الجمعة، 22 نوفمبر 2024 10:00 ص

حلال لـ"فيسبوك" حرام على "تيك توك".. الاتحاد الأوروبى يُغرِّم "ميتا" 1.2 مليار دولار.. اتهامات بتسريب بيانات الأوروبيين للولايات المتحدة.. وناشطون: بياناتنا فى أيدى الأجهزة الأمنية الأمريكية.. والغرامة لا تكفى

حلال لـ"فيسبوك" حرام على "تيك توك".. الاتحاد الأوروبى يُغرِّم "ميتا" 1.2 مليار دولار.. اتهامات بتسريب بيانات الأوروبيين للولايات المتحدة.. وناشطون: بياناتنا فى أيدى الأجهزة الأمنية الأمريكية.. والغرامة لا تكفى فيسبوك
الأربعاء، 24 مايو 2023 09:00 م
كتبت آمال رسلان

فى الوقت الذى تحارب فيه واشنطن بكافة مؤسساتها موقع التواصل الاجتماعى "تيك توك"، والذى تتهمه بنقل بيانات المستخدمين للصين باعتبار الموقع ملك لشركة صينية الأصل، وقع موقع فيسبوك - والذى تمتلكه عملاق التكنولوجيا الأمريكية ميتا - فى نفس الأزمة بعد اتهامه من قبل الاتحاد الأوروبى بنقل بيانات المستخدمين الأوروبيين لأمريكا، الأمر الذى يعرضهم للتجسس من قبل الأجهزة الأمنية الأمريكية.

 

واتهم الاتحاد الأوروبى فيسبوك بانتهاك قانون حماية البيانات الأوروبية وتعريض المستخدمين للخطر لأنه لا يمتلك قواعد تخزين بيانات فى أوروبا وبالتالى يقوم بنقل كافة بيانات المستخدمين ورسائلهم إلى قواعد التخزين الخاصة بهم فى أمريكا، كما يحدث مع تيك توك، وبالتالى فإن وصول الأجهزة الأمنية الأمريكية لتلك المعلومات ليس مستحيلا.

 

الأزمة خرجت للنور مع فرض لجنة حماية البيانات الإيرلندية قبل أيام قليلة غرامة مالية قياسية على شركة "ميتا"، المالكة لفيسبوك بلغت 1.2 مليار يورو، لعدم توفيرها الحماية الكافية لبيانات مستخدميها فى أوروبا، ونقلها إلى الولايات المتحدة.

 

وكانت الهيئة الإيرلندية الناظمة، وهى تتحرك نيابة عن الاتحاد الأوروبى، قد توصلت إلى أن "ميتا" انتهكت اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) عندما نقلت مجموعة كبيرة من البيانات الشخصية لمستخدمى فيس بوك الأوروبيين إلى الولايات المتحدة، بدون حمايتها بشكل كاف ويسمح لمؤسسات إنفاذ القانون الأمريكية بالوصول إليها.

 

وقالت اللجنة، إن استخدام "ميتا" لأداة قانونية تُعرف باسم "البنود التعاقدية القياسية" (SCCs) لنقل البيانات إلى الولايات المتحدة "لم تعالج المخاطر التى تتعرض لها الحقوق والحريات الأساسية" لمستخدمى فيس بوك الأوروبيين.

 

ومنحت اللجنة "ميتا" مهلة حتى 12 نوفمبر المقبل لحذف بيانات مستخدمى فيس بوك الأوروبيين التى تم نقلها وتخزينها فى الولايات المتحدة منذ عام 2020.

 

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أنه من المحتمل أن تكون العقوبة، التى أعلنتها لجنة حماية البيانات الأيرلندية، واحدة من أكثر العقوبات أهمية فى السنوات الخمس منذ أن سن الاتحاد الأوروبى قانون خصوصية البيانات التاريخى المعروف باسم اللائحة العامة لحماية البيانات.

 

ومع ذلك، هناك توقعات بأن لا يمتثل العملاق التكنولوجى للأوامر الأوروبية، وهذه الغرامة تضع "ميتا" وحيدة فى مرمى النيران القانونية، وربما هذا ما يسعى له الأوروبيون ليجعلوا منها مثالا أمام الشركات التكنولوجية الكبرى الأخرى.

 

وأصدر المتحدث باسم "ميتا" بيانا اعتبر فيه أن "هذا القرار معيب وغير مبرر ويمثل سابقة خطيرة لعدد لا يحصى من الشركات الأخرى التى تنقل البيانات بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة". وأكد البيان أن الشركة ستستأنف ضد القرار، مؤكدا أنه "لا يوجد تعطيل فورى لفيس بوك، لأن القرار يتضمن فترات تنفيذ تستمر حتى وقت لاحق من هذا العام".

 

ولكن ما سبب غضب الاتحاد الأوروبى من فيسبوك وهل تتجسس الأجهزة الأمنية على بيانات المستخدمين، اسئلة كثيرة تم طرحها بعد فرض الغرامة، ما دفع المحللين إلى وضع تفسيرات عديدة لهذا الأمر.

