بلا شك يؤثر مرض السكري في العلاقة الزوجية، وعلى عكس المعتقد الشائع فإن تأثير السكري لا يقتصر على الرجال فقط، ولكن قد تواجه المرأة المصابة بالسكري أيضًا بعض المشكلات فيما يخص العلاقة الجنسية، ويمكن أن يتداخل مرض السكري مع الوظيفة الجنسية للرجال بعدة طرق والتي منها: "ضعف أو عدم القدرة على تحقيق الانتصاب، وانخفاض الرغبة الجنسية، وقلة الإحساس الجنسي"، كذلك يمكن أن يؤثر السكري في النساء، وتشير الدراسات إلى أن الرجال المصابين بداء السكري غالبًا ما يكون لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون "هرمون الذكورة"، ما قد يؤثر في الدافع الجنسي لديهم.
ومع ذلك ليس بالضرورة أن يواجه كل مريض بالسكري المشكلات السابقة، ولكن حدوثها يرتبط بارتفاع مستوى السكر في الدم لفترة طويلة دون علاج، ما يؤدي لمضاعفات مثل: اعتلال الأعصاب - تلف الأعصاب - وضعف الدورة الدموية، وكليهما قد يؤدي إلى الضعف الجنسي عند الرجال وانخفاض الإحساس الجنسي وعدم الوصول للنشوة لدى النساء، ويتسبب السكري غير المعالج في عديد من المشكلات الجنسية، وتشير الإحصاءات إلى أن حوالي 35٪ إلى 75٪ من الرجال المصابين بداء السكري سيعانون على الأقل من درجة معينة من ضعف الانتصاب المعروف بالضعف الجنسي خلال حياتهم.
هل إصابة الزوج بمرض السكر يبيح للزوجة طلب الطلاق بسب الضعف الجنسي؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية، تتمثل في الإجابة على السؤال.. هل إصابة الزوج بمرض السكر يبيح للزوجة طلب الطلاق بسب الضعف الجنسي؟، خاصة وأن محاكم الأسرة بدأت تكتظ بالزوجات اللاتى يطالبن بالطلاق بسبب الضعف الجنسى لأزواجهن المصابين بمرض السكر، وذلك من خلال إقامة دعاوى "طلاق للضرر"، وذلك على الرغم من أن الزواج والعلاقة والرابطة الزوجية من أسمي العلاقات في شـرع الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم: "وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ"، والله سبحان وتعالي جعل المودة والرحمة أية ظاهرة معمرة، ولكننا نرى في أيامنا أسباب غريبة وعجيبة داخل محاكم الأسرة للمطالبة بالطلاق – بحسب الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الأسرى مختار عادل.
في البداية – الطلاق للعيب نصت عليه المادة "9" من القانون رقم 25 لسنة 1920: "للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجهـا إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه أو يمكن البرء منـه بعد زمن طويل ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون أو الجذام أو البرص سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد ولم ترضى به، فإن تزوجته عالمه بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها فلا يجوز التفريق"، وبذلك أعطى النص الزوجة الحق فى طلب التطليق من الزوج إذا وجدت به عيباً مستحكماً – وفقا لـ"عادل".
ما هو العيب الذى يبيح الطلاق؟
والعيب هو كل نقص بدنى أو عقلى فى أحد الزوجين يمنع من تحصيل مقاصد الزواج والتمتع بالحياة الزوجية، واستحكام العيب هو وصف له يدل على استدامته بالزوج، وتقدير وجـود العيب المستحكم الذى لا يرجـى زواله أمر موضوعى يقدره قاضى الموضوع، وقد وضع المشرع معياراً لاستحكام العيب، فالعيب يكون مستحكماً إذا استحال البرء منه أو أمكن ذلك، ولكن بعد زمن طويل وتقدير هذا الزمن يعد من مسائل الواقع التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع مستعيناً فى ذلك بأهل الخبرة والتخصص – الكلام لـ"عادل".
4 شروط لطلب التطليق للعيب
والواضح أن المشرع لم يحصر العيوب التى يجوز التفريق من أجلها حيث تضمنت المادة قاعدة عامة، وذكرت بعض العيوب على سبيل المثال وعلى ذلك فهى تتسع لكل العيوب التى تتوافر فى أحد الزوجين عند العقد بحيث ينفر بسببها الزوج الآخر منه ولا يحصل معها مقصود النكاح من الرحمة والمودة، ويشترط لطلب التطليق للعيب أربعة شروط هي – طبقا للخبير القانونى:
أولاً: أن تجد الزوجة بزوجها عيباً مستحكماً جسماني كمرض الجذام، أو خلقي كمرض نفسي مستعصى أو جنسى، كالعنه أو الجب أو الخصاء، فإذا لم يكن العيب مستحكماً فلا طلاق.
ثانياً: إلا يكون من الممكن البرء من هذا العيب أو يمكن ذلك، ولكن بعد مرور زمن طويل، فإذا كان يمكن البرء منه بعد زمن يسير فلا طلاق، ويقدر استحكام العيب أهل الخبرة.
ثالثاً: أن تتضرر الزوجة بالعيب على نحو لا يمكنها المقام مع الزوج مع قيام العيب به، ويستوي في الضرر أن يكون ماديا أو معنويا ويقدر توافره قاضى الموضوع مستعيناً في ذلك بأهل الخبرة .
