حملة هادفة لمرصد الأزهر الشريف، بعنوان "التربية بين نعم ولا"، تهدف إلى توجيه الآباء فى تربية أبنائهم وكيفية التعامل معهم فى العديد من المناحى الحياتية بالإضافة إلى كيفية التصرف فى المواقف التى يتعرضون لها وتوجيههم للتعامل معاها.
لا.. لاستخدام الأمر المباشر فى التربية ونعم.. لاتباع أسلوب التخيير
إن احترام الطفل وغرس الثقة فى نفسه وعدم إجباره على فعل أى شيء لا يرغب فى القيام به خاصة فى مرحلة النمو وتكوين الشخصية، من الأمور المحمودة فى التربية، ولكى نحقق تلك الأهداف، ولا بد من اتباع أسلوب التخيير وأن نتجنب الأوامر المباشرة حتى لا نصطدم بميول الطفل ورغباته، وقد يكون من المقبول أن نوجه تفكيره نحو الأمر الذى نريده ولكن بالهيئة التى يختارها هو، حتى يشعر بذاته وشخصيته. فبدلًا من أن نقول له مثلًا: اذهب لغرفتِك لتنامَ فى سريرِك، من الممكن أن نقول: أتنام فى سريرِك مع لُعبتك أم أحكى لك قِصة قبلَ النَّوم؟... ومن المستحسن تخصيص برنامج يومى فى حياة الطفل يعمل على تحسين سلوكياته وأدائه، ليصبح بإمكانه توقع مجرى الأمور فى يومه للحد من الصدام وتجنب الاضطرابات والقلق.
نعم.. لتدريب الأبناء على تحمل المسئولية وكسر حاجز الخوف والخجل لديهم
المسئولية هى سلوك يكتسبه الطفل ويتعلمه من والديه ومجتمعه ومن الحياة برمّتها، وإذا ما أراد المربّى من ولده أن يكون قادرًا فى المستقبل على تحقيق إنجازات رائعة، فعليه أن يمنحه الشعور بالمسؤولية فى السنين المبكرة من عمره، فتوجيه الطفل للقيام ببعض الأمور البسيطة، مثل: ربط الحذاء، وجمع الألعاب، ومساعدة الكبير، يمنحه تدريجيًا القدرة على التعامل مع الأمور بفعالية أكبر. وكلما تأخر إحساس الطفل بالمسؤولية كلما كان بناء ذلك أصعب وأشد. ومما يعين الطفل على تحمل المسؤولية وكسر حاجز الخوف، هو أن يمنحه المربى حرية الاختيار، ومن ثم تحمل العواقب، فلو سمح الوالدان للطفل باختيار لعبة مثلًا ثم أتلفها فى وقت قصير، فعليهم أن يُشعروه بأنه هو الذى اختار لعبته، وهو الذى أتلفها فعليه أن يتحمل نتيجة فعله. ومن خلال هذا النموذج البسيط يتعلم الطفل شيئين مهمين، الأول: هو أن يتعلم كيف يختار ويكسر حاجز الخوف والتردد لديه، الأمر الآخر: هو أن يتحمل نتيجة اختياراته وأفعاله.
لا.. لإدمان الأبناء استخدام الهاتف المحمول وما شابهه
ينتج عن استعمال الأبناء المفرط للأجهزة الإلكترونية العديد من الأضرار والمخاطر منها ما هو جسدى كـــ (الإصابة بمشكلات فى العمود الفقرى، وآلام الكتفين والرقبة ومفاصل اليدين، والإحساس بالإعياء، وضبابية فى الرؤية وآلام الرأس)، ومنها ما هو نفسى كــ (تشتت الانتباه، وفرط الحركة، وصعوبات التعلم، والتوحد القلق، واضطراب المزاج، والعنف، وضعف التحصيل الدراسى، والعدوانية، وضعف القدرات الذهنية، ومهارات التفكير والتخيل لدى الابن)، ومنها ما هو لغوى كــ ( التأخر اللغوى، ومشكلات النطق والكلام، والتلعثم، وعسر الكلام.
لذلك يوصى المتخصصون ألا يجلس الأبناء الرضع حتى 18 شهرًا أمام الأجهزة الإلكترونية أو حتى تكون بالقرب منه – فيما يسمح للأبناء من 18 إلى 24 شهرًا بالجلوس بعض الوقت أمام الوسائل التكنولوجية رفقة الآباء – وألا تزيد فترة بقاء الأبناء أمام وسائل التكنولوجيا فى مرحلة ما قبل المدرسة على ساعة واحدة فى اليوم، مع وجود البالغين لمساعدتهم على فهم ما يرونه- وأن يضع الآباء والمربون حدًا زمنيًا لفترة بقاء الأبناء أمام وسائل التكنولوجيا من عمر 5 إلى 18 سنة، بحيث لا يتجاوز ساعتين يوميًّا، كما يجب ألا تشغلهم تلك الوسائل عن الحصول على ما يكفى من النوم والقيام بالنشاط البدنى.
