"وافقت منذ أكثر من 10 سنوات على طلب إبنى باستغلال أرض زراعية وعقار مملوك لى، والإستفادة من ريعها، إلا أننى مع مرور الوقت ظهر تغييرا ملحوظا في معاملة إبنى لى ولأمه، وكانت معاملته أقرب للجحود حيث لم يعد يتواصل معنا كما كان، ثم علمت أنه ينوى التصرف في أملاكى في حياتى، الأمر الذى اضطرنى إلى مطالبته برد الأرض الزراعية والعقار، فضلا عن عدم استلام الايجار أو الريع من المستأجرين، إلا أنه رفض رد الأرض والعقار واستمر في استلام الايجار".. بهذه الكلمات بدأ الحاج "نعيم. ح"، 60 سنه، محافظة القاهرة، سرد مأساته لـ"برلماني" في محاولة لإيجاد حلول قانونية.
وتابع: "وبعد أن باءت كل المحاولات بالفشل قررت إقامة دعوى قضائية ضد نجلى بإلزامه بأن يؤدى المبالغ التي استلمها أو الريع من المستأجرين والتي قُدرت بـ40 ألف جنيه، وطرده للغصب وتسليم الأرض والعقار، إلا أن محكمة أول درجة قضت بالتسليم فقط دون استرداد الريع، ما اضطرنى لإستئناف الحكم لإلغاءه، وكذا نجلى استئناف هو الأخر الحكم لإلغاءه، وقامت محكمة الاستئناف بضم الاستئنافين، والتي بدورها قضت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وفى الاستئناف الثانى برفضه، ثم قررت الطعن على الحكم بطريق النقض.. فما هو السيناريو المتوقع من محكمة النقض؟".
مأساة أب مع نجله.. وافقت لإبنى على حيازة أرض وعقار للإستفادة من الريع ثم رفض ردهما
وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض ميشيل إبراهيم حليم – أن "الأب" الطاعن هو مالك أطيان النزاع وأن وضع يد نجله - المطعون ضده - عليها كان على سبيل التسامح فليس له أن يطلب استردادها أو طرده منها فى حين أنه يجوز له طلب إخلاء العين واستلامها منه لزوال سبب وضع يده عليها ويعتبر غاصباً إذا امتنع عن ذلك، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه، وهنا يكون الحكم المطعون فيه "به عوار" لمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه.
وبحسب "حليم" في تصريح لـ"برلماني": ودعوى الطرد للغصب من دعاوى أصل الحق يستهدف بها رافعها أن يحمى حقه فى استعمال الشئ واستغلاله فيسترده ممن يضع اليد عليه بغير حق سواء أكان قد وضع اليد عليه ابتداء بغير سند أم كان قد وضع اليد عليه بسبب قانوني أو على سبيل التسامح ثم زال هذا السبب واستمر واضعاً اليد عليه، وكانت الحيازة المبنية على عمل من أعمال التسامح مهما طالت مدتها لا تكسب صاحبها حقاً يعارض حق صاحب الملك فى الانتفاع بملكه واستعماله والتصرف فيه، ويكون له إن شاء أبقى عليها وإن شاء أنهاها بغير التزام عليه قبل هذا الحائز أو قيد على إرادته فى هذا الخصوص، ويعتبر الحائز غاصباً إذا لم يتخل عن هذه الحيازة عند طلبها .
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 2766 لسنة 64 القضائية، والذى جاء في حيثيات حكمه: إذ كانت دعوى الطاعن قد أقيمت بطلب طرد المطعون ضده من أطيان النزاع باعتباره مالكاً وأذن له أن ينتفع بها على سبيل التسامح فلا يعطيه ذلك الحق فى البقاء فيها على خلاف إرادة مالكها مهما طالت مدة حيازته لها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن وضـع يد المطعون ضده على الأطيان محل النزاع قام على سبيل التسامح من قبل والده – الطاعن - إلا أنه قضى رغم ذلك بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزامه بتسليمها إليه تأسيساً على مجرد القول إن الأرض شغلت بموافقة المالك، ومن ثم فقد انتفى الغصب ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، بما يوجب نقضه لهذا السبب .
وتضيف "المحكمة": لما كان ذلك، وكانت دعوى الطاعن قد أقيمت بطلب طرد المطعون ضده من أطيان النزاع باعتباره مالكاً وأذن له أن ينتفع بها على سبيل التسامح فلا يعطيه ذلك الحق فى البقاء فيها على خلاف إرادة مالكها مهما طالت مدة حيازته لها، وأن إقامة الطاعن دعواه بطلب طرد المطعون ضده من أطيان النزاع باعتباره مالكاً لها وأنه أذن للمطعون ضده بالانتفاع بها على سبيل التسامح، فقضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائى بتسليمها إليه بقالة أن تلك الأطيان شغلت بموافقة المالك ومن ثم انتفى الغصب، فهذا فيه مخالفة وخطأ .