إن الهدف من العلامة التجارية هو تمكين المستهلك من التعرف على منتجات الشركات لتمييز تلك المنتجات عما قد يشابهها من منتجات شركات أخرى، حيث يقوم المستهلك بتحديد البضائع التي يرغب في شرائها أو تكرار استعمالها في المستقبل، لهذا فهو بحاجة إلى آلية سهلة لتمييز المنتجات المتشابهة، وبشكل عام، يمكن اعتبار أي كلمة أو حروف أو أعداد أو رسومات أو ألوان أو صور أو أشكال أو خليط من جميع ما ذكر لإستعمالها لتمييز المنتجات والخدمات للشركات المختلفة يمكن اعتبارها كعلامة تجارية.
والعلامة التجارية تتضمن أنواع وأشكال مختلفة، مثل الأسماء التواقيع والكلمات والحروف واللوجو ......إلخ، والتي يمكن استعمالها كعلامة تجارية، كذلك سيتم التطرق لشروط الضرورية الواجب توافرها في العلامة التجارية حتى يمكن تسجيلها، ومن هذه الشروط ما يتعلق بالناحية الشكلية وأخرى متعلقة بالناحية الموضوعية، وهناك أثار قانونية مترتبة على تسجيل العلامة التجارية، وهذه الأثار هي ثبوت ملكية العلامة التجارية لمسجلها إضافة إلى قيام الحماية القانونية للعلامة المسجلة.
عن سوق المال.. هل تسجيل العلامة التجارية يعنى ملكيتها؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بتسجيل العلامة التجارية وهل يعنى التسجيل ملكية العلامة أم لا؟ وذلك في الوقت الذى كانت فيه العلامة التجارية قديما في بداية ظهورها وقبل تطور استعمالها واستقلالها عبارة عن منظومة من القواعد العرفية والمكتوبة تنظم في القانون التجارى باعتبارها أحد العناصر المعنوية المكونة للمتجر مع غيرها من العناصر المعنوية الأخرى، أي لم يكن لها تشريع خاص ينظم هذا الحقل من حقول الملكية الفكرية، إلا أنه مع التطور الاقتصادى وبعد الثورة الصناعية التي اجتاحت معظم بلدان العالم في القرن السابع عشر ألقت هذه الثورة الاقتصادية والصناعية والتجارية تأثيراتها على كافة النواحى التجارية، مما دفع معظم دول العالم الاهتمام بالعلامة التجارية من خلال إصدار قوانين تنظمها باعتبارها جزءا معنويا من المحل التجارى – بحسب المحامى بالنقض أيمن عويان – والخبير القانونى المتخصص فى العلامات التجارية.
في البداية – أما الإجابة على السؤال هل تسجيل العلامة التجارية تعنى ملكيتها من عدمه؟ فتنص المادة (65) من القانون المصري رقم 82 لسنة 2002 على ما يلي - يعتبر من قام بتسجيل العلامة مالكها متى اقتران ذلك باستعمالها خلال الـ 5 سنوات التالية للتسجيل ما لم يثبت أن أولوية الاستعمال كانت لغيره، ويجوز لمن كان اسبق الى استعمال العلامة ممن سجلت باسمه الطعن ببطلان التسجيل خلال الـ 5 سنوات المذكورة، ومع ذلك يجوز الطعن ببطلان تسجيل العلامة دون التقييد بأي مدة متى اقترن التسجيل بسوء نية، وفى هذا النص يقول بعض الفقه أنه وفقا للتشريع المصري تكتسب ملكية العلامة بواقعة استعمالها وليس بواقعة التسجيل القانون – وفقا لـ"عويان".
