أيدت الدائرة الجنائية "ه" – بمحكمة النقض – حكم الإعدام ضد متهم بقتله والدته وطعنها 55 طعنه بسبب الميراث، حيث رسخت المحكمة لمبدأ قضائيا في غاية الأهمية خلال حكمها قالت فيه: " وجوب أخذ رأي المفتي به قبل الحكم بالإعدام طبقا للمادة 381 إجراءات جنائية، ولا يجب على المحكمة أن تبين رأيه أو تفنده باعتبار رأيه استشاريا وليس ملزما".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 8236 لسنة 88 القضائية – برئاسة المستشار عبد التواب أبو طالب، وعضوية المستشارين سامح حامد، وهشام رسمي، ونبيل مسلم، وأحمد الطويل، وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض عمرو الجندى، وأمانة سر حسام خاطر.
الوقائع.. شاب يقتل أمه بسبب الميراث
مدونات الحكم المطعون فيه أورد مضمون اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة التي عول عليها في قضائه في قوله: " أن المحكوم عليه روى تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة أنه يقيم مع والدته المجنى عليها "ل. م" في مسكن واحد ولخلافه الدائم والمستمر معها بسبب الميراث من والده المتوفي إلى رحمة مولاه منذ عام 2000 وقيامها بالتفرقة بينه وبين أشقائه في المعاملة ورفضها إعطائه نقوداً ولمحاولته المستمرة معها على أن تعدل بينهم إلا أنها كانت دائمة الإساءة إليه وأمام الجيران والتقدم بالشكاوى والبلاغات ضده للشرطة، مما أثار حفيظته وأثار فيه كوامن العدوان والرغبة في الانتقام من المجنى عليها أغلق نفسه وظلت تخاطره وفي هدوء وترو وازن بين عواقب الإقدام على قتلها وعواقب التراجع عن ذلك فوسوس له شيطانه وسيطر علي جنانه بالانتقام منها وبعيداً عن الانفعال وبمنأى عن الغضب عقد العزم وبيت النية على قتلها بأن أعد السلاح الذى سيستخدمه في قتلها والذى يعلم سلفاً مكان تواجده.
وفي يوم الحادث وحال تواجده بالمسكن تناهى إلى سمعه من خلف بابه صوت والدته تتحدث مع جارة لهم وأفصحت لها عن نيتها بإبلاغ القسم عنه وحبسه، فقام بالنزول من المسكن وتوجه إلى المسجد وقام بغسل وجهه ثم عاد إلى المنزل، فشاهد والدته تقف مع بعض الجيران والذين يحقنونها ضده لتحرير محاضر في القسم وعلى أثره توجه صوب حجرته ولعلمه المسبق بالسلاح الأبيض – المطواة – وأنه متواجد بأعلى صيوان حجرته اعتلاه وشحذ منه وتوجه صوب المجنى عليها وتحين فرصة أنها أصبحت بمفردها وغدر بها بأن انهال عليها بالمطواة بضربها وطعنها في بطنها وصدرها وظهرها عدة طعنات قدرها الطبيب الشرعي بأنها 55 طعنة ولم يتركها حتى تأكد أنها فارقت الحياة وأزهقت روحها ثم قام بغسل يده من الدماء والمطواة وفر هارباً، وعقب ذلك تم ضبطه واعترف بارتكابه الواقعة وأرشد عن السلاح المستخدم في الواقعة وعن قصده من تعديه عليها هو قتلها".
محكمة أول درجة تقضى عليه بالاعدام.. والمتهم يطعن
وفى تلك الأثناء – قضت محكمة الجنايات على الطاعن بالاعدام، فيما تقدم محاميه بطعنا على الحكم في المواعيد المقرر لإلغاء الحكم الصادر ضد موكله بالاعدام مستندا على عدة أسباب في مذكرة الطعن أبرزها الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع، والخطأ في تطبيق القانون، وأخذ يسرد في مذكرته كل هذه الأسباب بداية من القبض والتفتيش وظرفى الإصرار والترصد، وتقرير الطب الشرعى والصفة التشريحية، والاعتراف والإكراه عليه وعدد القضاة – هيئة المحكمة – مصدرى الحكم بالاعدام وغيرها من الأسباب، جاء أبرزها أن حيثيات حكم محكمة الجنايات لم يبين رأى المفتى بالاعدام وتفنيده.
محامى المتهم يستند في طعنه على عدة أسباب منها عدم تفنيد رأى المفتى
وردت محكمة النقض على هذا الدفع بقولها: لما كان ذلك ، وكانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ رأي المفتي قبل أن تصدر حكمها بالإعدام، إلا أنه ليس في القانون ما يوجب على المحكمة أن تبين رأي المفتي أو تفنده .
لما كان ذلك - وكَان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدعوى نُظِرت بجلسة 5 أبريل 2017 وبعد أن سمعت فيها المرافعة وأبدى كل من الخصوم طلباته اختتمت المرافعة، وأمرت المحكمة بحجزها ليصدر الحكم فيها بجلسة 8 يوليو 2017 مداً، وهو اليوم الذي صدر فيه الحكم ونطق به، وكان كل ما أوجبه قانون الإجراءات الجنائية في هذا الصدد هو ما نصت عليه المادة 303/1 من هذا القانون من أنه: "يصدر الحكم في جلسة علنية ولو كانت الدعوى نظرت في جلسة سرية، ويجب إثباته في محضر الجلسة ويوقع عليه من رئيس المحكمة والكاتب".
النقض ترفض الطعن وتؤيد الإعدام
ولم ينص على البُطلان في حالة عدم حضور المتهم – المعروض ضده - جلسة النُطق به، ومن المقرر قانوناً أنه لا يَلزم إعلان المتهم بالجلسة التي حددت لصدور الحكم فيها، متى كان حاضراً جلسة المرافعة - كما هو الحال في الدعوى - أو مُعلناً بها إعلاناً صحيحاً، وطالما أن الدعوى نُظِرت على وجه صحيح في القانون ، واستوفي كل خصم دفاعه، وحجزت المحكمة الدعوى للحكم فيها، فإن صلة الخصوم بها تكون قد انقطعت، ولم يبق اتصال بها إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة، وتصبح القضية في هذه المرحلة - مرحلة المداولة وإصدار الحكم - بين يدي المحكمة لبحثها والمداولة فيها ، ويمتنع على الخصوم إبداء رأي فيها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديدا .
لما كان ذلك - وكان الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دانه بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في التحقيقات ومن أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وكلها مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها كما استظهر الحكم نية القتل وظرف سبق الإصرار والترصد على ما هو معرف به في القانون وتناول الدفوع المبداه من المعروض ضده فدحضها في منطق سائغ وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وجاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.