"من الحب ما قتل"، قد يبدو عنوانًا مناسبًا لجريمة القتل التي شهدتها محافظة الشرقية، أمس، حيث مقتل سلمى الطالبة بأكاديمية الشروق بالقرب من محكمة الزقازيق، وذلك على يد المتهم إسلام محمد حيث طعنها عدة طعنات بسكين كان بحوزته، أثناء دخولها مدخل عقار محل عمل إحدى صديقاتها، فباغتها بمنتهى الغدر بعدة طعنات، فسقطت أرضاً قاصداً إزهاق روحها، محدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها.
وقد أُلقي القبض على المتهم حال دخوله العقار محل الواقعة، وجارٍ استكمال التحقيقات مع المتهم من قبل النيابة العامة، والتي أمرت بالتحفظ على السلاح المستخدم في الجريمة وما علق به من آثار، وتحفظت أيضاً على هاتفي المجني عليها والمتهم، كما أمرت بفحص كافة الآثار المادية المرفوعة بمسرح الحادث، وحددت عددًا من الشهود الذين رأوا الواقعة خلال ارتكابها لسماع شهادتهم.
"من الحب ما قتل".. من نيرة أشرف لـ"سلمى"
تلك الواقعة التي أعادت للأذهان قضية مقتل الطالبة نيرة أشرف على يد زميلها محمد عادل، الصادر بحقه حكم بالإعدام، وفى انتظار نظر الطعن على الحكم لتأييده أو لإلغائه وتخفيفه، وهي القضية التي وقعت تحديدًا أمام بوابة كلية الآداب جامعة المنصورة، حيث أقدم الطالب "محمد عادل" على ذبح زميلته الطالبة "نيرة أشرف" الطالبة بكلية الآداب جامعة المنصورة، بعدما طعنها بمنطقة البطن والصدر، مما أدى لوفاتها بالحال.
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على العقوبات المقررة لجريمة قتل "سلمى" على يد زميلها "إسلام محمد" حيث إن المتهم ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ضد المجني عليها، وثابت في حقه جريمة القتل العمد من قيامه بطعن المتوفاة إلى رحمة مولاها أكثر من طعنه بسلاح قاتل، وتوافر في حقه ظرف سبق الإصرار من اعتياده التعرض للمجني عليها وتهديدها وكونه أعد سلاحا للجريمة، أما ظرف سبق الترصد فثابت في حقه من كونه انتظرها في مكان قدومها للغدر بها والنيل منها بغرض قتلها – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
كيف يلف "العشاق" حبل المشنقة حول "رقبتهم"؟
في البداية – هناك العديد من الملاحظات التي يجب الحديث عنها قبل الخوض في مسألة العقوبة المقررة، فالقانون ليس قوالب جامدة كما يظن البعض، وإنما يصدر الحكم بعد دراسة الحالة النفسية والاجتماعية والأسباب والبواعث التي أدت لارتكاب الجريمة، خاصة وأننا في مثل هذه الجرائم نجد من يخرج إلينا ويدافع عن الجناة أو على الأقل يطالب بتخفيف العقوبة والنزول بها لأن المجني عليه هو من جعله يصل إلى هذه الحالة لارتكاب جرمه، والحالة التي نحن بصددها قيل أيضا أن المتهم دافعه للقتل إنه "يحبها"، فأى حباً هذا الذى يؤدى للقتل فهو نفساً كاذبة تدثرت برداء حب زائف، واختلطت عنده المفاهيم، والرغبة صارت حبا والقتل لأجله انتصارا لأنانيته ولخياله المريض وهذا المجرم تجرأ على قيم المجتمع وعلي القانون وعلى معاني الحب الحقيقية – وفقا لـ"صبرى".
هل عدم قبول الرفض سبب جريمة المنصورة؟
عدم قبول الشاب مرتكب الجريمة من جانب الضحية، هو السبب الرئيسي لقتل طالبة كلية اعلام أكاديمية الشروق، فقد عقد الجاني النية للقتل والدليل على ذلك وجود سلاح معه في مكان الجريمة، فهو أكبر دليل على أنه يحاول الانتقام منها، وكذا عرضه العديد من الأسئلة عن جريمة القتل في الجروبات القانونية، ما يؤكد توافر ركن الإصرار، ونؤكد أن الانهيار الثقافي وغياب الوعي من أهم أسباب انتشار الجرائم المماثلة، وذلك لأن الجناة لم يتقبلوا فكرة رفض الضحية وعدم تقبل الزواج، فيقوم الجاني بقتل المجني عليها، وذلك حتى لا تكون لغيره، بسبب عدم نضوج شخصيته، وغياب الوازع الديني عنده – الكلام لـ"صبرى".