المشرع لم يعتبرها تسجيل العلامة دليل ملكية
فالعبرة في تقدير ملكية العلامة هي بسبق استعمال العلامة وليس بسبق تسجليها بالجهة الإدارية المختصة فإذا فرض، وقام صاحب العلامة باستعمالها فعلا استعمالا ظاهر وعاما وسبقه أخر إلى تسجيل ذات العلامة لتمييز ذات النوع من البضائع والمنتجات كانت الأفضلية لمن ثبت استعماله للعلامة التجارية قبل الأخر، وإثبات استعمال العلامة التجارية واقعة مادية يكون لصاحب الشأن اثباتها بكافة طرق الاثبات، ويعتبر تسجيل العلامة قرنية على ملكيتها لمن سجلت باسمه ألا أنها قرنية بسيطة تقبل إثبات العكس أى يستطع من سبق له استعمال العلامة ذاتها أن يثبت عدم أحقية من سجلت العلامة باسمه فى الحق على العلامة التجارية وإذا ما ثبت للمحكمة ذلك كان لها أن تحكم بملكية العلامة لمن سبق له الاستعمال – الكلام لـ"عويان".
و4 شروط لإثبات ملكية العلامة التجارية
واستقرت أحكام القضاء الإداري على أن تسجيل العلامة التجارية قرنية على الملكية قابلة لإثبات العكس - راجع الدائرة السادسة في الدعويين رقمي 291062 / 32973 لسنة 58 قضائية جلسة 4\11\2006 - وتعتبر فائدة التسجيل بالنسبة لمن قام به أنه يلقى بعبء الاثبات على ما يدعى خلاف ما تم تسجيله، فالتسجيل يعطى صاحبه قرنية على ملكيته للعلامة وقرنية على استعمالها على الأقل من تاريخ التسجيل وبالتالي يجعل صاحبه في مركز اقوى ممن يدعى العكس، وذهب البعض على نص المادة سالف الذكر بما يلي:
1-تثبت ملكية العلامة إلى السابق في استعمالها وليس السابق في تسجيلها.
2-لابد من تسجيل العلامة التجارية في سجل العلامات كتأكد ملكيتها وتستقر أي أن استعمال العلامة وحدة لا تكفي.
3-تسجيل العلامة يعتبر قرنية على ملكيتها لكنها قرنية قابلة لاثبات العكس من قبل من سبق فى استعمال العلامة.
4- تستقر ملكية العلامة التجارية بشكل نهائي لمن سجلها إذا صاحب هذا التسجيل استعمال العلامة استعمالا مستمر مدة 5 سنوات على الأقل دون منازعة.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 804 لسنة 63 قضائية – جلسة 16 أبريل 2002 – حيث ذكرت في حيثيات الحكم إن القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل الصادر في شأن العلامات التجارية قد عرف العلامة التجارية في المادة الأولى منه، ونص في المادة الثالثة على أن يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكا لها دون سواه ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه بشأنها دعوى حكم بصحتها.
موقف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من الأزمة
أما موقف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات العلاقة نجد أن اتفاقية باريس لسنة 1883 وتعديلاتها ومعاهدة قانون العلامات لسنة 1994 ومعاهدة سنغافورة لسنة 2006 لم يتناولوا حكما في هذا الشأن أما اتفاقية "التربس" فقد تناولت الحكم فى ملكية العلامة التجارية وعدت ثبوت ملكية العلامة يكون بالاستعمال الفعلي حيث نصت المادة (15\3) من الاتفاقية على أنه: يجوز للبلدان الأعضاء جعل قابلية التسجيل معتمدة على الاستخدام غير أنه لا يجوز اعتبار الاستخدام الفعلي للعلامة شرطا للتقدم بطلب التسجيل ويحظر رفض طلب تسجيل لمجرد أن الاستخدام المزمع لم يحدث قبل انقضاء فترة 3 سنوات اعتبارا من تاريخ تقديم الطلب – هكذا يقول "عويان" .
