قانون العمل ضمن للعامل حقوقه كاملة من خلال العمل في الظروف الصعبة مثل ارتفاع درجات الحرارة، حيث تشكل أزمة المناخ أكبر تهديد في حياتنا، فهى تهدد بالفعل حقوق الإنسان بصفة عامة والعاملين بصفة خاصة في جميع أنحاء العالم، فدرجات الحرارة العالمية ما فتئت ترتفع بسبب انبعاثات غازات الدفينة الناشئة عن النشاط البشرى، ويسهم ارتفاع درجات الحرارة إسهاما مباشرا في حدوث الآثار الضارة، ويضمن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لجميع البشر الحق في نظام اجتماعى ودولى يُتاح فيه إعمال حقوقهم وحرياتهم إعمالا كاملا، ويهدد تغير المناخ هذا النظام وحقوق جميع البشر وحرياتهم.
وأثار تغير المناخ المحتملة على الصحة تتضمن ازدياد الإصابات والوفيات المحتملة بسبب اشتداد موجات الحر، وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن تغير المناخ يتوقع أن يتسبب، بين عامي 2030 و2050، في وفاة قرابة 250000 شخص إضافى كل عام بسبب الإجهاد الحرارى وسوء التغذية والملاريا والإسهال، وللاستمساك بالحق فى الحياة، يقع على عاتق الدول التزام باتخاذ إجراءات إيجابية للتخفيف من آثار تغير المناخ، تفاديا لوقوع خسائر متوقعة في الأرواح.
وفاة العامل بسبب الحر.. هل يستوجب التعويض؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية بخصوص العمل في درجات الحرارة المرتفعة تتمثل في الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها.. وفاة العامل بسبب الحر هل يستوجب التعويض؟ وما هي حقوق العمال عندما ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير؟ وهل توجد درجة حرارة قصوى لأماكن العمل؟ وما هي حقوق العامل عند ارتفاع درجة الحرارة؟ ما وما الدور الذى ينبغي على صاحب العمل فعله حال ارتفاع درجات الحرارة على العامل؟ وغيرها من الأسئلة – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض المتخصص في الشأن العمالى مصطفى زكى.
في البداية - للأسف الشديد يشترط لإلزام الشركة بالتعويض عن ذلك هو وجود خطأ من جانب الشركة سواء كان العمل في: "1-أماكن مثلا غير أدمية مغلقة النوافذ تؤدى لضيق التنفس في هذه الحالة يستحق العامل التعويض، 2-عدم تغطية السقوف فيحصل ماس يؤدي لوفاة العامل بسبب المطر، 3-العمل في مناطق نائية دون توفير متطلبات وإجراءات السلامة والأمان"، وغيرها من الأسباب لكن في حالة عدم استطاعة العامل اثبات الخطأ لا يستحق العامل ثمة تعويض، فلا يوجد خطأ مفترض على الشركة، طبقا لنص المادة 66 من قانون التأمينات الاجتماعي رقم 148 لسنة 2019 حيث تنص: "لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التي تستحق من الإصابة طبقًا لأي قانون آخر، كما لا يجوز لهم ذلك أيضًا بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصـابة قد نشأت عن خطأ من جانبه" – وفقا لـ"زكى".
رأى محكمة النقض حول السلامة المهنية والأمان للعامل
وفى هذا الشأن – سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 5251 لسنة 75 القضائية، والذى جاء في حيثياته: "وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه اعتبر مجرد تكليفها المطعون ضده الأول بالعمل ساعات عمل إضافية دون الكشف الطبي عليه لبيان مدى تحمله لهذا العمل خطأ منها يرتب مسئوليتها عن إصابته، رغم أن تكليفها للمطعون ضده للعمل ساعات عمل إضافية بمجرده لا يعتبر خطأ موجب للمسئولية طالما أن المطعون ضده الأول لم يثبت أنه أخطرها بأنه مريض وأن حالته الصحية لا تتحمل المجهود الإضافي. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه".
وتضيف "المحكمة": وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على أنه: " لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التي تستحق من الإصابة طبقًا لأي قانون آخر، كما لا يجوز لهم ذلك أيضًا بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه "، مفاده أن خطأ صاحب العمل الذي يرتب مسئوليته الذاتية هو خطأ واجب الإثبات. فإذا ما تحقق هذا الخطأ فإنه يحق للمضرور الرجوع على صاحب العمل طبقًا لأحكام المسئولية التقصيرية في القانون المدني، وكان تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن مجرد تكليف الطاعنة للمطعون ضده الأول بالعمل ساعات عمل إضافية دون أن توقع عليه الكشف الطبي لبيان حالته الصحية خطأ يرتب مسئوليتها عن إصابته الناتجة عن الإرهاق من هذا العمل دون أن يستظهر ما إذا كان المطعون ضده الأول قد أخطرها بعدم رغبته في العمل ساعات عمل إضافية بسبب أنه مريض لا يتحمل مجهود العمل الإضافي أم لا، وأن ساعات العمل الفعلية كانت تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانونًا فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
هل توجد درجة حرارة قصوى لأماكن العمل؟
لا يوجد في قانون العمل ما ينص ينص على أنه مع درجة حرارة معينة - شديدة الحرارة أو البرودة - يجب حينها أن يتوقف الموظفون عن العمل، ولكن يجب أن تكون أماكن العمل بشكل مثالي إذا كانت الوظيفة في الغالب بدنية، وتنص إرشادات العمل على أن درجة حرارة مكان العمل يجب أن تكون معقولة مع هواء نظيف ونقي، ومن الضرورى أن يكون هناك سن تشريع واضح وصريح من أجل حد أقصى قانوني في معظم أماكن العمل لأولئك الذين يقومون بعمل شاق، أما إذا كان صاحب العمل، يسمح لموظفيه، بتجنب الذهاب إلى العمل لأن الجو شديد الحرارة فإن ذلك أمر محمود ولكن يخصهم وليس فرضا عليه ذلك – الكلام لـ"زكى".