والواقعة التي نحن بصددها يقال إن قاتل فتاة الشرقية أرسل عدة رسائل لأحد الجروبات القانونية، قبل تنفيذ جريمة القتل، والملفت للنظر أن هذا المجرم والمجرم الأخر محمد عادل، كلاهما احتج بمسألة أنه ساعد زميلته وصرف عليها وفي الآخر رفضته، وهذا لا يعنى أبدا أنه مبررا للقتل، ونتمنى القصاص من هذا المجرم في أقرب وقت، فإن ما ارتكبه هذا القاتل يعد جناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد ومقترنة بجنحة حمل سلاحاً أبيض "سكينه"، وأن هذه مثل الأفعال الإجرامية من قبل المتهم تعد جريمة نكراء يندي لها الجبين وانعدمت منه الإنسانية والرحمة والضمير، وليس للقاتل ثمة أي مبرر لإزهاق روح إنسانة بريئة مسالمة لا ذنب له – هكذا يقول "صبرى".
جريمة قتل "سلمى" يتوفر فيها ركنا الأصرار والترصد
إن ما اقترفه المتهم يشكل جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد وفقاً للمواد "230،231" من قانون العقوبات، وقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار أو الترصد، حيث تنص المادة "230" كل من قتل نفساً عمداً مع سبب الإصرار أو الترصد يعاقب بالإعدام، فقد فرق قانون العقوبات فى العقوبة بين القتل المقترن بسبق الإصرار والترصد، وبين القتل دون سبق إصرار وترصد، فالأولى تصل عقوبتها للإعدام وفقاً للمادة 230 عقوبات، والثانية السجن المؤبد أو المشدد.
وتنص المادة 234 /3 من قانون العقوبات على أن: "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى، حيث إن المتهم ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ضد المجنى عليها، واستخدم المتهم سلاحه وكبرياء ذاته فى قتل المجني عليها، ولترويع الآمنيين، ويجب عدم استخدام الشفقة أو الرحمة مع هذا القاتل، وتجدر الإشارة أن سبق الإصرار والترصد هما ظرفان مشددان لجريمة القتل العمد:
1- توافر ظرف سبق الإصرار لدى الجاني بارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في هدوء وروية، ولمحكمة الموضوع أن تستنتجه من وقائع الدعوى وملابستها والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره فى نفسه، ووجود خلافات بين المتهم والمجني عليها وإعداد سلاح أبيض لتنفيذ قصده، والتخطيط المسبق والتصميم على ارتكاب الجريمة.
ويقوم ظرف سبق الإصرار على عنصرين:
الأول: نفسي وهو إمعان التفكير فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبير عواقبه ثم الإقدام على فعل القتل وهذا العنصر يمثل فى الواقع ذات الإصرار.
والثاني: زمني لسبق الإصرار يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة فى ذهن الجاني وعزمه عليها وبين تنفيذها ومقدار القوة الزمنية بما يحقق العنصر الأول أي يهيئ للجاني فى حالة من الهدوء النفسي تسمح بأن يقال إنه ارتكب الجريمة بعد تدبر، وفِي الجريمة الماثلة كان القتل وسبق الإصرار عليه مختمراً فى ذهنه حيث قام المتهم بالتخطيط لجريمته وتتبع المجني عليها وما أن ظفر بها حتى قام بطعنها عدة طعنات قاصداً إزهاق روحها ومن ثم توافر ظرف سبق الإصرار قبل المتهم.
2- توافر ظرف الترصد قبل المتهم، والترصد معناه تربص الجاني للمجني عليها فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومها إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأتها بالاعتداء عليها، وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجاني للمجني عليها لمباغتتها والغدر بها لدى وصولها لتحقيق غاية الإجرامية.
ويتكون ظرف الترصد من عنصرين:
أولهما: زمني يتطلب ضرورة مرور فترة من الوقت قد تطول أو تقصر.
ثانيهما: مكاني ويتطلب انتظار الجاني للمجني عليها فى مكان ما.
جدير بالذكر أن تحقق أحد الظرفين المشددين سبق الإصرار أو الترصد يكفي لتشديد العقوبة للإعدام، والترصد يخضع فى إثباته للقواعد العامة فهو واقعة مادية ويثبت عادة بالاعتراف وبشهادة الشهود، ولما كان المتهم قد ترصد المجني عليها بالمكان الذي أيقن وجودها فيه لتنفيذ جريمته الشنعاء التى هزت المجتمع وأحدثت حالة من الصدمة والحزن الشديدين لدي الكثيرين، وسوف ينال هذا القاتل جزاء جريمته.
لذلك نطالب بتوقيع أقصى عقوبة مقررة على المتهم في القانون وهي الإعدام شنقاً، وذلك لتحقيق الردع العام، ولمنع كل من تسول له نفسه العبث بحياة المواطنين الأبرياء، وحماية المجتمع من هذه الجرائم البشعة التي تكررت في غضون شهور قليلة، ومثل هذه الأفعال الإجرامية قد تهدد أمن وسلامة واستقرار المجتمع.