"متى تضع الحرب أوزارها؟".. السؤال الأكثر تداولا في العالم العربى والإسلامى بعد بدء الإجتياح البرى لإسرائيل على قطاع غزة، أمس، حيث الحديث عن وقوع خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية من الجانبين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية "حماس"، وذلك في محاولة لفتح ملف المفاوضات الذى أُغلق منذ عام 2014 مع استمرار إسرائيل في المخالفات والإنتهاكات للقانون الدولى والمواثيق، فجاءت عملية "طوفان الأقصى" في غلاف غزة بالسابع من أكتوبر ردا على تلك الإنتهاكات.
الواقع والحقيقة يؤكدان أنه بعد فشل عملية الإجتياح البرى على قطاع غزة سنكون أمام سيناريوهين لا ثالث لهما إما أن تعقد "صفقة جديدة" مع إسرائيل أو تتخذ خطوات تدفع "بشكل حقيقي نحو تقرير المصير الفلسطيني" أو ما يُطلق عليه "حل الدولتين" لتكون الدولة الفلطسينية منزوعة السلاح مقابل تراجع إسرائيل عن فكرة التهجير القسرى لأهالى القطاع، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
متى تضع الحرب أوزارها في غزة؟
وفي 7 أكتوبر، أطلقت "حماس" عملية "طوفان الأقصى" ضد الكيان المحتل، ردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، ولكن السؤال هنا.. متى تضع الحرب أوزارها؟ في ظل الإبادة الجماعية للقطاع وبالأخص الإنتقام في المقاومة بقتل الأطفال كما حدث مع الصحفى والمراسل وائل الدحدوح الذى استشهد 3 من عائلته أثناء قصف الجيش الإسرائيلي المحتل للقطاع.
من جانبه - يقول القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، إن الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال غزة بفلسطين شهادة سقوط الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ووفاة القانون الدولى الإنسانى، وتواطؤ المجتمع الدولى لتجريد أطفال فلسطين من إنسانيتهم لا يغتفر، وأن الأطفال يواجهون وحشية عالمية ومحلية تحولهم لمجرد مجهول، مما يوجب على المجتمع الدولى وقف فوري لإطلاق النار في غزة للانتهاك الصارخ لحقوق الأطفال الفلسطينيين .
الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال غزة شهادة سقوط اتفاقية حقوق الطفل
وبحسب "خفاجى" فى إحدى دراساته عن "حقوق أطفال فلسطين من النزاعات المسلحة": أنه فى تلك الإبادة الجماعية ما يتعارض تعارضا صارخا مع جهد العمل الإنسانى المشترك لأعضاء الجماعة الدولية بدءاً من إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924 وإعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 نوفمبر 1959 والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان بشأن حماية النساء والأطفال أثناء الطوارئ والمنازعات المسلحة، ومخالفاً لباكورة الاهتمام الدولى المتمثل فى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل 1989 .
ووفقا لـ"خفاجى": إن الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال فلسطين شهادة سقوط الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، خاصة شهادة لسقوط أهم مادة من مواد الاتفاقية الدولية وهى المادة 38 التى توجب أن تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في المنازعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد، وأن تتخذ الدول الأطراف، وفقا لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عمليا لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح.
شهادة وفاة القانون الدولى الإنسانى
ويضيف نائب رئيس مجلس الدولة: لقد خلفت الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال غزة نتيجة القصف الإسرائيلي بالأسلحة التي تقدمها القوى الغربية القتل البشع لهؤلاء الأطفال مما يفقد الأطفال حياتهم ومستقبلهم وقدرتهم على التنفس وخلفت العديد من الجرحى والأيتام ويخضعون لعمليات جراحية دون تخدير أو دعم، مما يتركهم في حالة من فقدان الذات، وظهر لأول مرة على المستوى الدولى ما يسمى "الطفل الجريح الذي ليس لديه عائلة على قيد الحياة"، حتى بلغ الأمر أن أهالى أطفال غزة يكتبون أسماءهم على أذرعهم أو أرجلهم حتى يمكن التعرف على جثثهم في حالة قتلهم، حيث إن ما يحدث مع أطفال فلسطين من الاحتلال الاستعماري وعنف الدولة يمثل تهديدًا حقيقيًا لثمار الحياة وتصفية جسدية ونفسية واجتماعية لهؤلاء الأطفال مما يلقى باَثاره على المدى الطويل لتجارب الحرب، وذلك فى الوقت الذى لا يوجد أي مبرر أخلاقي أو دولى لمواصلة هذه الوحشية التي ستؤدي إلى إضعاف وجرح وقتل آلاف الأطفال الآخرين.
وأشار إلى إن عدم اهتمام المجتمع الدولى بالمصاعب المروعة التي يواجهها أطفال غزة بفلسطين العربية اَية على التواطؤ الدولى لتجريدهم من إنسانيتهم، إنهم وهم أطفال صغار يواجهون وحشية عالمية ومحلية تحولهم إلى مجرد مجهول، وذلك على الرغم من أن كافة المواثيق الدولية نصت على حظر أن يتعرض أي طفل للموت العنيف أو الإصابة فى النزاع المسلح أو المجاعة ، بغض النظر عن المكان الذي ينتمي إليه.
