أصدرت الدائرة الأولى مستأنف – بمحكمة المنيا الابتدائية – حكما نهائيا فريدا من نوعه، يضرب عصابات الإستيلاء علي القبور بيد من حديد، ويلغى حكم صحة توقيع على إقرار مزور، مستندة على أن إنكار التوقيع على الورقة العرفية يزيل حجيتها من الوجود، أرست فيه مبدأ قضائيا قالت فيه:
"أن إنكار التوقيع علي الورقة العرفية يزيل حجيتها من الوجود وتصبح منعدمة حتي لو لم يتبع الطاعن بالإنكار كافة الإجراءات اللازمة لفحص الورقة ويكتفي بإنكاره وعلي المتمسك بالعقد إثبات توقيع الخصم عليها".
صدر الحكم في الدعوى رقم 289 لسنة 2022 مدنى كلى مستأنف المنيا، لصالح المحامى بالنقض محمد أحمد عبد الصبور، برئاسة المستشار على مازن، وعضوية المستشارين إبراهيم اسحق، ومحمد سيد الخولى، وأمانة سر زكريا شحاته.
الوقائع.. عصابة الجبانات تحاول الاستيلاء على مقبرة
تتحصل وقائع النزاع في أن الموطن "س.م.ح"، والذي خصصت له الوحدة المحلية لمركز ومدينة المنيا سنة 1993 قطعة أرض بمدافن المسلمين بناحية المنطقة الصناعية بموجب عقد انتفاع تحدد فيه رقم القطعة، ورقم الشارع، وبالفعل بناها المواطن ليلقي وجه الله تعالى فيها ويدفن بها بعد موته، لكن الأقدار أمدت في عمره وعمر أسرته ولم تحدث حالة وفاة عنده وبالتالي ظلت المقبرة شاغرة طول هذه المدة.
ومؤخرا - وبحلول سنة 2019 فوجئ المواطن "س.م.ح"، صاحب المقبرة، بعد مرور ما يقرب من 30 سنه، بظهور أشخاص من منطقة الزاويا وأبو هلال يزعمون تملك آخرين لنفس المقبرة التي يتملكها المواطن "س.م.ح" بعد مرور ما يقرب من الثلاثين عاما ولم ينازعه فيها أحد، ولأن المقبرة فارغة فكانت مطمع أكبر لتلك العصابات التي تعتمد في تنفيذ مخططها الإجرامي بالاستيلاء علي القبور الفارغة وبيعها بمئات الآلاف من الجنيهات.
المواطن يؤجر المقبرة لآخر ليحفظ حقه في حيازة المقبرة
وفى تلك الأثناء - إضطر المواطن "س.م.ح"، صاحب المقبرة، إلي تأجير المقبرة إلي آخر ليحفظ حقه في حيازة المقبرة، لكن هذا الآخر اختلس توقيع المواطن "س.م.ح" علي إقرار بيع وقام بموجب هذا الإقرار ببيع المقبرة لآخر، وفي سابقة قضائية ألغت محكمة المنيا الإبتدائية حكم صادر بصحة توقيع المواطن "س.م.ح" علي إقرار البيع بعد إنكار المواطن توقيعه علي عقد البيع وتمسكه بهذا الإنكار أمام المحكمة.
المستأجر يختلس توقيع المواطن على إقرار بيع وقام بموجب هذا الإقرار ببيع المقبرة لآخر
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أنه لما كان ذلك، وكان الثابت للمحكمة أن المستأنف ضده الثانى أقام دعواه المبتدأة بطلب القضاء له بصحة توقيع المستانف على العقد المؤرخ في 5 يونيو 2021 وحيث طعن المستأنف بالإنكار على التوقيع المنسوب له على هذا العقد، وكانت المحكمة وهى بسبيل تحقيق ذلك الطعن قد قضت بندب خبير، وذلك بجلسة 27 ديسمبر 2022 بندب مصلحة الطب الشرعى قسم أبحاث التزييف والتزوير بأسيوط ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين تكون مهمته فحص التوقيع المنسوب صدوره للطاعن "المستأنف" على العقد المؤرخ في 5 يونيو 2021 سند الدعوى وبيان عما إذا كان التوقيع المذكور صادر عن يده من عدمه.