رأى محكمة النقض في أسبقية تسجيل العلامة التجارية
وقضت المحكمة نفسها أيضا أن ملكية العلامات ألتجارية وكما استقر عليه قضاء محكمة النقض لا تستند إلى مجرد التسجيل بل أن التسجيل لا ينشئ بذاته حقا فى ملكية العلامة إذ أن هذا الحق وليد استعمال العلامة ولا يقوم التسجيل ألا قرينة على هذا الحق يجوز دحضها لمن يدعى اسبقيته فى استعمال العلامة ألا أن تكون قد استعملت بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها، طبقا للطعن المقيد برقم 62 لسنة 62 قضائية – جلسة 26 إبريل 1993.
ويفهم من نص المادة سالفة الذكر أن ملكية العلامة تثبت لمن يقوم بتسجيل بشرط أن يستعملها الخمس سنوات التالية للتسجيل وخرج باستثناء لهذه الملكية في حالة أن يتم ثبوت أن غيره كان له أولوية في استعمال هذه العلامة وأعطى المشرع المصري لمن كان اسبق في استعمال العلامة أن يطعن على تسجيل من قام بتسجيل العلامة خلال الخمس سنوات التالية للتسجيل بل زاد على ذلك المشرع المصري وأعطى الحق بالطعن على تسجيل العلامة دون التقييد بمدة الخمس سنوات متى اقتران التسجيل بسوء نية.
هل مدة الخمس سنوات كافية؟
ومن جانبنا – وفقا لـ"عويان" - نرى أن المشرع المصري توغل كثير بالنص على عدم التقييد بالمادة متى اقتران التسجيل بسوء نية حيث نعتقد أن مدة الـ 5 سنوات كافية سواء لمن كان له السبق في الاستعمال أو غيره، وذلك لضمان استقرار الاوضاع التجارية للتجار والمستهلكين ونعتقد أن مدة الخمس سنوات لابد أن تكون كافية لأى تاجر أن يكون يقظا لأمر خطير كهذا وهو الاعتداء على علامته التجارية، واعتقد أن المشرع المصري فتح الباب على مصراعيه للدخول في منازعات قضائية لا فائدة منها للسوق وللمستهلك بفتح مدة جواز الطعن على تسجيل العلامة إذا ما اقترن بسوء نية.
ويقابل نص المادة (65) من القانون ألمصري المادة (7) من قانون (نظام) العلامات التجارية الموحد لمجلس التعاون الخليجي حيث تنص مادة (7) على ما يلي:
يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية بحسن نية مالكًا لها ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة متى اقترن تسجيل العلامة باستعمالها مدة خمس سنوات على الأقل دون وجود نزاع قضائي بشأنها،
يجوز لمن كان أسبق إلى استعمال العلامة ممن سجلت باسمه أن يطلب من المحكمة المختصة إلغاء هذا التسجيل خلال خمس سنوات من تاريخ التسجيل ما لم يثبت رضاء الأول صراحة أو ضمنا باستعمال العلامة من قبل من سجلت باسمه، حيث يتضح من المادة (7) سالفة الذكر من نظام العلامات التجارية الموحد لمجلس التعاون الخليجي ان المشرع اعتبر من يقوم بتسجيل العلامة التجارية مالكا لها بشرط ان يكون حسن النية وان لا يوجد منازعة قضائية في ملكية العلامة التجارية وان يقترن التسجيل باستعمال العلامة مدة خمس سنوات على الأقل دون وجود نزاع قضائي بشأنها.
رأى المشرع الخليجى في الأزمة
وأعطى المشرع الخليجي للشخص الأسبق في استعمال العلامة ممن سجلت باسمه الحق في الالتجاء الى المحكمة المختصة لإلغاء هذا التسجيل خلال خمس سنوات من تاريخ التسجيل إلا إذا ثبت رضاء هذا الشخص الأول صراحة أو ضمنا باستعمال العلامة من قبل من سجلت باسمه، يتضح من سياق الكلام أن النهج المتبع في النظام هو التسجيل المنشأ المؤجل لحق الملكية في العلامة، يعني ابتداء التسجيل مقرر لحق الملكية فإذا انقضت مدة معينة دون اعتراض أو منازعة في التسجيل يصبح التسجيل منشئا للحق في ملكية العلامة، والمسلك في هذا الشأن يؤدي الى حماية المراكز القانونية ولا يترك الباب مفتوحا أمام ادعاءات لا حصر لها.
