جدلا كبيرا أثارته الوثائق الأمريكية المسربة مؤخرا، ليس فقط داخل الولايات المتحدة بل بين دول العالم، بعد أن نشرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية وثائق تحمل معلومات مغلوطة وآخرى مضللة، مما قد ينذر بأزمات دولية بين واشنطن وحلفائها.
وتدور أغلب الوثائق المسربة عن البنتاجون الأمريكى عن الحرب الأوكرانية، وامكانيات القوات الأوكرانية فى مواجهة روسيا، ومواقف الحلفاء وعدد من دول العالم ذات التأثير القوى من دعم أى من الطرفين.
ولكن فور أن انتشرت تلك الوثائق بما تحمله من معلومات مضللة سارعت الدول الأطراف لنفى المعلومات الواردة بها، ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين أمريكيين أن هذه الوثائق جرى تزوير بعضها، لكن معظمها أصلية وتتوافق مع تقارير لوكالة الاستخبارات المركزية متداولة في البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية.
وقال كريس ميغر، مساعد وزير الدفاع للشؤون العامة، إنّ الوثائق التي يتمّ تداولها على الإنترنت تشكّل "خطرا جسيما جدّا على الأمن القومي ولديها القدرة على نشر معلومات مضلّلة".
ومن ضمن الوثائق المسربة، يقول تقرير للبنتاجون أن الاستخبارات الأمريكية تشكك في أن الهجوم المضاد الأوكراني المرتقب هذا الربيع سيتمكن من تحقيق أهدافه المحددة.
وبحسب الوثيقة المسربة، فإن التقييمات الاستخباراتية الأمريكية، العائدة إلى فبراير الماضي، تحذر من "النواقص فيما يخص حشد القوات وإمدادها"، مرجحة أن العملية الهجومية الأوكرانية ستؤدي إلى "مكاسب محدودة على الأرض".
ووفقا لتقارير من نيويورك تايمز وواشنطن بوست، كشفت مجموعة من وثائق البنتاجون المسربة التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أن أجهزة المخابرات الأمريكية تصنتت على محادثات في المكتب الرئاسي في كوريا الجنوبية في أوائل مارس بشأن تقديم دعم أسلحة لأوكرانيا.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الوثائق أن المساعد الرئاسي للشؤون الخارجية في حكومة يون أخبر مستشار الأمن الوطني كيم سونج-هان أن الحكومة "غارقة في مخاوف من أن الولايات المتحدة لن تكون المستخدم النهائي إذا امتثلت كوريا لطلب أمريكي للحصول على ذخيرة".
وسارع مسؤول أمني كبير في كوريا الجنوبية إلى نفى صحة المعلومات، مؤكدا إن المعلومات التي تضمنتها الوثائق السرية الأمريكية المزعوم تسريبها والتي استندت فيما يبدو إلى مناقشات داخلية بين مسؤولين كبار في بلاده "غير حقيقية" و"محرفة".
وأدلى نائب مستشار الأمن القومي كيم تاي هيو بتصريحاته لدى مغادرته إلى واشنطن قبل زيارة رسمية يقوم بها الرئيس يون سوك يول إلى الولايات المتحدة يوم 26 أبريل ، وشدد على أن تحالف الدولتين لا يزال قويا.
وقال كيم "يتفق البلدان في الرأي بأن الكثير من المعلومات المنشورة محرفة" مضيفا أن التقرير المتعلق بكوريا الجنوبية "غير صحيح".
وقالت الوثيقة، التي لا تحمل تاريخا، إن كوريا الجنوبية وافقت على بيع قذائف مدفعية لمساعدة الولايات المتحدة في إعادة تكوين مخزوناتها مؤكدة على أن "المستخدم النهائي" يجب أن يكون الجيش الأمريكي.
فيما أثارت التسريبات غضبا في إسرائيل، إذ أظهر تقرير أعدته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه "، ومصدره أيضا اعتراض أنظمة الاتصالات، أن جهاز المخابرات الخارجية في إسرائيل" الموساد" شجعت الاحتجاجات على التعديلات التي كان يريد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إدخالها على القضاء قبل أن يتراجع في مارس الماضي.
وأصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانا قال فيه إن التقرير كاذب وعار عن الصحة، واصفاً التقارير الإعلامية حول التسريبات بأنّها "كاذبة وبدون أي أساس على الإطلاق".
وجاء في البيان، أنّ "الموساد وكبار موظفيه العاملين لم يشاركوا في قضية المظاهرات على الإطلاق وهم مكرسون لخدمة الدولة تأسيسها".
وفى مصر قال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد، لصحيفة واشنطن بوست إن "موقف مصر منذ البداية يستند إلى عدم المشاركة في "الأزمة الروسية الأوكرانية" والمحافظة على مسافة متساوية بين الجانبين".
جاء ذلك تعليقا على ما نشرته الصحيفة الأمريكية بأن وثائق سرية جرى تسريبها أظهرت أن الحكومة المصرية خططت في فبراير لتزويد روسيا بالأسلحة، مما يهدد علاقاتها مع حليفها الاستراتيجي الولايات المتحدة.
وكانت الصحيفة الأمريكية قد نشرت الإثنين، تقريرا يدعي أن الوثائق السرية المسربة من البنتاجون كشفت عن طلب روسيا من مصر إنشاء نحو 40 ألف صاروخ وأنه أصدر تعليمات للمسؤولين بالحفاظ على سرية الإنتاج والشحن لتجنب المشاكل مع الغرب".
وتأكيدا للنفى المصرى، قال الكرملين اليوم : أن التقارير الإعلامية الغربية التي تفيد بأن مصر خططت لتزويد روسيا بآلاف الصواريخ هي خداع آخر
وأصدر البيت الأبيض أمس الاثنين، بيانا عاجلا قال فيه إن الرئيس الأمريكي جو بادين على اتصال وثيق مع مسئولي الأمن القومي بشأن الوثائق المسربة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي خلال إفادة صحفية: "تم إطلاع الرئيس بايدن الأسبوع الماضي على تسريب الوثائق العسكرية السرية".
وأضاف: " ننسق مع أجهزة الاستخبارات بشأن الوثائق المسربة، ونقيّم حاليا خطورة الوثائق المسربة على الأمن القومي، لكن لا مجال للتخمينات بشأن المسؤول عن تسريب الوثائق".
واعتبر البنتاغون أنّ عملية التسريب التي يرجّح أنّها حصلت لوثائق أمريكية سريّة تشكّل خطرا "جسيمًا جدًّا" على الأمن القومي للولايات المتّحدة.