المختصر المفيد في دعاوى نفقة الزوجية، خاصة وأن فتح ملف "قانون الأحوال الشخصية" يضعنا أمام العديد من المقترحات والرغبات من كلال الطرفين "الرجال – النساء"، بعد التكليف الرسمي بتشكيل فريق من القضاة لتدشين حوار وطني مجتمعي قانوني حول قانون الأحوال الشخصية، وإمكانية تعديله بما يخدم الأسرة والمجتمع ويزيد الوعي الأخلاقي وينهي صراعات الرؤية والنفقة والطلاق – بحسب الخبير القانوني والمحامى أحمد الأسيوطى.
في البداية - مما لا شك فيه أن دعاوى الأحوال الشخصية أصبحت تحظى باهتمام بالغ وكبير في الوقت الحالي، نظرًا لكثرة الخلافات الزوجية والأسرية ولجوء الكثير من الزوجات والأزواج بل والأولاد ممن بلغوا سن المخاصمة القضائية في قانون الأخوال الشخصية، إلى محاكم الأسرة بكافة درجاتها، وأصبحت أروقة محاكم الأسرة مليئة بل ومتكدسة بكافة أنواع القضايا الأسرية ولعل أهمها: قضايا النفقات والأجور، قضايا الحضانة والرؤية، قضايا التطليق والخلع، قضايا إثبات ونفي النسب، قضايا إثبات علاقة الزوجية، وغيرها من الإشكاليات – وفقا لـ"الأسيوطى".
أهم هذه القضايا وأكثرها ألا وهي قضايا نفقة الزوجية وكل ما يتعلق بها وفقًا للسند القانوني للدعوى، والحالات التي لا تستحق الزوجة فيها نفقة، كيفية تنفيذ أحكام النفقات، وأحكام النقض حول هذه الإشكالية، أما عن السند القانوني للدعوى: هو نص المادة 1 من القانون رقم 100 لسنة 1985 الخاص بالأحوال الشخصية والتي تنص على: "تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح ..... الخ"، وهذا النص القانوني يستند إلى قوله تعالى: "أسكنُوهُن من حيثُ سكنتُم مِنْ وُجدِكُم ولا تُضاروهُن لتُضيقُوا عليهن" - سورة الطلاق - كما يستند أيضًا إلى قول الرسول الكريم: "اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ...... ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف"، والنفقة تشمل الطعام - الكسوة - السكنى، كما تشمل أيضًا مصاريف العلاج - وأجر الخادم – الكلام لـ"الأسيوطى".
الحالات التي لا تستحق الزوجة فيها نفقة:
1- ارتداد الزوجة عن الإسلام.
2- امتناع الزوجة مختارة عن تسليم نفسها للزوج "يثبت الامتناع بإنذار من جانب الزوج للدخول في الطاعة – النشوز".
3- إذا كان عقد الزواج فاسد ومثال للعقد الفاسد أن يعقد الرجل على إمرأة يتبين أنها أخته في الرضاعة مثلا.
4- إذا كان عقد الزواج باطل كزواج إمرأة مسلمة من رجل غير مسلم.
ملاحظات هامة حول النفقة الزوجية هكذا يقول الخبير القانونى:
1-كما أن غني الزوجة وامتلاكها المال ليس بمانع من مطالبة زوجها بالإنفاق عليها - لأن المعتبر هو يسار الزوج وحده.
2-كما أن عجز الزوج عن الإنفاق أو فقره ليس بمانع من إنفاق الزوج على زوجته.
3- يعتبر تاريخ إقامة الزوجة لدعوى النفقة قرينة قضائية على امتناع الزوج على الإنفاق على زوجته - ولكن يجوز إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات.
4- يتم إثبات دخل الزوج عن طريق مفردات الراتب إذا كان موظفًا - أو عن طريق التحريات الإدارية بقسم الشرطة إذا كان الزوج من أصحاب الأعمال الحرة - وكذلك عن طريق التحقيق بمعرفة نيابة الأسرة.
