انطلقت اليوم الخميس، رابع جلسات المحور المجتمعى بالحوار الوطنى، بمركز القاهرة للمؤتمرات بمدينة نصر، حيث ناقشت لجنة الثقافة والهوية الوطنية، على مدار جلستين، تحت عنوان "مستقبل الثقافة فى مصر، وسبل تعظيم الاستفادة من المؤسسات الثقافية المصرية".
من ناحيته أكد الدكتور أحمد زايد، مقرر لجنة الثقافة والهوية الوطنية بالحوار الوطنى، أن مناقشات اللجنة خلال الجلستين السابقتين كانت مثمرة للغاية وهامة، لافتا إلى أن جلستى اليوم تناقشان دور المؤسسات الثقافية فى المجتمع وكيفية تعظيم هذا الدور وعدد من القضايا المرتبطة بهذا الموضوع، مؤكدًا ضرورة تفعيل دور المؤسسات الثقافية ووضع سياسات ثقافية فعالة.
وبدورها قالت الدكتورة هانيا شلقامى، مقرر مساعد المحور المجتمعى، إن الثقافة محور هام، باعتبارها المحتوى المعنوى للتنمية والمواطنة والتقدم، ما يستدعى بلورة عدة رؤى تثرى هذا البناء المعنوى الذى يحتاجه كل المصريين، موضحة أن الهدف هو إرساء علاقات سوية تنتج محتوى إعلامى وصحفى ومجتمعى وشعبى وحكومى قادر على المحافظة على الهوية المصرية وقوى مصر الناعمة.
فيما أكد الكاتب والروائى يوسف القعيد، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، أن الثقافة تحتاج لوقفة حقيقة فى الدولة المصرية، مشيرا إلى أن وزارة الثقافة فى مصر تقوم بدورها بشكل جيد، لكن المشكلة فى ميزانيتها، بجانب مشكلة الأمية وهى العدو الأكبر للثقافة، موضحا أن الثقافة لا تصل للقرى إلا بالصدفة، ورغم أن هناك جهد جيد تقوم به وزارة الثقافة، لكن إذا قمنا بحل مشكلة الميزانيات، وأعددنا العاملين فى هذه الأماكن إعداد جيد سيكون هام، مشددا على ضرورة أن يكون هناك موقف حقيقى ضد الأمية التى تهدد حياة المجتمع.
وواصل: "أنا ابن القرية، ومنذ طفولتى لم يعرض فيلم سينمائى واحد فى قريتى، أما المسرح فهو ترف لا تعرفه القرية.. من يعيش فى القرى يعلم تراجع الثقافة فيها بشكل غير عادى، ويجب أن يكون هناك اهتمام حقيقى بثقافة القرية المصرية ومحو الأمية".
فيما أكد حسين كمال عبد القادر، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، ضرورة خلق سبل مساعدة لنقل عمليات التراث والحفاظ عليه، مضيفًا أن الحديث عن الثقافة من الأمور الهامة والاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية مثلما قال الرئيس السيسى أثناء دعوته للحوار الوطنى فى حفل إفطار الأسرة المصرية فى أبريل 2022.
وقال عبد القادر، إن الحوار الوطنى عكس رؤية القيادة السياسية لتطوير الحياة السياسية والسير نحو الجمهورية الجديدة، مشيرًا إلى أن الهيئة الوطنية للإعلام لها دور فى خدمة المواطن المصرى، بالإضافة إلى دورها فى تنفيذ الاستراتيحة الوطنية الإعلامية، موضحًا أن التراث من الصفات الهامة التى عملت عليها الهيئة للحفاظ عليها.
وشدد، على أهمية العمل على خلق سبل مساعدة لنقل عمليات التراث والحفاظ عليه لما يمثل أهمية من قيم أسرية، والعودة للقراءة وتحفيز المدارس والأسر للعودة إلى الثقافة .
ومن جانبه أكد الفنان محمد صبحى، على أهمية الحوار الوطنى، مشيدًا بالقائمين عليه والمشاركين فيه، وإسهاماتهم فى تقدم الحركة الواعية فى مصر فى ظل ما يحيط بنا من ظروف، وهو نهج متحضر ينال احترام الجميع، مشيرًا الى أن الثقافة والفن يبرزان الأكفاء، وفى مصر يمثلان الريادة الحقيقة.
وقال الفنان محمد صبحى: "لنا أن نفخر بمصر كفنانين، نعم مصر لها الريادة، فكان الأشقاء العرب من لم يأت منهم لمصر لا يلمع، فمصر هى من علمت العالم أن الانطلاق والريادة يأتى من هنا، فالناس كان تصطف على الشبابيك، وكان فى القاهرة فقط كان 28 مسرحًا اختفت الآن بدأت أن تختفى، وكذلك بدأت تختفى دور العرض".
