«صفر بطالة وسوق العمل يحتاج أضعاف أعداد الخريجين».. بهذه الكلمات وصف عدد من عمداء كليات الحاسبات والذكاء الاصطناعى بالجامعات الحكومية، أهمية الكليات وسوق العمل المتاح للخريجين، على المستوى المحلى والإقليمى والدولى، فى ظل الانتشار الكبير للبرمجيات والرقمنة.
وبالتزامن مع انطلاق المرحلة الثانية من تنسيق القبول بالجامعات الحكومية، وإعلان الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى، عن وجود أماكن شاغرة أمام طلاب الثانوية العامة بالمرحلة الثانية بكليات الحاسبات والذكاء الاصطناعى، تنشر «اليوم السابع» خريطة كليات الحاسبات والذكاء الاصطناعى بالجامعات الحكومية.
وأكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى فى تصريح لـ«اليوم السابع» أن الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالى والبحث العلمى، معنية بالبرامج الدراسية الجديدة والبينية التى تستجيب لاحتياجات سوق العمل المحلى والإقليمى والدولى، وأن الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة وأفرع الجامعات الأجنبية حريصة على تحديث برامجها الدراسية بشكل دائم وإضافة برامج دراسية جديدة فى كل القطاعات والتخصصات العلمية، بما يواكب التغيرات المحلية والإقليمية والدولية فى أسواق العمل المستقبلية. ظهور وظيفة مهندس المعلوماتية الطبية لتشخيص وقراءة الأشعة والتحاليل.. وقريبا قارئ طبقات الصخور الأرضية لاكتشاف البترول والذهب بديلا عن الخبراء.
من جانبه أكد الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات، أن المجلس أطلق الكتيب الخاص بالبرامج المميزة على مستوى الجامعات الحكومية، وهى برامج بينية ومميزة تعمل بنظام الساعات المعتمدة وبعضها بالتعاون مع جامعات وجهات خارج مصر وتمنح شهادات مزدوجة، مشيرا إلى أن الكتيب مكون من 700 صفحة يتضمن كل برنامج بجميع الجامعات وتفاصيله، لتعريف الطالب فرص التوظيف وسوق العمل المتاح بعد التخرج، وعدد الساعات التى يقدمها البرنامج.
وقال أمين المجلس الأعلى للجامعات، فى تصريحات خاصة لـ «اليوم السابع»: إن دليل البرامج الجديدة يأتى فى إطار حرص وزارة التعليم العالى والبحث العلمى والمجلس الأعلى للجامعات على الارتقاء بالعملية التعليمية، والاهتمام بمخرجاتها وفقا لرؤية مصر 2030 للوصول إلى مستويات عالمية، تناسب وظائف المستقبل، وتدعم احتياجات الدولة المصرية، وتسهم فى مواجهة تحديات التنمية، لافتا إلى أن هذا الدليل يهدف إلى توعية طلاب الشهادة الثانوية العامة المصرية، وما يعادلها من الشهادات «العربية والأجنبية» والطلاب الوافدين بالبرامج الجديدة بالجامعات الحكومية المصرية.
وأشار «رفعت» إلى أن البرامج الدراسية الجديدة أصبحت من أهم الروافد الأساسية لسوق العمل بتخصصاته البينية الجديدة المطلوبة، لرفع مهارات الخريجين بما يتلاءم والمتغيرات العالمية، الذى ينعكس بدوره على جودة العملية التعليمية والبحثية بصورة مباشرة، مؤكدا أن الجامعات الحكومية خطت خطوات جادة وواثقة لإنشاء برامج جديدة، فضلا عن تطوير المقررات واللوائح الدراسية، بما يضمن إعداد خريج متميز ومواكب لاحتياجات سوق العمل المحلى، والإقليمى، والدولى، لافتا إلى أن الجامعات الحكومية تضم 14 كلية للذكاء الاصطناعى و9 أقسام بكليات الحاسبات.
عمداء كليات الحاسبات: سوق العمل يحتاج ضعف العدد خلال الـ10 سنوات المقبلة
قال الدكتور إسامة إمام، عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى جامعة حلوان: علوم المستقبل تعتمد اعتمادا كليا على الذكاء الاصطناعى، وأصبحنا الآن نغير مفهوم الأمية إلى الأمية الحاسوبية، بمعنى أن طبيب المستقبل ومهندس المستقبل وإدارى المستقبل بدون تكنولوجيا المعلومات سينقصه الكثير، لذا تعول الدولة على تخصص الحاسبات والذكاء الاصطناعى أن يكون قاطرة التنمية لتحول مصر، طبقا لرؤية مصر 2030، إلى دولة تعتمد على الذكاء الاصطناعى.
