أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما قضائيا يهم رجال الأعمال والمستثمرين، بشأن فرض الحراسة القضائية، قالت فيه: "طلب فرض الحراسة القضائية على شركة لإدارتها، في حقيقته طلب مستعجل لم يرفع للمحكمة الابتدائية بطريق التبعية لطلب موضوعي، ومن ثم فلا تختص تلك المحكمة نوعياً بنظره بما كان يتعين معه عليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها نوعياً بنظره، وبإحالة الدعوى إلى قاضي المسائل المستعجلة للاختصاص".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 22 لسنة 69 قضائية، برئاسة المستشار عبد العزيز إبراهيم الطنطاوى، وعضوية المستشارين صلاح الدين كامل سعد الله، ومحمد عقبة، وسامح عرابى، وعلاء عباس، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد دراز، وأمانة سر خالد حسن حوا .
الوقائع.. شركاء يقيمون ضد شريكهم حراسة قضائية على شركتهم لهذا السبب
الوقائع علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1145 لسنة 1997 تجاري الإسكندرية الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بفرض الحراسة القضائية على الشركة المبينة بالصحيفة لإدارتها وتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات كل شهر، وقالوا بياناً لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 1 يناير 1965 تكونت شركة تضامن بين مورثهم والطاعن لتجارة السيارات، وأنه منذ يناير 1991 استأثر الطاعن بإدارتها وريعها ولم يقم بسداد الضريبة المستحقة، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى، وبتاريخ 29 ديسمبر 1997 .
المحكمة تقضى بفرض الحراسة
وفى تلك الأثناء - حكمت المحكمة برفض الدفع بصورية عقد الشركة، وبفرض الحراسة القضائية على الشركة محل النزاع، وتعيين حارس الجدول صاحب الدور لاستلامها وإدارتها الإدارة الحسنة وإيداع كشف حساب شهري بقلم كتاب المحكمة مؤيداً بالمستندات حتى انتهاء النزاع، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 128 لسنة 54 قضائية، لدى محكمة استئناف الإسكندرية والتي قضت بتاريخ 3 نوفمبر 1998 بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت الرأي فيها برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إنه لما كان مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز لمحكمة النقض كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة وللخصوم إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وكان مؤدى نص المادة 109 من القانون ذاته أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى.
ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع وعليها أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها، ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاصها بنوع الدعوى، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر فيها يعتبر وارداً على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص سواء آثارها الخصوم في الطعن أم لم يثيروها، وأبدتها النيابة أم لم تبدها، باعتبار أن هذه المسألة وفي جميع الحالات تعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة.
المذكرة تؤكد أن المحكمة الإبتدائية غير مختصة بنظر النزاع لهذا السبب
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: لما كان ذلك، وكان النص في المادة 45/1، 3 من قانون المرافعات على أن: " يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاض من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت .... على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضاً بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية"، يدل على أن المشرع قد أفرد قاضى المسائل المستعجلة باختصاص نوعى محدد هو إصدار حكم وقتى يرد به عدواناً بادياً للوهلة الأولى من أحد الخصمين على الآخر، أو يوقف مقاومة من أحدهما على الثانى ظاهره أنها بغير حق، أو يتخذ إجراءً عاجلاً يصون به موضوع الحق أو دليلاً من أدلة الحق، ودون أن يمس بأصل الحق الذى يتعين أن يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعي، على أنه يجوز أن تختص محكمة الموضوع أيضاً بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية متى كانت هناك رابطة بين الطلب المستعجل التابع وبين الطلب الأصلي.
فرض الحراسة القضائية تعد من الأمور المستعجلة التي يختص بنظرها نوعياً قاضى المسائل المستعجلة
وبحسب "المحكمة": وكانت دعوى الحراسة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ليست من الدعاوى الموضوعية فهى لا تمس أصل الحق ولا تعتبر فاصلة فيه والمقصود منها حفاظ الشريك على حقه في أعيان النزاع وضمان اقتضاء ريعها متى تجمع لديه من الأسباب المقبولة ما يخشى منه خطر عاجل من بقاء المال تحت يد حائزة، ومن ثم تعد من الأمور المستعجلة التي يختص بنظرها نوعياً قاضى المسائل المستعجلة، لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب فرض الحراسة القضائية على الشركة المبينة بالصحيفة لإدارتها، وهو في حقيقته طلب مستعجل لم يرفع لها بطريق التبعية لطلب موضوعي، ومن ثم فلا تختص تلك المحكمة نوعياً بنظره بما كان يتعين معه عليها أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها، وبإحالة الدعوى إلى قاضى المسائل المستعجلة.
وتضيف "المحكمة": وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي في قضائه بفرض الحراسة القضائية على الشركة محل النزاع، فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص النوعي بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث سببى الطعن، وحيث إنه لما كان النص في المادة 269/1 من قانون المرافعات على أنه: "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نُقض لمخالفته قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة والتي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة "، ولما تقدم، يتعين الحكم في الاستئناف رقم 128 لسنة 54 ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الإسكندرية الابتدائية نوعياً بنظر الدعوى وباختصاص قاضى المسائل المستعجلة بدائرة تلك المحكمة بنظرها.
فلهذه الأسباب:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل اتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 128 لسنة 54 ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الإسكندرية الابتدائية نوعياً بنظر الدعوى وباختصاص قاضى المسائل المستعجلة بدائرتها بنظرها، وألزمت المستأنف ضدهم المصروفات عن الدرجتين، ومبلغ مائة وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.