عرف الانسان منذ القدم العقود و التصرفات المالية وتعامل بعقود المعاوضات المختلفة ومنها البيع وكانت لهذه المعاملات المالية أحكام وأثار تعود الناس عليها، لأنها ظهرت بإرادتهم و غاياتهم التي تعاقدوا من أجلها وأصبحت هذه نتائج عرفية لتصرفاتهم يلزمهم بها العرف حتى أصبحت تشريع ملزم لغالب المجتمعات وعلى مدار العصور، وقد سبقت الشريعة الاسلامية التشريعات المتقدمة في وضع الأحكام الشرعية للمعاملات ومنها البيع.
واهتمت التشريعات الحديثة بعقود البيع فعرف القانون المدني المصري "البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شئ أو حقاً ماليا أخر في مقابل ثمن نقدي"، وفي عقد البيع يقوم شخص معين "البائع" بنقل حقه و ملكيته لشيء معين الى شخص آخر و هو "المشتري" الذي يكون التزامه بدفع قيمة الشيء الذي اشتراه بمبلغ من النقود، وهذه من الأمور شديدة الخطورة في التعاملات وفى سوق البيع والشراء لأنها تتطلب شروطا لإجرائها فهى ترتبط بمصالح الناس وأموالهم وممتلكاتهم.
لصغار السن.. أهلية التعاقد في القانون المصري
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية في العقود والمعاملات والتصرفات العقدية تتمثل في أهلية التعاقد في القانون المصري، حيث أن كل شخص أهل للتعاقد، ما لم تسلب أهليته، أو يُحد منها بحكم القانون فحالة التمييز لدى الشخص تتأثر بسِنه فتمييزه يتدرج بتدرج سِنه، كما تتأثر حالة التمييز بحالة الإنسان العقلية، والصحية فقد يبلغ الشخص سن الرُشد – الذى يتوافر عنده التمييز الكامل فى العادة أو هكذا يفترض القانون – و لكن يلحقه عارض عقلى أو صحى يؤثر على تمييزه و هذه هى عوارض الأهلية، وقد يكتمل تمييز الشخص ولكن يلحقه مانع يمنعه من القيام بنفسه بالتصرفات و هذه هى موانع الأهلية.
أولاً : مفهوم الأهلية:
تنقسم الأهلية الى نوعان، أهلية وجوب وهى صلاحية الشخص لكسب الحقوق والتحمل بالالتزامات، و أهلية أداء وهى صلاحية الشخص لأن يباشر بنفسه التصرفات القانونية التي يكون من شأنها أن ترتب تلك الحقوق والالتزامات أي صلاحية الشخص لصدور التصرف القانوني منه على وجه يعتد به القانون، وأهلية الأداء هى اللازمة لابرام التصرفات القانونية أي أنها أهلية التعاقد، وقد نظم المشرع أحكام الأهلية بقواعد آمرة لأنها تعتبر من المسائل المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم لا يجوز تعديلها أو مخالفتها.
ثانياً: مناط أهلية الأداء:
أن مناط أهلية الأداء هو التمييز ويمكن تقسيم هذا التمييز وكذلك الأهلية الى 3 مراحل :
-المرحلة الأولى: تبدأ منذ ولادة الانسان حتى سن السابعة، ويكون الانسان فيها عديم التمييز ويدخل ضمن هذه المرحلة المجنون والمعتوه مهما كان عمره، فهو كالصبي غير المميز تماماً .
-المرحلة الثانية: تبدأ من سن السابعة حتى سن الواحد والعشرين، ويكون فيها الانسان مميزاً ولكنه ناقص التمييز وبالتالي ناقص الأهلية، ويدخل ضمن هذه المرحلة كل من السفيه وذي الغفلة .
-المرحلة الثالثة: تبدأ باكتمال سن الرشد دون أن يكون الشخص مصاباً بأحد عوارض الأهلية.
ويكون الوصي أو الولي النائب القانوني عن الصبي ناقص الأهلية أو عديم الأهلية، أما الشخص المصاب بأي من عوارض الأهلية " الجنون والعته والسفه والغفلة"، فتعين له المحكمة قيماً عليه لمباشرة شؤونه .
وقد يكون الشخص كامل الأهلية وليس به أحد عوارضها ويوجد لديه أحد موانع الأهلية التي تمنعه من مباشرة شؤونه كما في حالات الغائب والمحكوم عليه بعقوبة جنائية وكذلك المصاب بعاهتين، فالغائب تعين له المحكمة وكيلاً، والمحكوم عليه بعقوبة جنائية يختار لنفسه قيماً تصدق عليه المحكمة، وإذا كان الشخص على سبيل المثال أبكم أصم أو أعمى أصم أو أعمى أبكم جاز للمحكمة أن تعين له مساعداً يعاونه في التصرفات التي تقتضي مصلحته فيها ذلك.
-ثالثاً: حكم تصرفات غير كامل الأهلية
تكون تصرفات عديم الأهلية باطلة بطلاناً مطلقاً حتى وان كانت نافعة له، أما تصرفات ناقص الأهلية تقع صحيحة اذا كانت نافعة نفعاً محضاً، وباطلة بطلاناً مطلقاً اذا كانت ضارة ضرراً محضاً .
أما التصرفات الدائرة بين النفع والضرر كالبيع والايجار فيشترط لصحتها كمال الأهلية واذا قام ناقص الأهلية بابرامها كانت باطلة بطلاناً نسبياً، ويكون الصبي المميز مع ذلك كامل الأهلية في بعض الحالات كالتالي:
1- ما يسلم اليه أو يوضع تحت تصرفه من أموال لأغراض نفقته .
2- ابرام عقد العمل الفردي "14 سنة".
3- ما يكسبه الصبي البالغ سن "16 سنة" من عمله من أجر أو غيره .
4- أعمال الادارة وأعمال التجارة المأذون له فيها ببلوغ الثامنة عشر .
5- يجوز لمن بلغ الثامنة عشر ابرام الوصية وذلك لأنها تصرف مضاف الى ما بعد الوفاة .
-رابعاً : أثر الموت وفقد الأهلية في التعبير عن الارادة:
إذا مات من صدر منه التعبير عن الارادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره فان ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه اليه هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل، وعلى ذلك فان التعبير يتوافر له الوجود المادي فور صدوره من صاحبه، فاذا مات من أصدر التعبير أو زالت عنه الأهلية فهذا التعبير يبقى موجوداً، أي أن التعبير ينتج أثره القانوني عند اتصاله بعلم من وجه إليه.