تشهد الاستثمارات فى مصر طفرة كبيرة فحسب وثيقة خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المقدمة من الحكومة إلى مجلس النواب والتى بدأ تنفيذها من أول شهر يوليو فإن الحكومة تستهدف زيادة الاستثمارات الكلية لتبلغ نحو 1.8 تريليون جنيه فى عام الخطة شاملة التغير فى المخزون.
وذكرت الحكومة فى وثيقة خطتها المقدمة إلى مجلس النواب أنه تم تقدير حجم تلك الاستثمارات على غرار كافة أعوام الخطة متوسطة المدى واستنادا إلى معدلات الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة ومعاملات رأس المال الناتج، ثم بتطبيق معدلات الاستثمارالمشتقة على قيم الناتج المحلى الإجمالى المناظرة بالأسعار الجارية.
وتقدر الاستثمارات الكلية للعام الأول من الخطة 22/2023 بنحو 1.32 تریلیون جنيه، ومن المتوقع ان تصل إلى نحو 2.68 تريليون جنيه فى نهاية الخطة متوسطة المدى 25/2026.
وتعزى هذه الطفرة الاستثمارية المقدرة خلال أعوام الخطة إلى عدد من الاعتبارات مع الأخذ فى الحسبان التغيرات السعرية المتوقعة عبر المدى الزمنى للخطة، وهذه الاعتبارات تشمل تنامى معدلات النمو الاقتصادى الحقيقى خلال أعوام الخطة من 4.2% ابتداء إلى 5.2% فى نهايتها، وضخامة الاستثمارات الموجهة لمشروعات البنية الأساسية اللازمة لتحفيز مشروعات الإنتاج المباشر وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادى لتحسين مناخ الاستثمار، وكبر حجم الاستثمارات الموجهة للتنمية البشرية (خدمات التعليم المدرسى والتعليم والتوسع المطرد فى الاستثمارات المخصصة لأغراض الحماية الاجتماعية وتحسين المعيشية للطبقات محدودة الدخل بالإضافة الى التزايد المتوقع فى الاستثمارات الخاصة فى ظل تحسن بيئة الأعمال بوجه عام، مع توجه الدولة لإفساح مجالات النشاط أمام القطاع الخاص.
الاستثمارات العامة
وتم تقدير الأهمية النسبية للاستثمارات العامة فى ظل توجه الدولة للتخارج من عديد من الأنشطة الاقتصادية، اتفاقا ووثيقة سياسة ملكية الدولة، ولتفتح مجالات واسعة للنشاط الاقتصادى أمام القطاع الخاص ومن هذا المنطلق، توقعت الخطة زيادة المساهمات الاستثمارية للقطاع الخاص على نحو تدريجى خلال أعوام الخطة لتصل إلى 50% من الاستثمارات الكلية فى نهايتها، وهو ما يعنى تراجع حصة الاستثمارات العامة الثابتة من الاستثمارات الكلية الثابتة من 71% عام 21/2022 إلى 50% عام 25/2026، ومن المقدر أن تصل الاستثمارات العامة الثابتة إلى 1259 مليار جنيه بنهاية الخطة متوسطة المدى، مقابل 1050 مليار جنيه فى عام 23/2024، بنسبة نمو 28.8% عن استثمارات العام السابق.
ويرجع الانخفاض المطلق فى الاستثمارات العامة فى عام 22/2023 إلى إعلان الحكومة تفعيل برامج تخارج الشركات العامة، وقيامها بنشر قائمة بالمشروعات العامة المزمع طرحها للاكتتاب فى المصرية أو لمستثمر رئيسى، فضلا عن مواصلة مبادرات تشجيع القطاع الخاص فى أنشطة الزراعة والصناعة (مثل تخصيص 150 مليار جنيه بفائدة ميسرة 11%)، علاوة على التوجه العام لترشيد وتدقيق اعتمادات الموازنة الاستثمارية العامة.
وعلى مستوى نصيب الفرد من الاستثمارات العامة، فهناك تطور إيجابى مستمر بدءا من عام 22/2023 حتى نهاية الخطة فى عام 25/2026، وبوجه عام، تُفيد المقارنات الدولية أنه رغم تفوق مصر على بلدان عديدة من حيث نصيب الفرد من رأس المال العام إلا أنه لا يزال متواضعا قياسا بكثير من الاقتصادات الناشئة (ماليزيا / الصين / بولندا / تركيا...)، ولا يرقى للمستوى المنشود لمواجهة متطلبات النمو السكانى المتسارع واحتياجات المجتمع من كافة خدمات المرافق العامة و المطالب التمويلية لبرامج الرعاية الصحية والتطوير التعليمى والتنمية الريفية المتكاملة وتحديات التغيرات المناخية وتداعياتها.
نصيب الفرد من رأس المال العام (على أساس تعادل القوى الشرائية بالألف دولار)
ويجرى توزيع الاستثمارات العامة بحسب الجهات المعنية والتى تتمثل فى الجهاز الحكومى والهيئات الاقتصادية العامة، لعام 23/2024 وتستحوذ الاستثمارات العامة على النصيب الأكبر من الاستثمارات الكلية بنسبة (63.6%) موزعة بين الجهات، ويحصل القطاع الخاص على النسبة المتبقية (36.4%) من جملة الاستثمارات الموجهة لخطة عام 23/2024.