مالك المقبرة يقيم دعوى قضائية بالإنكار على التوقيع المنسوب له على هذا العقد
وقدرت للخبير المنتدب في سبيل أداء المأمورية أمانة قدرها 500 جنيه، وكلفت المستأنف ضده الثانى "ل. م" بسدادها بموجب حوالة بريدية، وحيث لم يسدد أمانة الخبير، وبجلسة 7 فبراير 2023 لم يقم المستأنف ضده الثانى بسداد الأمانة المكلف بها أو يبد عذرا تقبله المحكمة، ومن ثم يكون امتناعه عن سداد الأمانة قد جاء بدون عذر تقبله المحكمة وتقضى المحكمة بسقوط حقه في التمسك بالحكم التمهيدى الصادر بجلسة 27 ديسمبر 2022 لعدم سداده الأمانة.
وبحسب "المحكمة": وكان الثابت للمحكمة أن المستأنف ضده الثانى أقام دعواه المبتدأة بطلب القضاء له بصحة توقيع المستأنف على العقد المؤرخ في 5 يونيو 2021 وحيث طعن المستأنف بالإنكار على التوقيع المنسوب له على هذا العقد، ومن ثم فقد زالت عن هذه الورقة العرفية "العقد سند الدعوى" قوتها في الإثبات، إذ ينعدم العقد كدليل في الإثبات، ذلك أن التوقيع هو المصدر القانوني الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية، وترتيبا على ذلك يبقى الادعاء بالتصرف المستند لهذا العقد لا دليل عليه، وحيث مكنت المحكمة المستأنف ضده الثانى من اثبات صحة المحرر موضوع الطعن بالإنكار، فقضت المحكمة وبجلسة 27 ديسمبر 2022 بندب مصلحة الطب الشرعى قسم أبحاث التزييف والتزوير بأسيوط ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين تكون مهمته فحص التوقيع المنسوب صدوره للطاعن "المستأنف" على العقد المؤرخ في 5 يونيو 2021 سند الدعوى، وبيان عما إذا كان التوقيع المذكور صادر عن يده من عدمه.
المحكمة تنصف مالك المقبرة.. وتقضى بإلغاء حكم صحة توقيع علي إقرار مزور
وقدرت للخبير المنتدب في سبيل أداء المأمورية أمانة قدرها 500 جنيه كلفت المستأنف ضده الثاني سدادها، كونه هو المتمسك بالمحرر، وحيث انتهت المحكمة بما سلف من قضاء الى سقوط حق المستأنف ضده الثاني في التمسك بالحكم التمهيدى الصادر بتعيين خبير لعدم سداده الامانة، وحيث لم يقدم المستانف ضده الثاني الدليل على صحة التوقيع المنسوب المستأنف على العقد المؤرخ في 5 يونيو 2021 بإتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 30 من قانون الإثبات باعتباره المتمسك بهذا المحرر، الأمر الذي يكون معه قد عجز عن إثبات دعواه، وتبقى الدعوى خالية من ثمة دليل ومن ثم تكون جديرة بالرفض، وهو ما تقضي معه المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن صحة توقيع المستانف على العقد المؤرخ في 5 يونيو 2021 والقضاء برفض الدعوى المبتدأة المقامة باثبات صحة توقيع المستانف على هذا العقد وهو ما تقضى به.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا، وبسقوط حق المستأنف ضده الثاني في التمسك بالحكم التمهيدى الصادر بجلسة 28 ديسمبر 2022، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا: برفض الدعوى المبتدأة بشأن التوقيع المنسوب للمستأنف على العقد المؤرخ في 5 يونيو 2021.