 

وتعتبر عملية معالجة وتخزين بيانات المستخدمين الأوروبيين خارج أوروبا مخالفة لقواعد خصوصية البيانات الصارمة فيها. ولسنوات مضت، تجاهلت بعض أكبر شركات التكنولوجيا ذلك إلى حد ما.

 

فى 2020، تلقت "ميتا" تحذيرا بشأن الطريقة التى تعاملت بها مع بيانات المستخدمين الأوروبيين، إلا أنها لم تقم بالكثير للاستجابة لتلك التحذيرات. بشأن ذلك، قال مجلس حماية البيانات فى أوروبا فى حكمه إن ميتا "ارتكبت الانتهاك على الأقل بأعلى درجة من الإهمال".

 

وقد تبنى سياسيون ومحامون ونشطاء الحقوق الرقمية الأوروبيون وجهة نظر مفادها أن الولايات المتحدة لا تفعل ما يكفى لحماية بيانات المستخدمين. وقد أخبر المنظمون الأوروبيون "ميتا" أن محاولاتها لحماية البيانات ليست كافية، إذ عليها بناء منشآت فى أوروبا لتخزين بيانات مواطنى الاتحاد.

 

وتأتى هذه التطورات بعد معركة قضائية خاضها نشطاء وحقوقيون رقميون استمرت نحو 10 سنوات، عقب قيام إدوارد سنودن الموظف السابق فى وكالة الأمن القومى الأمريكية بالكشف عن قيام شركات تكنولوجية، مثل جوجل وفيس بوك، بتسليم بيانات مستخدميها عمدا لوكالات أمنية أمريكية.

 

ويأتى هذا الأمر ليكشف التضارب الذى تتعامل به المؤسسات الأمريكية، ففى الوقت الذى سبق للولايات المتحدة نفسها أن خاضت معركة مماثلة ضد تطبيق "تيك توك" الصينى بحجة خرقه قواعد مراقبة البيانات الخاصة بمستخدميه ونقلها إلى الصين، لا تأبه لقيام فيسبوك بنفس الأمر.

 

وانتقد سياسيون أمريكيون التطبيق الصينى واعتبروه أداة تجسس على مواطنيهم. لذا، أجبرت الحكومة الأمريكية شركة "بايت دانس" المالكة لـ"تيك توك" على إنفاق المليارات لنقل مرافق تخزين ومعالجة بيانات المستخدمين الأمريكيين إلى الولايات المتحدة.

 

وللمفارقة، كانت "ميتا" من أكبر المؤيدين لمثل هذه الإجراءات بحق الشركة الصينية، حيث قامت بحملة ضغط مكثفة فى الكونجرس من أجل اعتبار "تيك توك" خطرا على الأمن القومى.

 

وفى المقابل، لا يبدو أن الشركة العملاقة مستعدة لتطبيق نفس القواعد حيال بيانات المستخدمين الأوروبيين لخدماتها، وترى أن نقل هذه البيانات إلى الولايات المتحدة لا يمثل أى مشكلة.

 

لذا، قد تشكل هذه الغرامة أكثر من خسارة مالية لميتا، إذ إنها أيضا جزء من معركة جيوسياسية أكبر، وتأكيد على أن خصوصية البيانات فى أوروبا مسألة حساسة.

 

ووفقا لفرانس 24، اعتبرت إستيل ماسى، مسؤولة برنامج حماية البيانات فى منظمة "آكسس ناو" للحقوق الرقمية، أن للقرار دلالات عميقة تشير إلى نية المشرعين الأوروبيين حماية المواطنين والدفاع عنهم. والغرامة بحد ذاتها ضخمة للغاية، "لكن للأسف هى غير كافية لردع مثل هذه المؤسسات عن جمع بياناتنا وتعريضها لخطر الكشف".

 

واعتبرت ماسى أن "هذه الشركات تربح الأموال من خلال جمع بيانات الأشخاص. الإشكالية تكمن فى قيامها بجمع بيانات الملايين حول العالم ونقلها للولايات المتحدة حيث لا تخضع لنفس مستوى الحماية الذى تتمتع به حسابات المواطنين الأمريكيين، فضلا عن أن نطاق قانون المراقبة فى الولايات المتحدة فضفاض جدا".

 

يذكر أن محكمة العدل الأوروبية كانت قد ألغت فى 2020 اتفاقية بشأن نقل البيانات بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة تعرف باسم "درع الخصوصية" (Privacy Shield)، بسبب مخاوف من ممارسات أجهزة الرقابة الأمريكية.

 

وقال لإستيل ماسى، إن "حجم هذه الغرامة يشير إلى أن الشركات لديها الكثير من المخاطر المطروحة على الطاولة". وأضاف : "لكن على الرغم من ذلك، أخشى أن ممارسات شركة ميتا لن تتغير. فقيمة الغرامة، على ضخامتها، ليست ذات أهمية بالنسبة لشركة تكسب العديد من المليارات سنويا".


print