شهدت الرياضة تطورا كبيرا وملحوظا في العقود الماضية، هذا ما أدى إلى ارتفاع عدد النزاعات المترتبة عنها مع زيادة تعقيداتها هذا ما استوجب وسيلة فعالة وسريعة لحل مثل هذه النزاعات من طرف أشخاص متخصصين وذوى خبرة ومؤهلات في المجال الرياضي، لاسيما بعد أن أصبحت الرياضة من بين اهتمامات الدول، فالنزاع الرياضي هو بحاجة إلى قضاء متخصص على أساس أن القضاء العادي، لن يستطيع الفصل في مثل هذه النزاعات لعدم درايته الواسعة بهذا المجال.
ونظرا للاختلاف بين النزاع الرياضى والنزاع العادي من عدة جوانب سواء من حيث مضمونه والإجراءات المتبعة فيه وطبيعته، بالإضافة إلى القرارات التي تصدر في شأنه، كما أن النزاع الرياضي خرج من طابعه الداخلي إلى الطابع الدولي هذا ما أدى إلى إنشاء محكمة التحكيم الرياضية الدولية، والتي اعتبرت من بين الهيئات المختصة بالنظر في النزاعات الرياضية عن طريق التحكيم والوساطة، إذ تعتبر أعلى هيئة قضائية في سويسرا، حيث تفصل في النزاعات كدرجة ابتدائية وفي حالات أخرى درجة استئناف، كما تعتبر قراراتها ملزمة ونافذة على جميع الأطراف.
نظام التحكيم فى المنازعات الرياضية واختصاص محكمة CAS الدولية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على موضوع من أهم الموضوعات التي لم تحظ بدراسات عديدة هو التحكيم الدولي في المنازعات الرياضية، وبيان ماهية هذا النوع الخاص من التحكيمات المخصصة، حيث يمكن تعريف التحكيم الرياضي على نطاق واسع بأنه طريقة لحل النزاعات المتعلقة بالرياضة من خلال قرار تحكيم نهائي وملزم، واليوم تم ترسيخ التحكيم باعتباره الطريقة السائدة لحل النزاعات الرياضية، ويرجع الفضل في ذلك بشكل رئيسي إلى الممارسة الموحدة والوفيرة المتاحة للجمهور من خلال محكمة التحكيم للرياضة (الـ "CAS")، مقرها في لوزان، سويسرا، يشار إليها بالعامية باسم المحكمة العليا للمنازعات الرياضية، أستاذ القانون والمحامى بالنقض وليد وهبه.
أولا: تعريف التحكيم الرياضي
في البداية - أولا: يجب تعريف التحكيم الرياضي، والذى يمكن تعريفه على نطاق واسع بأنه طريقة لحل النزاعات المتعلقة بالرياضة من خلال قرار تحكيم نهائي وملزم، ولقد تم ترسيخ التحكيم باعتباره الآلية السائدة لحل النزاعات الرياضية ويرجع الفضل في ذلك بشكل رئيسي إلى الممارسة الموحدة والمتاحة للجمهور، ولقد تطور مفهوم التحكيم الرياضي إلى إنشاء هيئة قانونية متخصصة مع قواعد وإجراءات فريدة لنظر المنازعات الرياضية، ويعتبر الغرض من إنشائها لا يتعلق بعدد الحالات المتزايد في المنازعات الرياضية، بالقدر المتزايد من الخلافات المتعلقة بإدارة الرياضة ذاتها حيث انه بالنظر إلى النمو الكبير في صناعة الرياضة على مدى السنوات الماضية – وفقا لـ"وهبه".
ثانيا: إنشاء محكمة التحكيم الرياضية
تم إنشاء محكمة التحكيم الرياضية تحت مسمى CAS وذلك فى عام 1984 في لوزان تحت إشراف اللجنة الأوليمبي الدولية، وذلك كان بعد بعرض فكرة إنشاء هيئة عليا للمنازعات الرياضية وإبعادها عن اختصاص المحاكم الوطنية، منذ إنشائها في عام 1984 سجلت حتى عام 2016 ما يقرب من 5000 قضية تحكيمية، ولقد تم إنشاء العديد من الفروع لها فى أكثر من دولة لتوسيع تطبيق اختصاص ها حتى إن اللجنة الأوليمبي في القاهرة لديها محكمة تحكيم مصرية صادر لها قانون خاص بها وتسير في منهجها على منوال المحكمة الدولية – الكلام لـ"وهبه".
تسري هذه القواعد الإجرائية كلما اتفق الطرفان على إحالة نزاع متعلق بالرياضة إلى محكمة التحكيم الرياضية، وقد تنشأ هذه الإشارة من شرط التحكيم الوارد في العقد أو اللوائح أو بسبب اتفاق تحكيم لاحق "إجراءات التحكيم العادية"، أو قد ينطوي على استئناف ضد قرار صادر عن اتحاد جمعية أو هيئة ذات صلة بالرياضة حيث الأنظمة أو اللوائح الخاصة بهذه الهيئات، أو اتفاق محدد ينص على الاستئناف إلى CAS "استئناف إجراءات التحكيم"، وقد تشمل هذه النزاعات مسائل مبدئية تتعلق بالرياضة أو المسائل المالية أو غيرها من المصالح المتعلقة بممارسة الرياضة أو تطويرها وقد تشمل بشكل عام، أي نشاط أو مسألة مرتبطة أو مرتبطة بالرياضة – هكذا يقول أستاذ القانون.
مقر التحكيم في CAS
إن أحد الفروق الفريدة لنظام CAS هو عكس التحكيم التجاري، الذى يعتمد على حرمان الأطراف من حرية اختيار مقر التحكيم، حيث إن جميع تحكيم موجود في لوزان سويسرا، بشكل افتراضي، كما هو منصوص عليه صراحة في المادة R28 من قانون CAS، للمقر الافتراضي للتحكيم آثار قانونية مهمة، لأنه يعطي تأثيرًا للاختصاص القضائي الحصري للمحكمة الفيدرالية السويسرية عندما يرغب أحد الأطراف في إلغاء قرار CAS، ووفقا لذلك تخضع جميع إجراءات التحكيم CAS لقانون التحكيم السويسري، وهو ليس بالضرورة سيئًا، حيث يعتبر القانون السويسري "ودية التحكيم"، ويجوز تنحية جائزة جانبا لأسباب محدودة للغاية، فإن للأطراف الحرية في اختيار القانون المنطبق على الأسس الموضوعية، والتي قد تشمل القوانين الوطنية، القانون عبر الوطني، المبادئ القانونية العامة.