وأوضح، أن الهوية هى بداية الموروثات وإذا تابعنا فترة العشرينات، سنجد أن هناك قامات فى جميع المجالات، مضيفا أن هناك إشكالية بين التكنولوجيا والتخلف، فالمفترض مع قمة التكنولوجيا هناك ثوابت لا يمكن التخلى عنها، قائلا: "لكننا للأسف تخلينا عن موروثاتنا والجميل فينا، فلم يصبح هناك صحف ورقية الآن، واليوم المسارح مغلقة، وأكاد أنا الوحيد من يعمل فى الصحراء، رغم المفترض أن أعيش تجربة كفنان وحركة نقدية لا أن يتم تعليبنا".
وواصل: "الفن لابد أن يعبر للثقافة التى هى سلوك، فهناك ممارسات هدت أجمل ما فينا بسبب غياب التخطيط"، لافتا إلى أن مصر كان بها أكثر من 60 منتج منهم من يقدم الأعمال التافهة لم يلتفت لها أحد بسبب وجود الإيجابى، وهذا سلوك وثقافة شعب، وكنا نتمسك بجملة أن العلم يحعل العالم يعلم أنه يعلم، وأن الجاهل يجهل أنه جاهل.
واستطرد: "اختفى كل ما هو ورقى تحت حجة أنه يجب أن نقفز للتكنولوجيا، دون أن نتمسك بالحلو والأجمل فيما عيشناه، دون أن نتعامل مع التكنولوجيا والسوشيال ميديا بوعى، خاصة وأن لدينا قدرات فائقة فى مصر قصاصين ونحاتين ومثقفين وفنانين وتعبنا فيه"، مشيرا إلى أن التليفزيون المصرى كان هو التليفزيون العربى الذى صنع برامج تبنى وعى ومعلومة وتحفز لأن تعلم أكثر وصنع النجوم، كنا نعمل بملاليم لنرد الجميل للتلفزيون، ونتمنى أن يصل بنا الحوار الوطنى إلى بر الأمان".
فيما أكدت الفنانة نهال عنبر، أهمية دور الأسرة والمجتمع والمدارس ومراكز الشباب والمراكز الثقافية فى المحافظات والقرى، فى تنمية وعى الأطفال بالثقافة والهوية الوطنية حتى لايكون عرضة للمعلومات الخاطرة والمغلوطة التى تتنتشر عبر الوسائل المختلفة، مشيرة إلى أهمية إطلاق المسابقات وبرامج ثقافية للأطفال وإقامة رحلات ثقافية، مشددة على أهمية أن تكون تلك البرامج الثقافية والوعى بها بطرق غير مباشرة لأن الطرق المباشرة احيان لاتحقق المرجو منها، مطالبة بتوفير كامل الدعم للمراكز الثقافية فى القرى والنجوع، باعتبارها مكان اللبنة الأولى لتنشئة الأطفال والشباب.
فيما أكد عماد خليل، ممثل عن مكتبة الاسكندرية، أن المؤسسات الثقافية فى مصر يجب أن تكون موجهة للعامة وليست للمثقفين، حيث أن هناك اسلوب رئيسى متبع فى العالم أجمع وهى ان تذهب المؤسسات للناس وليس ان تنتظرهم يذهبوا إليها، لافتا إلى أن هناك مؤسسات لم تنجح فى الوصول للمواطنين فى الخارج كالجامعات، حيث أن كل الأنشطة الجامعية داخل جدران الجامعة فقط وليست خارجها كذالك المتاحف انشطتها موجهة لزوار المتحف فقط.
وأشار خليل، إلى أن المؤسسة إذا لم تخرج خارج حدودها ستظل قاصرة على أعضائها، موضحا أن هناك جامعات تقيم أيام مفتوحة للمواطنين كعلوم البيئة، مشددة على ألا تكون الأنشطة الثقافية فى المؤسسات داخل المؤسسة او على المثقفين فقط، مشيرًا إلى قرار وزارة الآثار بدخول المتاحف بـ"الكريدت كارد" وليس الكاش مما يتسيب فى استبعاد فئة كاملة من المجتمع لا تملك الكريدت كارد من دخول المتاحف.
فيما قالت فاطمة سليم، ممثل حزب الإصلاح والتنمية، إن هناك نظرة لقضية تطوير الثقافة على أنها قضية ثانوية أو هامشية، وأول الخطوات الهامة فى تطوير وخل مشكلات الثقافة، هو تغيير هذه النظرة، لافتة إلى أن هناك عدد كبير من التحديات التى تواجه القضية الثقافية فى مصر، وعلى رأسها عدم توافر المنافذ الثقافية فى القرى والمناطق الريفية، وتركيزها فى العاصمة.
ونوهت، إلى أنه تم إغلاق عدد كبير من القصور الثقافية فى العديد من القرى، إما بسبب الأزمات التى تواجهها أو للإحلال والتجديد، مشيرة إلى أن هناك عدد من المقترحات لحل الأزمات التى تواجه القضايا الثقافية وتطوير الجانب الثقافى، اولها، الاهتمام بإنشاء القصور الثقافية فى القرى، وتعظيم الأنشطة الثقافية فى المنشآت التعليمية، إلى جانب إطلاق مسابقات فى مختلف المحافظات، تستهدف الارتقاء بالجانب الثقافى.
