فى العاصمة الفرنسية باريس والتى تعج ببيوت الأزياء والموضة العالمية والعديد من العلامات التجارية الشهرية، برز بشكل واضح دور المؤثرين عبر السوشيال ميديا "الانفلونسرز" فى الترويج بشكل عصرى لتلك العلامات التجارية، حيث هناك ما يقدر بنحو 150 ألف مؤثر فى فرنسا، لكن تصرفات بعضهم جعلت التسويق المؤثر موضع انتقاد بعد ارتكابهم مخالفات وصلت لحد توجيه تهم جنائية لبعضهم.
وفى السنوات الأخيرة، ضربت موجة من الفضائح البارزة قطاع المؤثرين فى فرنسا، وحُكم على نجمة تلفزيون الواقع نبيلة بن عطية فيرجارا بغرامة قدرها 20 ألف يورو لترويجها بيتكوين لملايين متابعى سناب شات دون الكشف عن تلقيها مقابل ذلك. وإيلى يافا، التى تغنى الراب تحت اسم بوبا، اتهمت الوكيل المؤثر ماجالى بيردة باستخدام وكالتها كسفينة للترويج لمنتجات مشكوك فيها. وتقدم أكثر من 100 ضحية بدعوى قضائية جماعية فى وقت سابق من هذا العام، متهمين المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعى الفرنسيين بتعمد دفعهم إلى خسارة المال على منصات التداول.
وتجاوز نطاق عمليات الاحتيال على وسائل التواصل الاجتماعى العناوين الرئيسية للصحف، ما دفع فرنسا لوضع قانون جديد هو الأول فى أوروبا يستهدف المؤثرين، وتمت الموافقة على صياغة القانون الجديد من قبل المشرعين الفرنسيين من مختلف الأطياف السياسية ويمكن أن تعنى عقوبة السجن أو غرامات صارمة.
واعتمد البرلمان الفرنسى مشروع قانون من الحزبين لتنظيم أنشطة المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعى فى محاولة للحد من الترويج للمنتجات والاتجاهات الخطرة.
وصوت المشرعون فى الجمعية الوطنية لصالحه، حيث صوت 342 عضوًا فى مجلس الشيوخ من مختلف الأطياف السياسية لتمرير مشروع القانون الذى قدمه النائب الاشتراكى آرثر ديلابورتى وستيفان فوجيتا، النائب عن عصر النهضة للرئيس إيمانويل ماكرون.
وقالت المقررة أميل جاكيرى عضو مجلس الشيوخ المكلف بتقديم مشروع القانون فى المجلس الأعلى "يمكننا أن نفخر بهذا الاتفاق غير المسبوق".
وفى حديثها بعد التصويت، أشادت أوليفيا جريجوار، وزيرة التجارة الشابة، "بالتزام البرلمانيين" و"جودة هذا العمل".
ووفقا ليورونيوز، يمتلك العديد من المؤثرين جمهورًا متواضعًا، لكن يمكن لبعض المشاهير الذين لديهم ملايين من المتابعين التأثير على سلوكيات الاستهلاك، خاصة بين الشباب.
ويقترح النص تعريف المؤثرين قانونًا على أنهم "أفراد أو كيانات قانونية يقومون، مقابل رسوم، بالترويج عن السلع والخدمات عبر الإنترنت".
ووفقا للقانون الجديد يحظر الترويج لممارسات معينة - مثل الجراحة التجميلية والامتناع عن العلاج - ويحظر الترويج للعديد من الأجهزة الطبية أو ينظمه بشدة، كما يحظر الترويج للمنتجات التى تحتوى على النيكوتين.
كذلك يحظر المراهنات الرياضية والمقامرة: ويمكن أن تصل عقوبات عدم الامتثال إلى السجن لمدة عامين وغرامة قدرها 300 الف يورو.
كذلك يطالب القانون "الانفلونسرز" بالكشف عن استخدامهم "للفلاتر" خلال التقاط الصور، على سبيل المثال عند الترويج لمستحضرات التجميل لجعلها أكثر جاذبية.
سيتم أيضًا تنظيم وكلاء المؤثرين، و سيكون هناك عقد مكتوب إلزاميًا بين الوكيل والمؤثر عندما تتجاوز المبالغ المعنية حدًا معينًا، ويتضمن النص أيضًا تدابير لمحاسبة تلك المنصات ضريبي.
ويتركز حجر الزاوية فى القانون الفرنسى الجديد حول الشفافية حيث سيُطلب من المؤثرين الآن الكشف صراحة عن أى محتوى أو شراكات مدعومة. ينص القانون على وجوب إجراء مثل هذه الإفصاحات فى بداية كل منشور، مما يضمن وعى المستهلكين بالطبيعة التجارية للمحتوى منذ البداية.
وإدراكًا للحاجة إلى تثقيف المؤثرين حول اللوائح الجديدة، تخطط الحكومة الفرنسية أيضًا لإطلاق حملات تثقيفية من شأنها إعلام المؤثرين بمسؤولياتهم وتوجيههم بشأن ممارسات الإفصاح المناسبة. تهدف هذه الحملات إلى مساعدة المؤثرين على التنقل فى المشهد القانونى وتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة مع الحفاظ على إبداعهم.
يركز القانون الفرنسى الجديد أيضًا على حماية الجماهير الضعيفة، لا سيما القصر، حيث يتطلب القانون من المؤثرين توخى الحذر عند الترويج للمنتجات أو الخدمات التى قد تكون ضارة أو غير مناسبة للمشاهدين الصغار.
نظرًا لتأثير فرنسا فى صناعة الأزياء العالمية والرفاهية، فمن المحتمل أن يكون لهذا القانون تأثير مضاعف على مشهد التسويق المؤثر الدولي. وسيتعين على العلامات التجارية والمؤثرين الذين يعملون على نطاق عالمى التأقلم مع هذه المعايير الجديدة، من المرجح أن تلهم فرنسا البلدان الأخرى لتحذو حذوها، مما يؤدى إلى مشهد تسويق مؤثر عالمى أكثر مسؤولية وشفافية.