أصدرت الدائرة التجارية – بمحكمة النقض – حكماَ في غاية الأهمية، ألغت فيه حكم تعويض صادرا لصالح إحدى الشركات، أرست فيه مبدأ قضائيا بأن الضرر الأدبي المستوجب للتعويض لا يلحق الأشخاص الاعتبارية، ورسخت فيه تقسيم عناصر الضرر الأدبي الذي يقع على الشخص إلى 4 أنواع ومدى تأثيره على سمعة الأشخاص سواء الطبيعية أو الاعتبارية، قالت فيه: "الضرر الأدبي حقيقته اقتصار الإصابة به على الشخص الطبيعي دون الشخص الاعتباري، وأن الشركات شخص اعتباري لا يستحق التعويض الأدبي".
وتابعت: "أن الضرر الأدبي هو الذي لا يصيب الشخص في ماله ويمكن إرجاعه إلى أحوال معينة:
1- ضرر أدبي يصيب الجسم نتيجة الألم الذي ينجم عن الحالات التي تعتريه.
2 - ضرر أدبي يصيب الشرف والعرض والاعتبار.
3 - ضرر أدبي يصيب العاطفة والشعور.
4 - ضرر أدبي يصيب الشخص من مجرد الاعتداء على حق ثابت له، وهذه الأحوال جميعها لا يتصور حدوثها إلا إذا أصابت الشخص الطبيعي، أما الشخص الاعتباري فيكون بمنأى عن ذلك التصور.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 13444 لسنة 90 قضائية، برئاسة المستشار عبد العزيز إبراهيم الطنطاوى، وعضوية المستشارين عبد الله لملوم، وصلاح الدين كامل سعدالله، والريدى عدلى، ووليد عبد الوهاب.
الوقائع.. نزاع بين شركة وأحد البنوك بسبب ضرر وقع على الشركة
الوقائع - علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوي المقيدة برقم 145 لسنة 2015 تعويضات محكمة الجيزة الابتدائية على البنك الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأداء مبلغ 500000 جنيه كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بها.
وذلك على سند من أنه بتاریخ 3 مارس 2013 تقدمت بطلب للبنك الطاعن لتحويل مبلغ 31129,39 دولار أمريكي من حسابها لديه إلي حساب الشركة "......" المتعاقدة معها كثمن باقي البضاعة المشتراه منها، إلا أنها فوجئت بأنه أوقع حجزاً إدارياً على أموال بحسابها لصالح مصلحة الضرائب على المبيعات سداداً لمبلغ 23339 جنيه، وترتب على ذلك عدم تنفيذه لطلب التحويل، وبمراجعتها لمحضر الحجز تبين أنه يخص شركة أخري مغايرة لها، ولما كان ما قام به البنك الطاعن يعد خطأ من جانبه ترتب عليه إصابتها بأضرار مادية تمثلت في عدم وفائها بثمن البضاعة في الميعاد المحدد، مما نتج عنه تأخر استلام البضاعة وتسليمها لعملائها، وأضرار أدبية تمثلت في الإساءة إلي سمعتها التجارية وفقد ثقة العملاء بها.
محكمة أول درجة تقضى بتعويض الشركة 300 ألف جنيه كتعويض أدبي دون المادى
وفى تلك الأثناء - أقامت الدعوي، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوي وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 31 يناير 2019 بإلزام البنك الطاعن بأن يؤدي للشركة المطعون ضدها مبلغ 300000 جنيه كتعويض أدبي، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنف البنك الطاعن هذا الحكم قضت بتاريخ 21 يونيو 2020 بتأييد الحكم المستأنف، طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت الرأي فيها بنقض الحكم المطعون فيه، وإذا عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند على أن الشركات شخص اعتباري لا يستحق التعويض الأدبي
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب حيث ذكرت أن مما ينعاه البنك الطاعن علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ قضي بإلزامه بأداء مبلغ 300000 جنيه للشركة المطعون ضدها كتعويض عن الضرر الأدبي الذي أصابها والمتمثل في الإساءة لسمعتها واسمها ومكانتها، رغم كونها شخصا اعتباراً لا يتصور إصابته بهذا الضرر والذي - علي فرض صحته – يمكن اعتباره محلاً للتعويض المادي وليس الأدبي، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضـه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الضرر الأدبي هو الذي لا يصيب الشخص في ماله ويمكن إرجاعه إلى أحوال معينة:
1- ضرر أدبي يصيب الجسم نتيجة الألم الذي ينجم عن الحالات التي تعتريه.
2- ضرر أدبي يصيب الشرف والعرض والاعتبار.
3- ضرر أدبي يصيب العاطفة والشعور.
4- ضرر أدبي يصيب الشخص من مجرد الاعتداء على حق ثابت له، وهذه الأحوال جميعها لا يتصور حدوثها إلا إذا أصابت الشخص الطبيعي، أما الشخص الاعتباري فيكون بمنأى عن ذلك التصور.
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكانت الشركة المطعون ضدها " الشركة ..... للخدمات الصناعية - ذات مسئولية محدودة "، هي بطبيعتها شخص اعتباري فلا يتصور لحوق مثل هذا الضرر بها المستوجب للتعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه بإلزام البنك الطاعن بأن يؤدى للشركة المطعون ضدها مبلغ 300 ألف جنيه كتعويض أدبي فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم تعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به بشأن طلب التعويض الأدبي والقضاء برفض هذا الطلب، وتأييده فيما عدا ذلك.