5-وتدخل كافة موارد الزوج المالية في تقدير يساره أمام المحكمة لتحديد مبلغ النفقة - ومنها أرصدته بأحد البنوك - أو قيمة إيجار عقار أو أرض وغيرهما.
6-كما أنه لا يسقط دين النفقة على الزوج إلا بأداءه لزوجته أو إبراءه منه، والإبراء يكون عن النفقة الماضية لا المستقبلية لأن الإبراء لا يكون إلا لدين مستحق الوفاء.
7-كما لا يخضع دين النفقة لمدد تقادم الديون.
8-كما لا يجوز سماع دعاوى النفقات لمدة تزيد عن سنة "هجرية".
9-الحكم الصادر بنفقة الزوجية يكون مشمول بالنفاذ المعجل - ولا يترتب الطعن عليه بالاستئناف إيقاف تنفيذه "مادة 65 من القانون رقم 1 لسنة 2000".
10-كما يجوز للزوجة الصادر لصالحها حكم النفقة أن تتنازل عن هذا الحكم الصادر لها - إلا ان هذا التنازل لا يمنعها من معاودة المطالبة بالنفقة مرة أخري عن المدة التالية للتنازل.
استئناف حكم النفقة:
1-يحق للزوج الصادر ضده الحكم استئناف حكم النفقة الصادر ضده خلال مدة 40 يوم من تاريخ الحكم إذا ما كان الحكم حضوريا في مواجهته ، أو خلال مدة 40 يوم من تاريخ إعلانه بالحكم إذا ما كان الحكم غيابي - والمطالبة بتعديل الحكم وتخفيض مبلغ النفقة أو الغاء الحكم.
2-في حالة الامتناع عن سداد مبلغ النفقة:- فإنه يحق للزوجة في حالة امتناع الزوج عن سداد مبلغ النفقة المحكوم بها أن ترفع ضده دعوى حبس للزوج لامتناعه عن السداد - أمام محكمة الأسرة - وفقًا للمادة 76 مكرر من القانون رقم 1 / 2000 - ويلزم للحبس أن يكون الحكم نهائي أي بصدور حكم في الاستئناف أو بشهادة بعدم حصول استئناف.
كيفية تنفيذ أحكام النفقات:
يتم تنفيذ أحكام نفقات الزوجية إما عن طريق بنك ناصر الاجتماعي "في حدود مبلغ 500 جنية فقط" - أو باتخاذ إجراءات الحجز على المرتب إذا كان الصادر ضده الحكم موظفًا - أو باتخاذ إجراءات التنفيذ المدني كالحجز على المنقول أو ما في الجيب وخلافه وفقًا لقانون المرافعات.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الأزمة من خلال عدة طعون أبرزها الطعن المقيد برقم 15 لسنة 56 قضائية – حيث ذكرت في حيثيات حكمها أن الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنها ذات حجية مؤقته، لأنها مما تقبل التغيير والتبديل، وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف، كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها.
طعنين أخرين لمحكمة النقض
وفى طعنين أخرين لمحكمة النقض المقيد برقم 307 لسنة 65 قضائية – حيث ذكرت في حيثيات إحداهما أن نفقة الزوجة تعد دينا في ذمة زوجها وجوبها من وقت الامتناع عن الإنفاق..... سقوطها بالأظاء أو الابراء. الطلاق أو نشوز الزوجة اللاحق لا يسقطها إلا مدة النشوز فقط – جلسة 10 نوفمبر 2001، وأن أحكام النفقة حجيتها مؤقته بقاء هذه الحجية طالما أن دواعي النفقة وظروف الحكم بها لم تتغير، وأن الحكم بفرض قدر محدد من النفقة اعتباره مصاحبا لحال المحكوم عليه يسرا أو عسرا حتى يقوم الدليل على تبدل الظروف التي اقتضت فرضها، طبقا للطعن المقيد برقم 215 لسنة 69 قضائية.