أصدرت الدائرة الثانية بالمحكمة الادرية العليا حكما - فريدا من نوعه - بشأن إنهاء الخدمة للإنقطاع عن العمل أرست فيه لـ 4 مبادئ قضائية، قالت فيه: "أن قضاء المحكمة استقر على أن العامل الذى ينقطع عن عمله مدة تزيد على 15 يوما متتالية يقيم قرينة قانونية على رغبته فى ترك الخدمة وهجر الوظيفة، وتنتفى هذه القرينة إذا ثبت من ظروف الحال أن انقطاع العامل كان بعذر مقبول ومن باب أولى تنتفى هذه القرينة إذا ما قدم العامل العذر المبرر للانقطاع حتى لو تبين أن هذا العذر غير صحيح، فعدم صحة الأعذار التي يتعذر بها العامل كمبرر لانقطاعه تنفى قرينة الاستقالة الضمنية بالرغم من أنها تصلح سببا للمؤاخذة التأديبية للعامل المنقطع"، وجاءت المبادئ كالتالى:
1- تنتفى قرينة الاستقالة إذا قدم العامل عذرا حتى لو تبين أن هذا العذر غير صحيح.
2- عدم صحة الأعذار التي يتعذر بها العامل كمبرر لانقطاعه تنفى قرينة الاستقالة الضمنية.
3- الانقطاع عن العمل المبرر للفصل يجب أن يكون أكثر من ثلاثين يوما غير متصلة فى السنة الواحدة.
4- إذا لم تكتمل مدة الثلاثين يوما خلال السنة وإكتملت فى السنة التالية تعتبر سنة مختلفة عن السنة الأولى ويكون قرار انهاء الخدمة قد صدر مخالفا للقانون.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 28126 لسنة 67 ق. عليا – لصالح المحامى بالنقض يحيى سعد جاد الرب، برئاسة المستشار محمود فؤاد عمار، وعضوية المستشارين أحمد محمد الإبيارى، ومحمد رجائى عيسى، وخالد محمد فتحى، وأمانة سر مجدى محمد عامر.
الوقائع.. نزاع بين موظف وجهة الإدارة بسبب إنهاء خدمته
تتحصل وقائع النواع على أن الثابت من الأوراق أن المدعي كان من العاملين بمديرية الصحة والسكان بالمنيا بوظيفة مراقب صحي، وقد انقطع عن عمله خلال المدة من 26 يوليو 2017 حتى 25 مايو 2018 أكثر من 30 يوما غير متصلة، واستكملت تلك المدة في 26 مايو 2018، فتم عرض حالته على لجنة الموارد البشرية بالمديرية والتي وافقت على إنهاء خدمته واعتمد ذلك من قبل السلطة المختصة، فصدر القرار المطعون فيه من مدير مديرية الصحة بالمنيا رقم 6271 لسنة 2018 بتاريخ 17 سبتمبر 2018 بإنهاء خدمة المدعى اعتبارا من 26 مايو 2018 للانقطاع عن العمل، وذلك بموجب قرار التفويض فى بعض الاختصاصات.
ولما كان المشرع في قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية - الصادر في ظل سريان أحكامه القرار المطعون فيه لم يلزم جهة الإدارة في حالة القطاع العامل عن عمله بتوجيه إنذارات له لحثه على العودة لعمله، وإنما أوجب عليها إصدار قرار إنهاء خدمته طالما كان انقطاعه بدون إذن أو عذر مقبول، وإذ جاءت الأوراق حتى تاريخه خلوا مما يفيد قيام المدعى بالحصول على إجازة وفقا للإجراءات التى بينها القانون فضلا عن عدم تقديمه ما يفيد أن انقطاعه عن عمله كان بعذر مقبول خلال الخمسة عشر يوما التالية لانقطاعه بل وقبل صدور القرار المطعون عليه بإنهاء خدمته فلا يلومن إلا نفسه، ولو كان جادا وأراد أن يحول بين جهة الإدارة وإنهاء خدمته لبين لجهة عمله أو حصل على إجازة دون أجر وفقا لأحكام القانون إظهارا لتمسكه بالعلاقة الوظيفية والتماسا لاستمرار عاما و من ثم وإزاء صدور القرار المطعون عليه ممن يملك سلطة إصداره وقيامه على أسبابه المدررة له قانونا ، فإن القرار المطعون عليه والحال كذلك يكون قد صدر وصحيح حكم القانون وتكون معه الدعوى الماثلة غير مقامة على أساس سليم من القانون، مما يتعين معه القضاء برفضها.
موعد إبلاغ العامل جهة الإدارة عن مرضه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: ولا ينال من ذلك ما قد يحاج به المدعى من القول أنه مصاب بمرض نفسي قهرى بالنسبة له تبرر انقطاعه عن عمله فذلك مردود عليه بأن القانون قد حدد الجهة المختصة مرض العامل من تمارضه في اللجنة الطبية المختصة ـ (القومسيون الطبي ) - فضلا عن أن الأوراق حتى تاريخه جاءت خلوا مما يفيد إبلاغه مرضه بأية وسيلة في المواعيد المقررة على النحو سالف البيان وقبل صدر القرار المطعون عليه رغم أن ذلك مكنته واستطاعته من خلال الإبلاغ تليفونيا أو بأي طريقة فكان الأولى من ذلك أن يبلغ جهة عمله بمرضه الجهات المختصة للكشف عليه، وإذ لم يفعل ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ولو كان جادا وأراد أن يحول بين جهة الإدارة وإنهاء خدمته لطلب توقيع الكشف الطبي إظهارا لتمسكه بالعلاقة الوظيفية والتماسا لإستمرار عراها مما يضحى معه النعى المثل فاقدا لسنده القانوني جديرا بالالتفات عنه.
ولم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن، لذلك أقام طعنه ناعياً على هذا الحكم، الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، واختتم تقرير طعنه بطلب الحكم بطلباته آنفة الذكر، وحيث إنه عن الموضوع فإن المادة (1) إصدار من القانون رقم 81 لسنة 2016 بشأن إصدار قانون الخدمة المدنية تنص على أن يعمل بأحكام القانون المرافق في شأن الخدمة المدنية، وتسرى أحكامه على الوظائف في الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، وذلك ما لم تنص قوانين أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك.
المحكمة تنصف العامل وتعيده للعمل
كما تنص المادة "69" من القانون ذاته على أن تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب الأتية: "5-....الانقطاع عن العمل بدون إذن خمسة عشر يوما متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية ما يثبت أن الانقطاع كان بعذر مقبول، 6-الانقطاع عن العمل بدون ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة".
واستطردت المحكمة قائلة: لما كان المشرع بموجب نص المادة 69 من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 م المشار إليها قد قرر إنهاء خدمة العامل إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوما غير متصلة فى السنة، ولما كان عدد أيام انقطاع المدعى خلال العام 2017 لم يكمل مدة الثلاثين يوما، وإنما قامت الجهة الإدارية بتكملة تلك الأيام من العام 2018 وهى سنة مختلفة عن السنة السابقة، وبذلك فإن القرار الطعين يكون قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون حريا بالإلغاء، الأمر الذى يتعين معه والحال كذلك القضاء بإلغاء القرار الطعين.