ومن المعلوم أن كافة الديانات السماوية اتفقت على تحريم وتجريم "الزنا" سواء بزواج أو دون زواج، وذلك صيانة للأخلاق والفضيلة عند البشر وتطهيراً للنفس من الرذيلة، ولكن اختلفت التشريعات الوضعية فى نظرَتها إلى هذه الجريمة، فمنها من جرمها كالمشرع الفرنسي، والذى ما لبث وأن ألغى العقوبة، فقد اعتبر أن تجريم مثل هذا الفعل لا طائل منه، فمن لم تردعه أخلاقه عن ارتكابها، لن تردعه أى عقوبة، واكتفى بما أقره المشرع الإنجليزى أى بالطلاق والتفريق كجزاء عادل إذا ما طلب الزوج ذلك.
و"الزنا" هو آتصال شخص متزوج - رجلاً أو إمرأة - آتصالاً جنسياً بغير زوجه، والزنا جريمة ترتكبها الزوجة إذا آتصلت جنسياً برجل غير زوجها، ويرتكبها الزوج إذا آتصل جنسياً بامرأة غير زوجته في منزل الزوجية، والزنا من جرائم الشكوى، إذ لا يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى ضد الزوج الزاني إلا بناءً على شكوى زوجه، وإذ قدم الزوج شكواه كان له أن يتنازل عنها إلا إذا صدر في الدعوى حكم نهائي وحق الشكوي والتنازل مقرر للزوج والزوجة علي حد سواء.
مدي أحقية الزوجة في وقف تنفيذ عقوبة الحبس عن "زوجها الزاني"
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الإجابة على السؤال.. مدي أحقية الزوجة في وقف تنفيذ عقوبة الحبس عن زوجها الزاني؟ وما هو رأى جمهور الدستوريين والقانونيين في تلك الإشكالية، فمن المعروف أن المادة 274 عقوبات خاصة بجريمة - زنا الزوجة - والمادة 277 فهي خاصة بجريمة - زنا الزوج - فلا يجوز تحريك ورفع الدعوى الجنائية عن جريمة الزنا بنوعيها، إلا إذا قدمت شكوى من قبل الزوج ضد زوجه الزانى، وقد أجاز القانون في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية للشاكي أن يتنازل عن شكواه في أي حالة كانت عليها الدعوى طالما لم يصدر فيها حكم بات – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
في البداية – المشرع خرج عن هذا الأصل وأجاز في المادة 274 عقوبات لزوج الزانية أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي الصادر عليها برضائه معاشرتها له كما كانت، غير أن القانون لم ينص في شأن الزوج الزاني على حق زوجته في طلب وقف تنفيذ عقوبته إن ارتضت بمعاشرته، وذهب جمهور الفقه إلى أنه لا يصح قياس الزوجة على الزوج في حق التنازل، ومن ثم فإن رضاء زوجة الزاني بمعاشرته لا أثر له على وقف تنفيذ العقوبة غير أن في الفقه من يري الاعتراف للزوجة بنفس الحق لذات العلة التي دعت تقريره للزوج وهي "رضاء المعاشرة"، لأن تلك العلة متعدية وتتحقق في الزوجة، فيصح القياس لاكتمال شروطه – وفقا لـ"فاروق".
ويهدد المادة 274 عقوبات بعدم الدستورية للإخلال بمبدأ المساواة
والرأي الثاني هو الصحيح لأن الأخذ برأي الجمهور يؤدي إلى عدم دستورية نص المادة 274 عقوبات للآخلال بمبدأ المساواة الدستوري بين الرجل والمرآة فيما أغفله من تقرير حق التنازل للزوجة، كما أن من شأن الأخذ بالرأي الثاني الحفاظ علي أوصال العائلة، وبالتالي الأسرة من الضياع والانهيار والأمر متروك للزوجة بما يحقق الحكمة من النص، كما أنه لا يوجد عله مفهومة لقصر حق التنازل علي الزوج من دون الزوجة، فيكون المشرع في النص قد قال أقل مما أراد.