وجه الدكتور أسامة إمام حديثه إلى طلاب الثانوية العامة قائلا: يسعدنا أن تنضموا إلى قطاع الذكاء الاصطناعى، ليس فقط لكونه من كليات قمة أو لكونكم متفوقين، ولكن هذا القطاع يدعم مصر والشرق الأوسط بمهندسى البرمجيات، ونعتز بأن هذا القطاع به صفر بطالة، بل وأصبح الآن خريجو القطاع يشغلون مناصب بأكبر الشركات العالمية، ولا أخفيكم سرا وخاصة الطالبات، أننا نعمل عن بعد، أى أن العديد من شاغلى وظائف الشركات العالمية بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوروبا يعيشون بيننا فى مصرنا الحبيبة، ولكن يصدرون صناعة البرمجيات بأفكارهم وعلمهم إلى شتى أرجاء المعمورة.
وتابع «إمام»: هناك تخصصات ووظائف مباشرة تتعلق بإنتاج تطبيقات الإنترنت، سواء تحت مسمى «ويب أبليكشين أو موبايل أبليكشين» وهذا القطاع يشمل مهندسى البرمجيات، وهم الجيل الأول والثانى من خريجى الكلية، أما الآن فإن الحاجة إلى الذكاء الاصطناعى نجمت من ثورة البيانات الكبيرة المتاحة، التى تستدعى وجود محلل بيانات ومطور نظم لكى يتنبأ بحل المشكلات العملية والنظرية بالعديد من القطاعات باستخدام الذكاء الاصطناعى.
واستطرد: سيظهر فى المستقبل القريب قارئ طبقات الصخور الأرضية، الذى سيحدد إذا كانت هذه الصورة لأعماق الأرض بها نسب احتمال وجود بترول أو ذهب أو ما إلى ذلك، وهذه الوظيفة يقوم بها خبراء بمبالغ طائلة فى قطاع البحث والتنقيب، حيث تكون قراراتهم صحيحة بنسبة 50%.
وأكد «إمام»: إن التخصصات التى تعتمد على الذكاء الاصطناعى تزداد يوما بعد آخر، لدرجة أنه يصعب أن نحدد سويا الآن أسماء كل الوظائف المطلوبة فى المستقبل من قطاع الذكاء الاصطناعى.
وبدوره، قال الدكتور رضا عبدالوهاب، عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى بجامعة القاهرة: إن البرمجيات والرقمنة شهدت طفرة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، وأصبحت تحتوى على خوارزميات الذكاء الاصطناعى، والسبب فى انتشارها كونها كانت فى السابق تستغرق وقتا كبيرا فى التشغيل، وبالتالى لم تظهر فى تطبيقات الحياة اليومية للجمهور، ولكن مع تطور الأجهزة وزيادة السرعات أصبح من السهل وجودها فى كل التطبيقات اليومية للمواطنين.
وأضاف «عبدالوهاب»، أن الذكاء الاصطناعى يؤدى مهام العقل البشرى، وعلى سبيل المثال لو هناك مؤسسة تحتاج إلى شخص للرد على استفسارات الجمهور قد يكون «شات بوت»، «روبوت المحادثة» وهو عبارة عن برنامج يرد على الأسئلة والتوجيه كإنسان، وذلك من ضمن الأمور التى تستخدم بصفة عامة، خاصة بعد نجاح الذكاء الاصطناعى فى فهم اللغة الطبيعية ويستطيع عمل ترجمة من لغة إلى لغة أخرى، وأصبح «شات بوت » أكثر ذكاء لتسهيل التعامل بين الجمهور.
وذكر «عبدالوهاب» أن الذكاء الاصطناعى يدخل فى الروبوتات الميكانيكية، والعمليات الجراحية والتصنيع، ومجالات استخدامه واسعة، والروبوت قد يقود السيارة والطائرات أو يحل محل «خادم البيت » بديلا عن الإنسان، متوقعا أن الفترة المقبلة ستشهد انتقاء للطلاب المجتهدين للحصول على الفرصة فى الالتحاق بكليات الذكاء الاصطناعى.