ويفهم من نص المادة سالفة الذكر – طبقا لـ"عويان" - أن ملكية العلامة تثبت لمن يقوم بتسجيل بشرط أن يكون حسن النية وان يستعملها على الأقل الخمس سنوات التالية للتسجيل دون وجود نزاع قضائي بشأنها وخرج باستثناء لهذه الملكية في حالة أن يتم ثبوت أن غيره كان له أولوية في استعمال هذه العلامة، وأعطى المشرع الخليجي الحق لمن كان أسبق في استعمال العلامة أن يطعن على تسجيل من قام بتسجيل العلامة خلال الخمس سنوات التالية للتسجيل مالم يثبت رضاء الاسبق في الاستعمال صراحة أو ضمنا باستعمال العلامة من قبل من سجلت باسمه.
رأى محكمة التمييز الكويتية في الأزمة
وهذا ما ذهبت اليه محكمة التمييز الكويتية في حكم لها: النص في المادة 65 من قانون التجارة على أن – يعتبر من قام بتسجيل علامة تجارية مالكا لها دون سواه ولا يجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعمل من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه دعوى بشأن صحتها، يدل على ملكية العلامة التجارية تتقرر لمن يثبت من المتنازعين اسبقيته في استعمال العلامة ولو كان الأخر قد سبق الى تقديم طلب التسجيل إذ أن الأسبقية في تقديم طلب التسجيل لا تكسب بذاتها صاحب الطلب أفضلية على من تثبت اسبقيته في استعمال العلامة وكان من المقرر أنه متى كان الخصم قد قدم الى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها في موضوع النزاع، فالتفت الحكم عن دفاعه ولم يتحدث عن تلك المستندات بشيء مع ما قد يكون لها من الدلالة ولو انه عنى ببحثها ومحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون مشوبا بالقصور.
ولما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق ان الطاعن تقدم بحافظة مستندات من بين ما انطوت عليه شهادة صادرة من وزارة الاقتصاد والتجارة بلبنان تتضمن ان الطاعن سجل العلامة التجارية محل النزاع بتاريخ 12\7\1993 وصور الإعلانات المنشورة في مجلة زهرة الخليج بدولة الامارات العربية المتحدة عن منتجات الطاعن التي تحمل العلامة موضوع الدعوى وصورة فاكس مرسل من مؤسسة "....." الى الطاعن لأرسال بعض منتجات من بينها بضائع تحمل العلامة محل النزاع وصورة من اتفاقية تعين المطعون ضدها وكيلا موزعا لمنتجات الطاعن في دولة الكويت وتمسك بدلاتها على اسبقيته في استعمال تلك العلامة إلا أن الحكم المطعون فيه اعرض عن بحث هذه المستندات ولم يعن ببحث هذا الدفاع.
وأقام قضاءه بأحقية المطعون ضدها الأولى في تسجيل العلامة التجارية محل النزاع على سند من أنها الأسبق في تقديم طلب تسجيل تلك العلامة وخلو الأوراق من دليل يثبت حقا للطاعنة والمطعون ضدها الثانية يقدمهما في مجال المفاضلة ويجعل لها الأولوية على المطعون ضدها الأولى وكانت اسبقية تقديم طلب التسجيل لا تصلح بمجردها دليلا على احقيته في ملكية العلامة محل النزاع وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسيب والفساد في الاستدلال بما يوجب تمييزه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن رقم 99/25 تجارى جلسة 11 ديسمبر 2000.