صداع مستمر داخل الغرف التشريعية حول العالم تسبب فيه التطور المضطرد للذكاء الاصطناعى على مدار الشهور الماضية، ووسط تحذيرات خبراء التكنولوجيا من المخاطر نتيجة الروبوتات المطورة حديثا، اتجه المشرعون فى أمريكا وأوروبا لاتخاذ خطوات سريعة للسيطرة على تلك التكنولوجيا المقلقة.
وخلال الساعات الماضية خطى الكونجرس الأمريكى أولى خطواته نحو تقنين استخدام الذكاء الاصطناعى، حيث قدمت مجموعةٌ من أعضاء الكونجرس عن كلا الحزبين الجمهورى والديمقراطى، مشروعَ قانونٍ لإنشاء لجنة لدراسة نهج البلاد تجاه الذكاء الاصطناعى (AI).
ويهدف مشروع القانون لوضع لوائحَ تنظيميةٍ لصناعة الذكاء الاصطناعى، إذ يأتى هذا القانون فى أعقاب خطوات مجموعات حماية المستهلك فى الاتحاد الأوروبى (EU) التى تحثُّ المنظمينَ على إجراء تحقيقات حول نماذج الذكاء الاصطناعى وراء روبوتات الدردشة الشائعة.
ويقترح مشروع القانون إنشاءَ لجنة وطنية لصياغة إطار شامل لتنظيم الذكاء الاصطناعى، بهدف معالجة المخاطر المحتملة المرتبطة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، وستجمع اللجنة الخبراءَ والمسؤولين الحكوميين وممثلى الصناعة وأصحاب المصلحة فى العمل لتحقيق ذلك، حيث يركزون جهودَهم الجماعية على تقديم توصيات لتنظيم فعال للذكاء الاصطناعي.
وأطلق زعيم الأغلبية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر، الأربعاء، مقترحا لإنشاء قواعد جديدة لعالم الذكاء الاصطناعى الناشئ، بهدف تسريع الابتكار الأمريكى مع تجنب مستقبل بائس.
وفى خطاب ألقاه فى مركز أبحاث بواشنطن، دعا شومر إلى مزيد من المشاركة الفيدرالية فى الحفاظ على القدرة التنافسية للولايات المتحدة.
وقال شومر، إن ذلك سيتطلب اهتمامًا دقيقًا للتخفيف من الأضرار المحتملة للذكاء الاصطناعى وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
وأوضح شومر فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "المسألة الأولى التى يجب معالجتها هى تشجيع الابتكار، وليس خنقه". "ولكن إذا كان الناس لا يعتقدون أن الابتكار يمكن القيام به بأمان، فسيؤدى ذلك إلى إبطاء تطور الذكاء الاصطناعى وحتى منعنا من المضى قدمًا".
وأضاف فى ورقة حقائق أنه "مع وجود الكثير من الإمكانات، يجب على الولايات المتحدة أن تقود الابتكار وأن تكتب قواعد تنظيم الذكاء الاصطناعى، وألا تدع خصومًا مثل الحزب الشيوعى الصينى يصوغون معايير التكنولوجيا المتطورة".
وتأتى خطوات واشنطن بالتزامن مع خطوات أوروبية مشابهة، حيث ذكرت مجلة فورين بوليسى الأمريكية، أن المشرعين فى البرلمان الأوروبى أقروا، مسودة مشروع قانون لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعى، الأمر الذى يقرب الكتلة رسميا من تبنى أول مجموعة رئيسية من القواعد الشاملة المنظمة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، ومن المتوقع أن تصدر الموافقة النهائية على مشروع القانون بنهاية هذا العام.
وبموجب قانون الذكاء الاصطناعى، سيتم تصنيف جميع أنظمة الذكاء الاصطناعى وفق 4 مستويات للمخاطر، من المحدودة إلى غير المقبولة.
وأوضحت المجلة أن التكنولوجيا التى تمثل خطورة غير مقبولة مثل الأنظمة التى تحكم على الأشخاص، والتى تعرف بـ"التقييم الاجتماعى"، بالإضافة إلى أدوات الشرطة التنبؤية (أنظمة تسمح بالتنبؤ بالسلوك الإجرامى) ستحظر.
كما سيواجه الذكاء الاصطناعى الذى يركز على الأطفال والفئات الأكثر عرضة للخطر، وممارسات التوظيف، تدقيقا أشد صرامة.
وستتطلب اللوائح التنظيمية الجديدة معايير خصوصية أكبر، وقوانين شفافية أكثر صرامة، وغرامات أكبر على عدم التعاون.
وقال براندو بينيفى، المشارك فى مشروع القانون :"بينما تدق شركات التكنولوجيا الكبرى ناقوس الخطر بشأن إبداعاتها الخاصة، اقترحت أوروبا استجابة ملموسة للمخاطر التى بدأ الذكاء الاصطناعى بتشكيلها".
وأوضحت «فورين بوليسي» أن عبء التنفيذ سيقع على عاتق الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، حيث سيواجه المخالفون من الشركات غرامات تصل إلى 33 مليون دولار أو 6% من الإيرادات العالمية السنوية للشركة، الأمر الذى قد يضيف ما يصل إلى مليارات الدولارات لعمالقة التكنولوجيا مثل جوجل أو مايكروسوفت.
التعديلات على القانون التاريخى الذى اقترحه الاتحاد الأوروبى والذى يهدف إلى حماية المواطنين من مخاطر التكنولوجيا يمكن أن تؤدى إلى صدام مع الدول الأوروبية التى تعارض فرض حظر كامل على استخدام الذكاء الاصطناعى فى المراقبة البيومترية.
وفى إبريل الماضى، حذت الصين حذوها، حيث نشرت مجموعة من مسودات القواعد التى تتطلب من صناع روبوتات المحادثة الالتزام بقوانين الرقابة الحكومية.
وتأتى بعدهما بريطانيا، التى أعلنت الأسبوع الماضى أن لندن ستستضيف أول قمة عالمية عن الذكاء الاصطناعى خلال الخريف المقبل.