أزمة جديدة تلوح فى أفق لبنان قد تؤدى إلى عجز الحكومة بنهاية شهر أغسطس عن دفع التزاماتها ورواتب الموظفين، بعد أن انتشرت أنباء عن رفض البنك المركزى إقراض الحكومة أى عملات أجنبية بدون صدور قانون من مجلس النواب يحدد ضوابط تلك العملية.
ووفقا لموقع النشرة اللبنانية، فإن مصرف لبنان يتّجه إلى إعلان التوقف كليًا عن تمويل الدولة ابتداءً من الإثنين، وأشارت مصادر مصرفية إلى إن "وقف تمويل الدولة من احتياطى مصرف لبنان هو التزام اعلنه الحاكم بالانابة وسيم منصورى منذ اليوم الاول لتسلمّه، وترجمة لكل التزاماته التى أعلن عنها فى مؤتمره الصحفى، وهذا الموضوع لن يؤثر ذلك على سعر صرف الليرة التى تشهد ثباتاً".
وفى ظل رفض البنك المركزى إقراض الحكومة من الاحتياطى الأجنبية بدون غطاء تشريعى، ظهر خلال الساعات الماضية، وفقا لوسائل إعلام لبنانية، للعلن خلاف بين رئيس مجلس النواب نبيه برى ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتى على خلفية مشروع قانون الاقتراض.
وبينما اعتبر رئيس الحكومة، أنّ المشروع يجب أن يصدر عن البرلمان باقتراح قانون، ردّ النائب على حسن خليل المعاون السياسى لرئيس البرلمان على موقف ميقاتى، فقال: "على ميقاتى التزام تعهده وإرسال مشروع قانون الاقتراض إلى البرلمان، بحاجات الحكومة وآليات السداد".
وأشار النائب الى أنّ الموضوع طرح أمام نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصورى فى جلسة الاثنين الماضى، وأن الجميع أبدوا استعداداً للتجاوب، ولن نفتح خلافاً بين الحكومة والبرلمان.
وكان ميقاتى صرّح أمس: "أن لا دواء ولا رواتب آخر الشهر إذا لم تقرّ الخطة التى تقدّم بها نواب حاكم مصرف لبنان". وتلك الخطة تتعهد بتأمين دولارات للحكومة بالحد الأدنى، والضرورى جداً، شرط إقرار جملة إصلاحات فى مقدمها تشريع "الكابيتال كونترول" والتصديق على موازنة 2023 قبل نهاية أغسطس. على أن يُستكمل تنفيذ البنود الأخرى خلال أشهر قليلة فقط، وتشمل إعداد موازنة 2024 فى نوفمبى، وقبل ذلك أو بعده إقرار هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية.
وأشارت وسائل إعلام محلية، إلى أنّ الاستحقاق الأول نهاية أغسطس الحالى، فهناك 50 مليون دولار مطلوبة للقوى العسكرية والأمنية ودعم أدوية وتأمين مستلزمات لئلا تتوقف شبكة الانترنت. فإذا بلغ الشهر نهايته من دون أى تقدم على صعيد الخطة والتزام بنودها، فإنّ الصرف الاضطرارى قد يؤدى الى عودة نواب حاكم مصرف لبنان الى التهديد بالاستقالة، ويشمل ذلك القائم بأعمال الحاكم حالياً وسيم منصوري. فيقع الفراغ القاتل الكبير فى مصرف لبنان.
وأمس حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال فى لبنان نجيب ميقاتى أنه بنهاية شهر أغسطس لن يستطيع لبنان تأمين الدواء ولا دفع الرواتب بالعملة الأجنبية فى حال عدم إقرار الخطة النقدية والاقتصادية التى تقدم بها القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان، وسيم منصوري.
وأضاف ميقاتى، فى بيان على موقعه على الإنترنت، أن خطة منصورى القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان تنسجم مع خطط الحكومة وهدفنا إقرار هذه الخطط وألا نضيع الوقت لأن الهدف هو إنقاذ البلاد
وأشار، إلى تقديم منصورى مع نوابه اقتراحاً حول خطة نقدية واقتصادية كاملة، وطلب من مجلس النواب إقرارها، وهى تنسجم مع خطط الحكومة، وفقاً لميقاتى الذى أضاف "هدفنا إقرار هذه الخطط وعلينا ألا نضيع الوقت لأن الهدف هو إنقاذ البلاد".
وصرّح: "مع نهاية هذا الشهر لا نستطيع تأمين الدواء ولا الرواتب بالعملة الأجنبية ولا نستطيع القيام بالعمل اللازم للاستقرار النقدى وبالتالى هذا الأمر لا يهم الحكومة وحدها، بل يعنى مجلس النواب وجميع اللبنانيين، وعلينا العمل كورشة واحدة لإنقاذ البلد"، "الحكومة لا تستطيع أن تصدر قانوناً، ولكن يمكن أن تطلب من المجلس النيابى السعى الجدّى لقبول اقتراح قانون وإقراره بأسرع وقت ممكن".
واقترح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتى أن يتم تقديم اقتراح قانون من قبل النواب فى مجلس النواب يسمح للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية من مصرف لبنان، موضحاً أن الحكومة وزعت مشروع قانون بالفعل فى هذا الصدد، إلا أن المناقشة قد تستغرق وقتاً فيما يحتاج مصرف لبنان المركزى إلى وتيرة أسرع فى هذه المسألة، والأفضل أن يتم طرح القانون من قبل البرلمان.
ولكن رئيس البرلمان نبيه برى عاجَل هذا الطرح بإعرابه عن غضبه "من تنصُّل ميقاتى ومحاولته إلقاء التبعة على البرلمان بالإمتناع عن وضع مشروع قانون بذلك وإحالته على مجلس النواب"، معلناً كما نقلت عنه صحيفة الأخبار اللبنانية ان المجلس لا يتخلى عن دوره لكنه لا يأخذ دور سواه ولا يمانع إقرار الإقتراض من مصرف لبنان عندما يصل الى المجلس مشروع قانون بذلك، عندئذٍ يُقرّ باقتراح قانون. بيد أن ذلك يوجب إحالة المشروع من الحكومة أولاً".
وإذ لفت برى إلى أن مجلس النواب "لا يملك أن يقدّم تعهدات نيابةً عن الحكومة بإعادة ما تقترضه هى من مصرف لبنان لأنها هى المقترض، وهى مَن يفترض أن تقدّم تعهداً والتزاماً له بردّ ما ستنفقه»، ووصف موقف الحكومة بأنه «أول علامة سلبية فى تعاطيها مع منصورى فى اليوم الأول لبدء عمله"، مضيفاً: "إذا لم يُقر القانون من أين سيؤتى بالمال؟ هذه مسؤولية الحكومة".
وفى ظل عدم تقديم التشريع من جانب الحكومة، وتمسك البرلمان بأنه لن يقدم مشروع القانون بدلا من الحكومة، فإن البنك المركزى سيمتنع عن التمويل اللازم وبالتالى سيدخل الحكومة اللبنانية فى أزمة جديدة.