وتواطؤ المجتمع الدولى لتجريد أطفال فلسطين من إنسانيتهم لا يغتفر
ويؤكد أنه يتعين على المجتمع الدولى أن يتحرك قبل فوات الاَوان بوقف فوري لإطلاق النار واستعادة المياه والغذاء والوقود والمستلزمات الطبية والمساعدات الإنسانية والحماية القصوى لمرافق الصحة الطبية والنفسية وإلغاء أوامر الإخلاء غير الشرعية واللاإنسانية للمستشفيات، ودعم حقوق الأطفال المتأثرين بالصراع المسلح على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف والمادة 38 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأطفال.
ويضيف أن حقوق الأطفال تتطلب حماية خاصة، وتستدعي الاستمرار في تحسين حالة الأطفال دون تمييز، فضلاً عن تنشئتهم وتربيتهم في كنف السلم والأمن، إن الإنسانية تشعر بالجزع لما للمنازعات المسلحة والإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال فلسطين من تأثير ضار ومتفش على أطفال غزة وما لهذا الوضع من عواقب في الأجل الطويل على استدامة السلم والأمن والتنمية،وإذ تدين شعوب العالم بما فيها شعوب الغرب استهداف الأطفال في حالات المنازعات المسلحة والهجمات المباشرة على أهداف محمية بموجب القانون الدولي، بما فيها أماكن تتسم عموماً بتواجد كبير للأطفال مثل المنازل والمدارس والمستشفيات .
والأطفال يواجهون وحشية عالمية تحولهم لمجرد مجهول
ويختتم الدكتور محمد خفاجى أنه لا يخفى أن الإبادة الجماعية الإسرائيلية بدعم الغرب لأطفال غزة بفلسطين شهادة أخرى على سقوط ووفاة القانون الدولي الإنساني المتمثل فى مجموعة من القواعد التي ترمي إلى الحد من آثار النزاعات المسلحة لدوافع إنسانية , وإذا كانت قواعد القانون الدولى الإنسانى تبغى الحماية المقررة دولياً للأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة أو بشكل فعال في الأعمال العدائية أو الذين كفوا عن المشاركة فيها مباشرة أو بشكل فعال، بما يفرض قيودًا على وسائل الحرب وأساليبها فإنه من باب أولى تكون تلك الإبادة الجماعية لأطفال فلسطين تخالف مخالفة صارخة الحماية الواجبة لأطفال عزل لا حول ولا قوة لهم بما يجرى من نزاعات مسلحة وينبغى حمايتهم من كل عدوان اَثيم .
إدانة المدعى العام لإسرائيل
يشار إلى أنه موقف يٌعتبر هو الأول من نوعه أن تخرج المحكمة الجنائية الدولية عن صمتها على جرائم إسرائيل، وتٌعلن للرأي العام العالمى أن ما يقترفه جيش الاحتلال في قطاع غزة هو انتهاكات جسيمة، وأنه لايوجد أحد فوق القانون الدولى، تلك التصريحات التي تعتبر باب أمل لكل من تحدث عن ضرورة التوجه للجنائية الدولية لمحاكمة قادة إسرائيل وعدم السماح لهم بالهروب بجريمتهم، حيث زار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، الأحد، ونشر مقطعا مصورا على منصة – إكس - للتواصل الاجتماعي قائلا فيه إنه يأمل في زيارة قطاع غزة وإسرائيل في أثناء وجوده بالمنطقة، لافتا إلى إنه يجب عدم تعليق إمدادات الإغاثة للمدنيين بأي شكل من الأشكال.
وأرسل خان عددا من الرسائل لتل أبيب بأنها تخترق القانون الدولى، أولها بانتهاك حقوق المدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني من خلال منع وصول إمدادات الإغاثة الإنسانية للأطفال والنساء والرجال المدنيين، مشددا على ضرورة ضمان تمتع الأشخاص الذين يعيشون في خوف ورعب بالحقوق المتساوية في الحصول على الحماية بموجب القانون الدولي، مؤكدا عزم مكتبه على التأكد من الدفاع عن هذه الحقوق حيثما كان ذلك ممكنا وحيثما كانت لديه ولاية قضائية.
وأشار المدعي العام إلى أن اختصاصه القضائي يعود إلى عام 2014 وأنه ينظر بشكل مستقل في الوضع في فلسطين والأحداث التي وقعت في إسرائيل، مشددا على أهمية التعاون مع مكتبه ومساعدته وقال "إن الهيكل الدولي المبني على أنقاض الحرب العالمية الثانية كان يهدف إلى إنشاء مؤسسات تضمن أننا لن نرى مرة أخرى فظائع يمكن أن تستهدف الناس بسبب عرقهم أو دينهم أو ثقافتهم أو المكان الذي يأتون منه أو جواز السفر الذي يحملونه، ويجب الوفاء بتلك الوعود".