رابعاً: ألا تعلم الزوجة بالسبب قبل العقد أو ترضى به بعده، فإذا كانت تعلم أو رضيت به فلا طلاق .
3 شروط لطلب الطلاق بسبب داء السكرى
وتخلف أحد هذه الشروط يترتب عليه سقوط حق الزوجة في التطليق لهذا السبب، كما أن ظهور العيب بعد الزواج يعطيها ذات الحق في طلب التطليق إلا أن الرضا بالحياة مع الزوج رغم وجود العيب الذي حدث بعد العقد يسقط حق الزوجة في طلب الطلاق للرضا به، وبذلك يحق لزوجة المريض بمرض السكر غير المعالج الذي يتسبب له في ضعف الانتصاب وعدم قدرته على الجماع طلب الطلاق بشروط:
1-ألا يكون هناك أمل في شفاء الزوج خلال وقت يسير بتقرير من الطب الشرعي.
2-وألا تكون الزوجة على علم بالمرض وأثره في استحالة الجماع قبل عقد الزواج أو ألا تكون قد رضيت به بعد الزواج.
3-وأخيرا تضرر الزوجة من هذا المرض على نحو لا يتحقق معه المقصود من الزواج.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لإشكالية الطلاق للعيب في الطعن المقيد برقم 673 لسنة 67 قضائية، والذى جاء في حيثياته: حق الزوجة فى طلب التفريق من زوجها للعيب المستحكم يكون شرطه هو المادتان 9، 11 من القانون 25 لسنة 1920، والعيوب المبيحة للفرقة هي عدم ورودها على سبيل الحصر، أما تحقق العيب المستحكم وفقاً للمذهب الحنفى يكون مناطه تأكد العلم بقيام العيب المستحكم بعد استظهاره بمعرفة أهل الخبرة وعدم رضاء الزوجة به صراحة أو دلالة، فضلا عن إقامة الزوجة مع زوجها زمناً للتجربة لاحتمال زوال العيب لا يسقط حقها فى طلب التفريق ولو تراخت فى رفع أمرها للقضاء .
حكم أخر لمحكمة النقض لمواجهة الأزمة
وفى طعن أخر لمحكمة النقض المقيد برقم 13 لسنة 50 قضائية، والذى جاء فيه: "مفاد نص المادتين 9، 11 من القانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – يدل على أن المشرع توسع في العيوب التى تبيح للزوجة طلب الفرقة فلم يقتصر على ما أخذ به منها فقهاء الحنفية وهى عيوب العنة والجب والخصاء، وإنما أباح لها طلب التفريق أن ثبت بالزوج إي عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلا أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد، وإن ما ورد ذكره من عيوب في هذا النص كان على سبيل المثال لا الحصر وأنه رأى الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده".
رأى الشرع الحنيف
هذا وقد سبق للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وأن حدد عدة أسباب تكون موجبة للطلاق، موضحا المسالب التي بسببها يحق للمرأة طلب الطلاق، وذلك بعد أن تلقى المفتي السابق سؤالًا يقول: ما هي العيوب التي بسببها يحق للمرأة أن تطلب الطلاق من الزوج؟ وفي إجابته عن السؤال، عبر موقعه الرسمي، أوضح جمعة، 4 حالات يحق للزوجة عندها طلب الطلاق، وفود فتواه قائلاً:
أولاً: أن يكون به مرض منفر، والمرض المنفر أدخل فيه العلماء في مجمع البحوث الإيدز، المرض المعدي والمنفر يكون كالجذام كالبرص، مثل هذه الأشياء فيجوز طلب الفسخ لأنه يمنع من الاستمتاع بين الزوجين.
ثانيًا: أن يكون عنده ما يعوق من الاتصال الجنسي كعدم وجود الآلة كشيء طرأ عليه أفقده هذا، فإنه إذا كان قبل الزواج فيجوز لها طلب الطلاق، أما إذا كان قد طرأ من مرض فإنه لا يجوز لها طلب الطلاق، إذًا العيوب التي تكون في الرجل إما أن تكون متعلقة بالقضية الجنسية، وإما أن تكون متعلقة بالقبول وعدوى المرض وفي كل من الأمرين يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق عن طريق القاضي وإن عفت عن هذا وصبرت على زوجها فلا بأس به ولها الثواب.
ثالثًا: الجنون: أن يصاب بالجنون.
رابعًا: الغياب الطويل الذي يترتب عليه فتنة لها، أما المدة فقد أفتوا العلماء أنه فيما فوق السنة وعليه أخذ كثير من الناس وبعضهم جعله أربعة، هذا الأمر مناط إلى القاضي الذي يقيم المسألة.
وكل هذا يتوقف على ما إذا كان يرجى برؤه أم لا حتى لا يتخذ الأمر ذريعة لبعض النساء تدعي إفكًا وظلمًا على زوجها أنه مريض ولا يرجى برؤه يعني ميؤس من حالته بمعنى أصح، والفارق في هذا والمانع منه أن هذا كله مرده إلى القضاء، والقاضي سوف يرى كل هذا، وسيرى إذا كان قابل للبرء أم لا من خلال رأى الخبراء والأطباء، يرى أنه إذا ما أعطاه مهلة أو لا يعطيه مهلة إلى آخر ما هنالك، ولذلك الأمر لما علقناه بالقضاء اطمأننا على أن كل هذه الشروط سوف يراعيها القاضي الذي يحكم بالعدل بين الناس.