لازالت ردود الأفعال مستمرة حول اتهام شخص يدعى رجب محمد، الشهير بـ"رجب بحه"، منية الحيط، مركز اطسا، محافظة الفيوم، بالسحر والشعوذة، ما أدى لخروج الرجل في العديد من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة لينفى عنه ذلك الإتهام، وهو الأمر الذى أثار حفيظة أهالى قريته، حيث ردد الحاج "رجب بحه" قائلا: "أنا شغال بناء وعندى كوم لحم، وعمرى ما كنت بعمل أسحار، وكل البلد تعرفنى، والسحر دا شرك بالله".
فقد أصبح مع ثورة الاتصالات والتطور التكنولوجي نشر الفيديوهات والشتهير والحط من الناس وإزعاجهم ورميهم بالسب والقذف، وتسجيل المكالمات والتجسس على التليفون وتسريب المكالمات أو غيرها من وسائل الاتصال الأخرى من الأمور اليسير حدوثه، وهى من آفات ذلك العصر، وأن الأصل العام يعد هذا الفعل جريمة يعاقب عليها القانون، وذلك لأن الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة سواء كان بالتنصت على المكالمات التليفونية أو تسجيلها، وكذلك التقاط الصور ونشرها يعد تعديا صارخا على نص دستورى يصون ويحمى الحياة الخاصة لكل إنسان.
هل لإتهام عم "رجب بحه" بـ"السحر" عقوبة؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على عقوبة الجرائم المقررة لإرتكاب هذه الأفعال، خاصة وأن انتهاك حياة الآخرين الخاصة تشكل جريمة طبقا للقانون، لذلك يجب توعية المواطن من جرائم السوشيال ميديا التي يقع فيها دون علم، ولكن جهله بالقانون هذا ليس عذرا مقبولا من الناحية القانونية، لأن قانون تقنية المعلومات تم اقراره منذ عام 2018، فضلا عن أن المحاكم أصبحت تكتظ بالقضايا الالكترونية التي تحط من قدر العائلات والأشخاص والتي أصبحت محط أنظار الشارع والمجتمعى المصرى، باعتبارها جرائم لا يمكن السكوت عنها حيث تنتشر في الشارع كإنتشار النار في الهشيم – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
في البداية - تنص المادة 57 من دستور 2014 على أن: "للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة وفقا لأحكام القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها" – وفقا لـ"صبرى".
3 قوانين تتصدى لجريمة السب والقذف والتشهير
والمشرع يجرم تسجيل المكالمات الشخصية عبر الهاتف أو التقاط فيديوهات أو صور ونشرها أو الاعتداء علي الحياة الخاصة دون الحصول على إذن من النيابة أو القاضي المختص حسب الأحوال، وغيرها من جرائم التشهير والسب والقذف، وإذا تم تسجيل مكالمة دون إذن قضائي أو بدون رضا المجني عليه وكان مضمون المكالمة المسجلة قد يشكل جريمة فإن هذه التسجيلات لا يعتد بها قانوناً ولا ينتج أي أثر قانوني أمام المحكمة وتعرض الذي قام بتسجيلها للمساءلة القانونية، حيث أن التصنّت وتسجيل المحادثات عن طريق الهاتف أو أي وسيلة أخرى في أماكن خاصة، بدون اتباع الطرق القانونية يعد جريمة جنائية وفقا لنص المادتين "309 مكرر، 309 مكرر أ" من قانون العقوبات – الكلام لـ"صبرى".
"يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وقام بتسجيل محادثة أو التقاط صور وفيديوهات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون، وذلك في غير الاحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضا المجني عليه، ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الاجهزة كما يحكم بمحو التسجيلات الحاصلة عنها أو إعدامها"، وتعتبر هاتان المادتان إضافة مهمة إلى ضمانات الحرية الشخصية، إذ أنهما يجرمان الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة عن طريق استراق السمع أو تسجيل المحادثات فى أماكن خاصة أو عن طريق التليفون أو التقاط صورة شخصية فى مكان خاص أو إذاعة هذه التسجيلات أو التهديد بها، وهاتان المادتان تتوافقان مع نص المادة 57 من دستور 2014 .