ويلاحظ تنامى استثمارات القطاع الحكومى مسجلة نحو 586,7 مليار جنيه لترتفع بذلك أهميتها النسبية فى هيكل الاستثمارات العامة إلى 55.9%، وتأتى الهيئات الاقتصادية فى المرتبة الثانية بجملة استثمارات مستهدفة تقدر بنحو 384.1 مليار جنيه بنسبية 36.6%، بالإضافة إلى استثمارات شركات القطاع العام التى تقدر بنحو 79.2 مليار جنيه، بنسبة 7.5% من إجمالى الاستثمارات العامة.
الاستثمارات الحكومية
تشمل استثمارات الجهاز الإدارى والإدارة المحلية والهیئات الخدمية العامة حيث من المستهدف تخصيص 586,7 مليار جنيه استثمارات حكومية بنسبة 35.6% من إجمالى الاستثمارات الخطة عام 23/2024.
ويتبين من توزيع الاستثمارات الحكومية بين هذه الجهات الثلاث استئثار الجهاز الإدارى بنحو 403.5مليار جنيه، بنسبة 68.8% من إجمالى استثمارات الجهاز الحكومى، بينما تبلغ الاستثمارات الموجهة للهيئات الخدمية نحو 147,5 مليار جنيه بنسبة 25.1%، وتلك الموجهة للإدارة المحلية حوالى 403.5 مليار جنيه بنسبة 6.1%.
ومن حيث الهيكل التمويلى للاستثمارات الحكومية فى عام 23/2024 يعتمد الجهاز الحكومى على الخزانة العامة بنسبة 46.2%، وتتصدر الخدمات المتعلقة ببناء الإنسان (التعليم – الصحة - الاجتماعية الأخرى) قائمة استثمارات الجهاز الحكومى، حيث تستأثر وحدها بنحو 237.5 مليارجنيه، بنسبة تناهز 40.5%.
وتأتى خدمات المياه والصرف الصحى فى المرتبة الثانية باستثمارات تقدر بنحو 7.89 مليار جنيه، بنسبة 15.3% من الإجمالى، ويحتل قطاع النقل والتخزين المركز الثالث باستثمارات تقدر بنحو 65.1 مليار جنيه، بنسبة 11.1%، ويسهم قطاع الزراعة واستصلاح الأراضى باستثمارات تقدر بنحو 64.9 مليار جنيه، بنسبة تربو على 11% من جملة الاستثمارات الحكومية.
استثمارات الهيئات الاقتصادية
تبلغ الاستثمارات المستهدفة لهذہ الهیئات نحو 384.1 مليار جنيه فى عام الخطة، بنسبة 36.6% من جملة الاستثمارات العامة، وتتركز أهمها فى قطاع النقل والتخزين (48.9%)، وقطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى (32.9%)، مع تفاوت الحصة المتبقية بين القطاعات والأنشطة الأخرى.
وتعتمد الهيئات الاقتصادية فى مصادر تمويل استثمارات على القروض المحلية والأجنبية بما يعادل 219.8 مليار جنيه، بنسبة 57.2%، ثم على المخصصات المحلية والأجنبية، بما يعادل 147.3 مليار جنيه بنسبة 38.3%، بجانب مصادر أخرى بقيمة 17 مليار جنيه بنسبة 4.5%.
استثمارات الشركات العامة
وتبلغ الاستثمارات المستهدفة للشركات العامة نحو 79.2 مليار جنيه، بنسبة 7.5% من جملة الاستثمارات العامة وتتوزع هذه الاستثمارات بين الشركات الخاضعة للقانون رقم 97 لسنة 1983 وشركات القانون رقم 203 لسنة 1991، والشركات القابضة النوعية.
وتشكل الاستثمارات المستهدفة للشركات الخاضعة للقانون 97 لسنة 1983 نحو 24.7 مليار جنيه فى عام الخطة، بنسبة 31.2% من استثمارات الشركات العامة، ونحو 2.4% من إجمالى الاستثمارات العامة، ويتركز 96% من استثمارات الشركات الخاضعة لهذا القانون فى 4 قطاعات رئيسة، تتمثل فى قطاع الصناعات التحويلية (42.9%)، والنقل والتخزين (19.8%)، والخدمات الاجتماعية الأخرى 19.4% والاستخراجات (13,4%)، بالإضافة إلى قطاعى التشييد والبناء وتجارة الجملة والتجزئة بنسبة ضئيلة (4.5%).
وفيما يخص الهيكل التمويلى لاستثمارات الشركات الخاضعة لقانون رقم 97 لسنة 1983، فيضم الاحتياطيات والمخصصات (محلى وأجنبى) بقيمة 23.1 مليار بنسبة 93.5% من إجمالى المصادر التمويلية، فى حين تبلغ مساهمات الخزانة العامة مليار جنيه بنسبة 4.1%، مع هامشية نسبة التسهيلات المحلية والأجنبية بنحو 2.4%.
وتقدر استثمارات الشركات الخاضعة للقانون رقم 203 لسنة 1991 بنحو 19.5 مليار جنيه فى عام 23/2024، بنسبة 24.6% من جملة استثمارات قطاع الأعمال العام، وتتركز أغلبية الاستثمارات فى قطاعى الصناعات التحويلية والوساطة المالية والتأمين (6.9 مليار جنيه لكل منهما) بنسبة 35% تقريبا، والنقل والتخزين (3.8 مليار جنيه) بنحو 19.5%.
وتستهدف خطة عام 23/2024 توجيه استثمارات للشركات القابضة النوعية بنحو 35 مليار وتتوزع بين قطاع الكهرباء والطاقة (13 مليار جنيه)، وقطاع الاستخراجات (9 مليار جنيه) والنقل والتخزين (6.2 مليار جنيه)، والاتصالات (5.1 مليار جنيه).