متابعة جريمة التهرب الضريبي يلقي على عاتق الإدارة الضريبية ضرورة إقامة الدليل القاطع لإدانة مرتكب هذا الجرم، لذا تلجأ غالبا إلى الإثبات عن طريق المحاضر الضريبية، خاصة تلك المتعلقة بالمعاينات والحجوز، والتي تتم تحريرها وفقا لإجراءات وشكليات نص عليها المشرع بموجب القوانين الضريبية المختلفة، وتتم مباشرتها من طرف أعوان مختصين، سواء كانوا تابعين للإدارة الضريبية أو خارج القطاع الضريبي، وتكون لهذه المحاضر حجية مطلقة في الإثبات أمام القضاء، وقد تكون حجيتها نسبية.
وفى الحقيقة تعد الضريبة موردا مهما من موارد الدولة اللازمة لتمويل نفقاتها، ومع اتساع نطاق وأنواع الضرائب ظهرت مشكلة التهرب الضريبى والتي أصبحت تهدد اقتصاديات الدول وتعرقلها في تحقيق أهدافها التنموية، ولذلك تسعى كافة الدول لإستغلال طاقتها لمعالجة هذه المشكلة الخطيرة، واختلفت الأشكال التي يتخذها التهرب الضريبى من طرق مشروعة تعتمد على استغلال الثغرات القانونية في التشريع الضريبى، وهذا ما يسمى بالتجنب الضريبى.
للمستثمرين والتجار.. موجبات تحقيق وإثبات جريمة التهرب الضريبي
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل موجبات تحقيق وإثبات جريمة التهرب الضريبي، فقد عرفت الضريبة منذ القدم، وكانت ولا تزال أحد أهم المصادر المهمة لخزانة الدولة، وذلك لمواجهة كافة النفقات اللازمة للبرامج والمشاريع اللازمة لتقديم خدمات متنوعة للمواطنين كالصحة والتعليم، والبنية التحتية للطرق، وغيرها، وعلى الرغم من أهمية الضرائب وأثارها الإيجابية على المجتمع إلا أنه تعاني جميع البلدان سواء النامية، أو المتقدمة من إشكالية التهرب الضريبي والتي قد تختلف في حجمها من دولة الي أخرى – بحسب الخبير الضريبى والقانونى والمحامى بالنقض جمال الجنزورى.
في البداية - تعد الإيرادات المفقودة نتيجة التهرب الضريبي من الأمور التي يصعب قياسها بدقة، نتيجة عدم وجود إحصائيات دقيقة تحدد دخول وشرائح جميع المواطنين في الدولة، إلا أنه بينت العديد من الدراسات زيادة التهرب الضريبي بالدول النامية مقارنة بالدول المتقدمة، ويرجع ذلك إلى قلة وعي المكلفين بالأهداف المختلفة للضريبة بالإضافة إلى تدني مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في تلك الدول، وهو ما يزيد من أساليب التحايل والغش، وبالتالي تقليل فرص نجاح النظام الضريبي المتبع، ولكن كل هذا لا يمنع أن نتطرق لمسألة موجبات تحقيق وإثبات جريمة التهرب الضريبي – وفقا لـ"الجنزورى".
11 عنصرا لإثبات الجريمة من قبل النيابة العامة
ويمكن تعريف جريمة التهرب من الضرائب بأنها مخالفة التزام أو تجاوز ومخالفة حدود وأحكام حق ضريبي وترتب على هذه المخالفة دين ضريبي واجب الأداء مستحق بصفة نهائية وقيام الممول أو المكلف من التهرب من أداء هذه الضريبة، ومن خلال هذا التعريف وجب على النيابة العامة وهى التى تقيم الادعاء وعليها يقع عبء إثبات دعواها أن تحقق و تثبت الاتى – الكلام لـ"الجنزورى":
أولا: تحقيق وإثبات وجه المخالفة بطريقة واضحة لا لبس فيها للالتزام الضريبي الذى تمت مخالفتة، وكذلك مخالفة الحدود والأحكام للحق الضريبي الذى أتاه المتهم.
