الجمعة، 22 نوفمبر 2024 12:44 م

"المثلية الجنسية" بأوغندا فى حماية واشنطن.. قانون أوغندى يجرم المثلية والعقوبات تصل للإعدام.. التشريع يُثير غضب بايدن ويتوعد كمبالا بعقوبات اقتصادية.. والرئيس الأوغندى يرد: لن نتراجع.. والبرلمان: نحمى ثقافتنا

"المثلية الجنسية" بأوغندا فى حماية واشنطن.. قانون أوغندى يجرم المثلية والعقوبات تصل للإعدام.. التشريع يُثير غضب بايدن ويتوعد كمبالا بعقوبات اقتصادية.. والرئيس الأوغندى يرد: لن نتراجع.. والبرلمان: نحمى ثقافتنا البرلمان الأوغندي
الجمعة، 02 يونيو 2023 12:00 ص
كتبت آمال رسلان

رد فعل عنيف أبدته واشنطن ضد أوغندا الدولة الأفريقية، رغم أنها لم تعتد على سيادة دولة أخرى أو تنتهك القانون الدولى ولم تتورط في جرائم حرب مثلا، وإنما قامت أوغندا، والتي تتلقى دعما ومساعدات من أمريكا، بإقرار قانون صوت عليه برلمانها بالطرق الدستورية المعمول بها في البلاد يجرم المثلية الجنسية في البلاد ويفرض عقوبات مشددة على مرتكبيها.

ولم يقتصر رد الفعل الأمريكي على الإدانة بل بلغ حد التهديد بفرض عقوبات على كمبالا إذا مضت في تطبيق التشريع، الأمر الذى يراه المراقبون تدخلاً سافرًا في شئون دولة تمتلك حكمًا وسيادة وبرلمانًا منتخبًا.

وأقر البرلمان الأوغندى منذ أيام مشروع قانون ضد المثلية الجنسية، والقانون أصبح نافذاً الإثنين الماضى، بعدما وقّع عليه الرئيس الأوغندى يويري موسيفيني، ويفرض عقوبات شديدة على العلاقات المثلية وكذلك على "الترويج" للمثلية، ويعدّ هذا التشريع واحدا من أقسى القوانين في العالم ضد المثلية الجنسية.

ويعاقب قانون مكافحة المثلية الجنسية لعام 2023 أولئك الذين أدينوا بـ"المثلية الجنسية المشددة" بالإعدام، وهي فئة يحددها المشرعون على نطاق واسع لتشمل الجرائم التي تتراوح بين ممارسة الجنس المثلي مع قاصر وإغواء شخص ما من خلال "التحريف" أو "التأثير غير المبرر".

ويفرض القانون الجديد، أيضا، عقوبة السجن المؤبد على أي شخص يتبين أنه قام بعمل جنسي مع شخص من نفس الجنس، وتصل العقوبة إلى سبع سنوات سجن في حالة "محاولة ارتكاب جريمة المثلية الجنسية".

وقد رحّبت رئيسة البرلمان الأوغندي أنيتا أمانغ بقرار الرئيس موسيفيني توقيع مشروع القانون ليصبح قانونا نافذا، قائلة إن ذلك سوف "يصون قدسية العائلة". وأضافت أنيتا في بيان عبر تويتر بالقول "ننهض بقوة للدفاع عن ثقافة وقيَم وتطلعات شعبنا".

وما أن تم إقرار القانون حتى برزت حالة تلاسن بين أوغندا والغرب حول هذا القانون، وندّد بالقانون الرئيس الأمريكى جو بايدن، معتبراً أنّه يشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، وملوّحاً بقطع المساعدات والاستثمارات عن البلد الواقع في شرق أفريقيا.

ودعا إلى الإلغاء الفوري للتدابير المشددة الجديدة التي تعتبر من بين أمور أخرى أن "الانخراط في أفعال مثلية جنسياً" في أوغندا يشكل جريمة يعاقب عليها بالحبس مدى الحياة.

وجاء في بيان للرئيس الأمريكى أن "إصدار قانون مكافحة المثلية في أوغندا يشكل انتهاكاً مأساوياً لحقوق الإنسان العالمية"، مشيرا إلى أنه "يجب ألا يعيش أحد في خوف دائم على حياته، وألا يتعرّض أحد للعنف والتمييز. إنه خطأ".