المكاشفة بين العامل وصاحب العمل
وفى الحقيقة قانون العمل يقضي بأن الرؤساء مسؤولون بشكل عام عن رعاية الموظفين، وأصحاب العمل في حقيقة الأمر عليهم واجب قانونى وأخلاقي صريح لضمان عدم الإضرار بصحة العمال أثناء الطقس الحار الحالي، ولابد أن يكون هناك مكاشفة ومصارحة بين العامل وصاحب العمل للحديث حول مدى إمكانية العامل في العمل في هذا الجو الحار من عدمه حتى لا يصاب بأى أضرار بشكل مفاجئ، خاصة وأن صحة العاملين متفاوتة فمن يستطيع الإقدم على عمل ما قد لا يستطيع تنفيذه عامل أخر بسبب درجة حرارة الجو- هكذا يقول "زكى".
ولابد من إتاحة فرصة أن يترك أصحاب العمل الحرية للعامل للعمل بمرونة إن أمكن - مثل تبديل ساعاتهم لتقليل العمل في أكثر الأوقات حرارة في اليوم، ويمكن أن يساعد في ذلك أيضا التساهل في قواعد اللباس الرسمي، ونقل محطات العمل بعيدًا عن الأماكن الساخنة أو بعيدًا عن أشعة الشمس المباشرة، ويجب فتح النوافذ وإغلاق المشعات وتوفير المراوح أو أجهزة تكييف الهواء، وأن الشركات يجب أن تسمح لموظفي المكاتب بالعمل من المنزل، أو تعديل ساعاتهم لتجنب السفر في ساعة الذروة – طبقا للخبير القانوني.
كما أن أصحاب الأعمال الشاقة التي تعتمد على القوة الجسمانية واليدوية هم أكثر الشخصيات المعرضون للخطر بشكل فيجب على أصحاب العمل التفكير في إعادة جدولة ساعات العمل إلى أوقات أكثر برودة من اليوم، وتوفير مناطق تبريد مثل الظل أو غرف الاستراحة المكيفة، فإذا أظهر العمال أي علامات على الإنهاك الحراري، يجب على صاحب العمل أن يضمن على الفور توقفهم عن العمل وأن يُسمح لهم بالتعافي، دون مساس بالأجور.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 2147 لسنة 66 القضائية، والذى جاء في حيثياته: "وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابة العمل قد نشأت عن خطأ شخصي من جانب صاحب العمل يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض وهو لا محل معه لتطبيق أحكام المسئولية المفترضة الواردة بنص المادة 174 من القانون المدني".
لما كان ذلك، وكانت إصابة المطعون ضده قد لحقت به أثناء عمله لدى الشركة الطاعنة، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر قيام خطأ شخصي وقع منها أدى إلى إصابة المطعون ضده، وأقام قضاءه على قيام مسئولية المتبوع عن تعويض تابعه عن الضرر الذي أصابه أثناء عمله وتحجب بذلك عن إعمال المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي فيما تضمنته من أحكام خاصة بشأن خطأ صاحب العمل الواجب الإثبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة".
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابة العمل قد نشأت عن خطأ شخصي من جانب صاحب العمل يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض، وهو لا محل معه لتطبيق أحكام المسئولية المفترضة الواردة بنص المادة 178 من القانون المدني لما كان ذلك وكانت وفاة مورث المطعون ضدهما ناشئة عن إصابة لحقت به أثناء عمله لدى الشركة الطاعنة وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر قيام خطأ شخصي وقع من الشركة الطاعنة صاحبة العمل أدى إلى حدوث وفاة مورث المطعون ضدهما، وأقام قضاءه على قيام المسئولية المفترضة، وتحجب بذلك عن إعمال المادة/ 68 من قانون التأمين الاجتماعي فيما تضمنته من أحكام خاصة بشأن خطأ صاحب العمل الواجب الإثبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
الخلاصة:
رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل، مناطه ثبوت أن إصابة العمل قد نشأت عن خطأ شخصي من جانب صاحب العمل يرتب مسئوليته الذاتية طبقا للمادة 68/2 من القانون 79 لسنة 1975، مؤداه لا محل لتطبيق أحكام المسئولية المفترضة المنصوص عليها بالمادة 174 مدني.
ونص قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 فى المادة 123 منه على أن عقد العمل ينتهى بوفاة العامل طبقا للقواعد القانونية المقررة، ولا ينتهي عقد العمل بوفاة صاحب العمل إلا إذا كان قد أبرم لاعتبارات تتعلق بشخص صاحب العمل أو بنشاطه الذي ينقطع بوفاته، وإذا توفى العامل وهو في الخدمة يصرف صاحب العمل لأسرته ما يعادل أجر شهرين كاملين لمواجهة نفقات الجنازة بحد أدنى قدره مائتان وخمسون جنيها، كما يصرف منحة تعادل أجر العامل كاملا عن الشهر الذي توفى فيه والشهرين التاليين له طبقا لقواعد قوانين التأمين الاجتماعي، ويلتزم صاحب العمل بنفقات تجهيز ونقل الجثمان إلى الجهة التي استقدم العامل منها أو الجهة التي تطلب أسرته نقله إليها.