ثانيا: تحقيق الدين الضريبي قيمته وعناصره وأسس الوصول إليه بطريقة لا تقبل الشك، إذ لا يمكن لهذا الدين أن يكون احتمالى، إذ يشترط فى الدين الضريبي أن يكون حقيقيا فعليا، وليس ظنيا احتماليا.
ثالثا: تحقيق القوالب الشكلية والأسس الموضوعية لهذا الدين من حيث توافر الشكل والقالب القانونى المطلوب من عدمه والمتمثل فى السند الضريبي، وهذا السند هو الربط أو السند التنفيذى المعتبر قانونا لإثبات هذا الدين، وذلك حسب النموذج الشكلى الذى حدده القانون للربط الضريبي الذى بموجبة يجوز لمصلحة الضرائب المصرية، وهى الجهة المجنى عليها فى اتخاذ اجراءات المطالبة المدنية والجنائية، والحجز والتحصيل – طبقا للخبير الضرائب .
رابعا: تحقيق واثبات أساس هذا السند – الربط - بمعنى أساس المديونية هى ضريبة إقرار أو عدم طعن أو قرار لجنة داخلية أو طعن أو حكم محكمة، إذ أن هذا الأساس يتحدد بموجبه وجوب الأداء والاستحقاق، كما يتحدد بموجبه نهائية الدين أو أنه محل نزاع.
خامسا: التحقيق والاثبات لا يخضع لوسائل الاثبات الجنائى وحرية النيابة فى إجراء التحقيق إذ أن النيابة كما المحكمة مقيدة وملزمة بإثبات قيمة الضريبة وسند الدين ووقائع الوجوب والاستحقاق بوسائل إثبات هذة المسائل بوسائل الاثبات المنصوص عليها فى القانون الضريبي الموضوعى، لأنها مسائل ترتبط بالدعوى الجنائية محل التحقيق، وذلك طبقا لنص المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية .
سادسا: تحقيق واثبات طرق التهرب وهذا يقتضى أن تكون هناك مطالبة سابقة إلى جانب اتخاذ اجراءات التحصيل بل والحجز وثبوت عجز المصلحة عن استيداء الدين، نظرا لأن المتهم اتخذ أسباب وطرق تؤدى إلى إثبات نيتة فى عدم الوفاء والتهرب منها.
سابعا: تحقيق وإثبات أوجه اعتراضات المتهم الموجه إلى الإجراءات الجنائية المتخذة بما فيها من اعتراض على اللجنة المشكلة لفحص الحالة.
ثامنا: إعادة الملف إلى الإدارة لإعادة الفحص أو اتخاذ إجراء معين أو الاستيفاء أو طلب مستند أو سماع شاهد يجب أن يكون من خلال محضر تحقيق يثبت فيه الإجراء المطلوب فى صورة أمر جنائى.
تاسعا: إعادة الملف من الإدارة دون تنفيذ المطلوب يكون سببا فى وقف إحالة الدعوى لحين استكمال العناصر المطلوبة.
عاشرا: الأحكام المدنية الصادرة فى المسألة الضريبية محل التحقيق تكون ملزمة للنيابة العامة والمحكمة على السواء، لأنها وقائع قانونية تم إثباتها قانونا ولن يختلف تطبيق القانون باختلاف المحكمة .
حادى عشر: تخضع نيابة الشئون المالية والجمركية فيما تقوم به من أعمال تحقيق وتصرف لرقابة المحامى العام ثم رئيس محكمة الاستئناف ثم المحامى العام الأول ثم لمساعد النائب العام مكتب التفتيش القضائى ثم النائب العام واخيرا رقابة محكمة الموضوع ومحكمة النقض كما أنها مجال لدعوى المخاصمة القضائية.