وأوضح بايدن، أنه طلب من مجلس الأمن القومي الأمريكي أن يُجري تقييماً لتداعيات القانون على "كل أوجه الالتزام الأميركي تجاه أوغندا"، بما في ذلك خدمات الإغاثة لمرض نقص المناعة الإيدز، وغيرها من المساعدات والاستثمارات.

ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية ستدرس أيضاً فرْض عقوبات على أوغندا، ومنْع ضالعين في انتهاكات لحقوق الإنسان أو فساد في البلد الأفريقي من دخول الأراضي الأمريكية.

وتعدّ الولايات المتحدة شريكا رئيسيا لأوغندا، الواقعة في شرق أفريقيا، حيث تستفيد من قانون النمو والفرص في أفريقيا (أغوا)، والذي ييّسر الدخول إلى أسواق أمريكية رائجة، وهو تشريع وافق عليه الكونجرس الأمريكي في شهر مايو من العام 2000، والغرض من التشريع الأمريكي يتمثل في مساعدة اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء وتحسين العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والمنطقة.

وفي شهر يونيو من العام 2015، تم تمديد القانون الأمريكي لمدة 10 سنوات بعد جدال حاد بين الإيجابيات والسلبيات، في حين أن أطول تمديد لقانون «أغوا» في تاريخه يوفر فوائد تجارية ملموسة للمنتجين الأفارقة لفترة من الوقت.

ويوفر قانون أغوا الأفضليات التجارية للحصص والدخول المعفى من الرسوم الجمركية إلى الولايات المتحدة لسلع معينة، ما يوسع الفوائد بموجب برنامج نظام الأفضليات المعمم «GSP»، كذلك وسّع القانون الوصول إلى الأسواق بسلع المنسوجات والملابس إلى الولايات المتحدة الأمريكية للبلدان المؤهلة، على الرغم من تضمين العديد من السلع الأخرى أيضا.

ليست واشنطن وحدها بل استنكر وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل المصادقة على هذا القانون الذي "يتعارض مع حقوق الإنسان"، محذّراً من أنّه إذا لم تتراجع أوغندا عنه فإنّ "العلاقات مع الشركاء الدوليين ستكون مهدّدة".

كما عبّرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن "ذهولها" لرؤية مشروع القانون الذى وصفته بـ"القاسي والتمييزي" هذا يدخل حيز التنفيذ، معتبرة انه "يخالف الدستور والمعاهدات الدولية" ويفتح الطريق امام "انتهاكات منهجية لحقوق مثليي الجنس والمتحوّلين جنسيا".

وفي بيان مشترك، عبّرت ثلاثة من أبرز البرامج العالمية لمكافحة الايدز وهي: المبادرة الأمريكية للإغاثة من الإيدز، التي تعرف بـ (الخطة الرئاسية الأمريكية للإغاثة من الإيدز) "بيبفار"، ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة، والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا)، عن عميق قلقها بشأن "الآثار الضارة" للتشريع الجديد في أوغندا.

وجاء في البيان أن "ما أحرزته أوغندا من تقدُّم على صعيد مكافحة فيروس الايدز يواجه الآن خطرا شديدا". وأضاف البيان أن "الوصمة والتمييز اللذين صاحبا تمرير مشروع القانون قادا بالفعل إلى خفض محاولات البحث عن وقاية من المرض فضلاً عن طلب الحصول على علاج".

ورغم الضغوط، رد الرئيس الأوغندي موسيفيني على العقوبات التي هدّدت بفرضها دول غربية على كمبالا بسبب إقرارها قانوناً لمكافحة المثلية الجنسية، بالقول إنّ "لا أحد سيجعلنا نتراجع" عن تطبيق هذا القانون، وقال موسيفيني في اجتماع لقيادات في حزبه إنّ "حركة المقاومة الوطنية (الحزب الحاكم) لم تتحدّث يوماً بلسانين، ما نقوله لكم سرّاً هو ما نقوله لكم إعلاناً".

وأضاف بحسب بيان نشرته الرئاسة الأوغندية "من هنا، فإنّ توقيع القانون تمّ، ولا أحد سيجعلنا نتراجع عنه".

ووفقاً للبيان فإنّ "الرئيس موسيفيني حضّ الأوغنديين على الحفاظ على حزمهم، مؤكّداً أنّ المثلية الجنسية قضية خطيرة تهمّ الجنس البشري"، مضيفا "أهنئ المشرّعين على دعمهم" معتبراً أنّه "عندما يناضلون من أجل القضية الصائبة، لا يمكن لأحد أن يهزمهم".


print