وأوصت سليم، بضرورة الاهتمام بمسابقات النشء، لتحفيز الصغار على القراءة، إلى جانب توفير مكتبة فى مراكز الشباب فى الجمهورية، وإطلاق مبادرة مكتبة فى مدرستنا لكل قريبنا، وتابعت: "بالفن ارتقى الشعوب، ولابد من الإعلان عن مشروع قومى للمسرح، والاهتمام مبادرات الكشف عن المواهب ودعم السينما المستقلة".
وفى الجلسة ذاتها، قال الفنان خالد الصاوى، إن هناك حالة من التشويش فى معرفة التاريخ لدى فئات كثيرة فى الشعب المصرى، ولا تعرف السلسال الحقيقى لشخصيتها وهويتها، مضيفًا أن هناك 4 تيارات سياسية تسيطر على المشهد فى مصر، وتضع أولوياتها فقط فى تطبيق مشروعها، حتى لو كانت عاصمة المشروع ليست مصر.
وأوضح الصاوى، أنه هناك فئات كثيرة بعيدة عن الثقافة، متابعا: :ليه ما أخدش ولادى وأقرأ اللى مكتوب على المعابد او المتاحف ل‘ن دا اللى بيدرسه فى المدرسة"، مشيرا إلى ضرورة العمل على تعلم كل الأدوات الجديدة، والتعريف أكثير بتاريخنا واقتحام الأسوار المجهولة، مؤكدا: "يجب التصالح مع تاريخنا، وعدم التفريق على أساس الدين أو الميول، نحن ننظر إلى تاريخنا بصورة غير صحيحة، يجب أن نتصالح مع تاريخنا حتى لو سفاح زى اليابانيين، وقبل مانتكلم فى الثقافة، لابد من مناقشة مشكلة الهوية والتعريف الشخصى".
وأكد الصاوى، أن هناك مشكلة كبرى لدى نسبة كبيرة من المصريين، وهو اللبس الحاصل والتناقض فى دراسة التاريخ، والنظر إلى الفراعنة نظرة محدودة، متابعا: "دول حلوين ولا وحشين.. كفرة لا مسلمين ولا مسيحيين، وكأنهم لازم يبقوا مسيحيين أو مسلمين قبل نزول الدين الإسلامى والإنجيل"، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بوضع أدوات جديدة للمشاريع الثقافية، والاهتمام بالصروح الثقافية فى مختلف المناطق.
وفى سياق متصل، أشادت نشوى جاد، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمنصة الرقمية "Watch It"، بالمناقشات المثمرة خلال جلسات الحوار الوطنى، مؤكدة أهمية الوصول لمخرجات ونتائج جيدة تساهم فى احياء المشهد الثقافى فى مصر والمنطقة، لافتة إلى أن المشهد الثقافى فى الماضى تغير عما هو الآن، فقد كان فى الماضى يعتمد على دور العرض والسينما ولكن الآن تغير بسبب التكنولوجيا، لافتة إلى أن الإقبال على السينما والمسارح ارتفع ولكن هناك اختلاف فى النوعية المترددة عليها، بسبب الوسائل التى تتيح الثقافة بشكل مختلف سواء من خلال المنصات او خاصية الخبر، وأصبح المشهد الثقافى محكوم بأشياء أخرى.
وذكرت جاد، أن جائحة كورونا غيرت وطورت من المشهد الثقافى الحالى، وظهرت ثورة لمنصات الرقمية، وفى مصر تمكنت وزارة الثقافة عبر صفحاتها الرئيسية من بث كافة الأنشطة أون لاين، وتغير المشهد الثقافى بالتغيرات التى طرأت عليه وتمكن الناس من التعامل معه أيضا ، كما أصبحت المنصات أصبحت فى يد كل مواطن.
وأضافت، أن المنصة الرقمية "Watch It"، حريصة على تقديم أعمال آمنة للأطفال والأسرة ومطمئنة بعيدًا عن محتوى يخالف قيم المجتمع وثقافاته المختلفة، قائلة: "وبالفعل نغطى كل الثقافات والطبقات وهدفنا مواكبة القواعد الأسر والتعريف بهويتهم"، لافتة إلى أن الشكل الإيجابى للإنترنت موجود وكذلك السلبى، والمنصة نجحت فى تقديم سلسلة درامية بعنوان "أم الدنيا" وهو أول عمل يتناول الحضارة المصرية وتأثيرها حتى اليوم، معقبة: "يمكن القول بكل الفخر أنه بأياد مصرية".
وأكدت، أهمية القوانين المنظمة للعملية الثقافية وصناعة المشهد الثقافى فى مصر، وإحياء التراث بشكل معاصر ومختلف، مشددة على ضرورة مواجهة القرصنة وسرقة المحتوى، وإطلاق مبادرة عالمية تحمى أهل الصناعة والقطاعات المختلفة من القرصنة.