الأبرز مكافحة جرائم الإنترنت
فأسرار الحياة الخاصة التي فى المكالمات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال الأخرى هي ملك لأفرادها ولا يجوز استراق السمع، أو نقلها أو نشرها ويعد ذلك جريمة يعاقب عليها القانون كما استراق السمع "التنصت" على المكالمات التليفونية أو الرسائل الخاصة أو الإلكترونية أو تسجيل المحادثات التى تجرى فى مكان خاص أو عن طريق التليفون أو نقلها أو تصوير شخص فى مكان خاص.
وتجدر الإشارة إلى أنه يستثنى من عقوبة التنصت على المكالمات ما جرى تسجيله أو نقله أو تصويره في مكان عام لافتراض الرضا وعلانية ما تم نقله أو تسجيله أو تصويره، فأن التصوير في الأماكن العامة غير مخالف للقانون طالما أنه لم يتناف مع الآداب العامة، وأن المكان غير محظور التصوير فيه، ولكن لابد من ضرورة الالتزام بالحفاظ على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين أثناء التصوير، باعتبار الاعتداء عليها جريمة يعاقب عليها القانون ، كما لا تعد جريمة إذا كانت تلك الأسرار متعلقة بالمهنة أو الوظيفة وذلك كونها ملك للعامة ويشترط في ذلك عدم مساسها بالحياة الشخصية.
العقوبة تصل للحبس 5 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه
جدير بالذكر أن هناك طريق رسمه القانون لرفع دعوي جنائية في تهمتى القذف والسب. وفقاً للمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، التى تنص على أنه " لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه، أو من وكيله الخاص ، إلى النيابة العامة ، أو إلى أحد مأمورى الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185، 274 ، 277 ، 279 ، 292، 293، 303، 306، 307، 308 من قانون العقوبات، وكذلك في الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون".
ومن ثم لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية بجريمتي السب والقذف، إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه، أو من وكيله الخاص، إلى النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى ، ويشترط لصحة التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً لا عاماً، أى أن تحدد فيه الواقعة التى تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى، ويرتبط بذلك أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة، ويترتب على ذلك أنه لا محل في الشكوى لتوكيل عام، ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب في المستقبل.
رأى محكمة النقض في الأزمة
ولا تقبل الشكوى بعد 3 أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة وبمرتكبها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وأن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية تضع قيداً على حق النيابة في تحريك الدعوى العمومية بجعله متوقفاً على تقديم الشكوى من المجنى عليه أو من وكيله الخاص في الفترة المحددة بتلك المادة، وفِي حالة عدم رفع الدعوي بغير الطريق الذى رسمه القانون، فإن المحكمة تقضى بعدم قبول الدعوى الجنائية لمخالفتها صريح نص القانون وفقاً للمادة الثالثة إجراءات جنائية.
أن محكمة النقض: رسخت مبدأ قانونيًا بجواز تسجيل المكالمات التليفونية إذا كانت تنطوى على سب وقذف واعتبارها دليل إدانة دون الحاجة لاستصدار إذن مسبق
واستندت في هذا الأمر إلى نص المادة 95 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية.
أن المشرع تطلب مباشرة الإجراءات المبينة بالمادة المراد ذكرها كي يوضع تحت المراقبة التليفون الذي استعان به الجاني في توجيه ألفاظ السب والقذف إلى المجني عليه ، بحسبان أن تلك الإجراءات فرضت ضمانة لحماية الحياة الخاصة والأحاديث الشخصية للمتهم، ومن ثم فلا تسري تلك الإجراءات على تسجيل ألفاظ السب والقذف من تليفون المجني عليه الذي يكون له بإرادته وحدها ودون حاجة إلى الحصول على إذن من رئيس المحكمة الابتدائية بتسجيلها بغير أن يعد ذلك اعتداء على الحياة الخاصة لأحد، ومن ثم فلا جناح على المدعيين بالحقوق المدنية إذ وضعا على خط التليفون الخاص بهما جهاز تسجيل لضبط ألفاظ السباب الموجهة إليهما توصلاً إلى التعرف على شخص من اعتاد على توجيه ألفاظ السباب والقذف إليهما عن طريق الهاتف.
وهاك حالات يجوز فيها تسجيل المكالمات بدون إذن النيابة العامة:
1 - إذا تم التسجيل بموافقة الشخص
2 - إذا تم التسجيل فى مكان عام
3 - إذا تم التسجيل لشخص يقوم السب والقذف عن طريق 4-المكالمة التليفونية فهذا الأمر متروك ليقين عدالة المحكمة، فهى تحدد قبوله أو إلغائه.