نعم.. لتشجيع الأبناء على حسن اختيار الأصدقاء
من أهم المخاوف التى تراود الآباء هى اختيار الصديق الصالح للأبناء، والحفاظ عليهم من الوقوع فى شباك صديق السوء الذى قد يكتسبون منه العادات والصفات التى تهدم الشخصية السوية، ولما للصديق من أهمية بالغة فى حياة صديقه، وأثر كبير على فكره، من خلال تعامله معه بصورة يومية، لذا وجب اختيار الصديق بعناية وحرص.
والأبناء بحكم أعمارهم الصغيرة وعدم خبرتهم الكافية فى الحياة قد لا يضعون أسسًا معينة لاختيار أصدقائهم خاصة فى مراحل العمر المبكرة. من هنا وجب على الآباء إكساب الأبناء مهارة اختيار الصديق، عن طريق توعيتهم بأهمية اختيار الصديق الصالح، وصفاته، وكيفية معرفة الصديق الحسن الذى يساعد صديقه على فعل الخير والتحلى بالأخلاق الحميدة. ومن أكبر السبل المعينة على ذلك اتباع أسلوب ضرب الأمثلة من قصص الأنبياء والرسل - عليهم السلام -، والتى يتجسد من خلالها معنى الصداقة وأهميتها وكيفية إعانة الصديق لصديقه على الأمور الصالحة.
لا.. للتدليل الزائد
حرص الوالدين الزائد على راحة أبنائهم لدرجة (التدليل) والقيام بمهام الأبناء على الرغم من قدرتهم على إتمام أمورهم بأنفسهم، والتدخل فى جميع تصرفاتهم، أمر قد لا يقبله هؤلاء الأبناء ويعتبرونه تسلطًا.
ويؤدى هذا التدليل إلى انخفاض مستوى قوة الأنا لدى الأبناء، وتنامى الشعور بالخوف والانسحاب وعدم التحكم الانفعالى ورفض المسؤولية، وسهولة الانقياد، والأنانية لدى الأبناء؛ لذا، فعلى الآباء والمربين توخى الحذر من صناعة جيل من المتقاعسين العالة نتيجة الحماية الزائدة عن اللازم، والتدليل المبالغ فيه.
نعم.. للصداقة مع الأبناء ومشاركتهم فى هواياتهم
إنّ تنمية ورعاية هوايات الأبناء منذ الصغر يسهم فى اكتشاف ميولهم ومهاراتهم، وتنمية ذكائهم، ما يجعلهم أكثر تفاعلًا من الناحية الاجتماعية. وتعدّ مشاركة الأسرة لاهتمامات وهوايات وأنشطة أطفالها من أفضل الطرق التربوية والتحفيزية لتطوير المواهب وتنمية الشخصية، واكتساب الثقة بالنفس، والشعور بالراحة النفسية والطمأنينة التى بها يزداد عطاء الابن وتميزه فى عمله وبروعه فى موهبته. والعكس صحيح فإن إهمال أو حرمان الوالدين للأطفال من ممارسة مواهبهم يؤدى إلى اهتزاز وهدم شخصياتهم.
لا.. لانتهاج أسلوب الحفظ والتلقين فى تعليم الأبناء
يدفع انتهاج أسلوب الحفظ والتلقين فى تعليم الأبناء إلى حفظ المعلومات دون فهمها أو تمحيصها ما يحوّل عقول الأبناء إلى مجرد وعاء لتلقى وحفظ المعلومة، كما يعمل هذا الأسلوب على تحجيم التفكير فى نسق مغلق على أساس النمطية والتكرار والتفكير الدائرى، والإجابة الواحدة القطعية، وبهذا يكون الابن فريسة سهلة للمتطرفين -أيًّا كان توجههم الفكرى والأيديولوجي- لبث ما تريده من أفكار مسمومة فى عقله كالأفكار المتطرفة ودعوات العنف والتخريب، ويتحوّل إلى مجرد أداة لتنفيذ مخططات وأجندات بعينها.
لا.. لتعريض الأبناء لمشاهد العنف وخدش الحياء
بات العالم الافتراضى جزءًا من حياتنا اليومية، ما يحتم على المربى اتخاذ المزيد من إجراءات الرقابة على المحتوى الذى يشاهده الأبناء، فالمشاهد التى تنطبع فى ذاكرة الابن تبقى معه طيلة حياته، وغالبًا ما تؤثر على سلوكه واتجاهاته فى مراحله التالية، فمشاهدة الفيديوهات الخادشة للحياء من قِبل الصغار والمراهقين يكسر الحواجز النفسية والخجل من القيام بتصرفات مُخِلَّة، لتصبح وكأنها مستساغة ومباحة.
كما أن تعريض الأبناء لمشاهد العنف والقسوة تنعكس سلبًا على سلوكه داخل الأسرة، ومع رفقائه فى الروضة أو المدرسة، فكلا الأمرين له تداعياته السلبية على النمو الاجتماعى وبناء العلاقات مع الآخرين، حيث يؤديان إلى نمو سلوكيات جميعها مرفوضة كونها إما متطرفة، أو منحرفة، أو عنيفة تؤثر بالسلب على الأسرة والمجتمع.
لذا على المُربِّى أن يُجَنِّبَ أبنائه المحتوى الرقمى إلا إذا كان مفيدًا وهادفًا وتحت إشرافه الشخصى، وأن يضع نصب عينيه أن "الوقاية خير من العلاج".