أما إذا تم التهديد بإفشاء أمر من الأمور التى تم التحصل عليها عن طريق التنصت أو التسجيل أو التصوير يعاقب الفاعل بالسجن مدة قد تصل إلى 5 سنوات كما إذا قام موظف عام بالتنصت أو التسجيل أو النقل أو التصوير يعاقب بالسجن من 3 سنوات إلى 15 سنة وإذا كان الفاعل صحفيا هنا تضاف إلى مواد الاتهام المادة 21 من قانون الصحافة ويحكم عليه بالعقوبة الأشد وفقا لنص المادة 32 من قانون العقوبات، وتنص المادة (25) من قانون تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 والمتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع:
"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة".
قانون تنظيم الاتصالات 10 لسنة 2003
كما تنص المادة 76 فقرة 2 من قانون تنظيم الاتصالات 10 لسنة 2003 على أنه مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وهذا مؤداه إن القانون جرم فعل الإزعاج أو المضايقة المتعمدة، فأي إزعاج أو مضايقة تتم عبر جميع أجهزة الاتصالات يشكل جريمة طبقاً للمادة سالفة الذكر فمن يقوم بإرسال رسائل عبر شبكة الانترنت أو علي التليفون المحمول تتضمن إزعاجاً أو مضايقة لمستقبلها يكون مرتكبا لهذه الجريمة، ويجب ثبوت الاتهامات المنسوب صدورها إلى المتهم من قيامه بسب المجني عليه عن طريق الهاتف وتعمده مضايقة وإزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات التي تنطوي على توافر ركني تلك الجرائم في حق المتهم وهما:
1- الركن المادي والمتمثل في قيامه بإرسال رسائل إلى المجني عليه تشكل جريمة فضلاً عما سببته من إزعاج ومضايقة المجني عليه.
2- الركن المعنوي وهو علمه بمباشرته نشاطه الإجرامي محل الركن المادي لتلك الجرائم واتجاه إرداته إلى تحقيق ذلك.
وعلى القاضي تحديد ما إذا كان الفعل المرتكب يشكل إزعاجاً أو مضايقة للمتلقى من عدمه فهى مسألة موضوعية تختلف من حالة إلى أخرى، حيث تنص المادة 166 مكرر من قانون العقوبات كل من تسبب عمداً في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات التليفونية يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 166 مكرر عقوبات لا يقتصر علي السب والقذف لأن المشرع قد عالجها في المادة 308 مكرر بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن، اما إذا كوّن الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها عملاً بالمادة 32 /1 عقوبات.
الفرق بين السب والقذف وعقوبتهما
والتجريم والعقاب فى استخدام برامج تقنية المعلومات للنيل من شرف الأشخاص والحط من مكانتهم واعتبارهم فى المجتمع حيث يقع هذا التشهير غير الأخلاقى تحت نصوص المواد من 302 إلى 310 من قانون العقوبات بالباب السابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات فى صورة القذف والسب والبلاغ الكاذب وافشاء الإسرار متى تم النشر على شبكة الإنترنت واستطاع عوام الناس مشاهدته أو فئة لا تربطهم ببعضهم صلة خاصة.
ونصت المادة 302 / 1 على تعريف جريمة القذف بأنه: "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه"، كما عاقبت المادة 303/1 على عقوبة جريمة القذف بالنص على: "يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه"، وبخصوص جريمة السب فقد نصت المادة 306 على تعريف جريمة السب والعقوبة المقرر له: "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 غرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه".
قانون العقوبات يتصدى لجريمتى السب والقذف
وبينت المادة 308 من ذات القانون الحالات التى يحكم فيها بعقوبة مشددة على المتهم فى جريمتى السب أو القذف بالنص على: "إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذى ارتكب بإحدى الطرق المبينة فى المادة "171" طعنا فى عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا فى الحدود المبينة فى المواد 179 و181 و182 و303 و306 و307 على ألا تقل الغرامة فى حالة النشر فى إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن 6 شهور".
لذلك يجب أن تترسخ في الثقافة الجمعية للمواطنين حماية الحرية الشخصية واحترام خصوصية الآخرين وعدم إزعاجهم أو التعدي عليهم.