قصف المستشفى المعمدانى -
حداد عام في الوطن العربى جراء استشهاد ما يقرب من 1000 شهيد، نتيجة قصف المستشفى المعمدانى، ليصل إجمالي عدد الشهداء والمصابين منذ بدأ عملية قصف قطاع غزة نحو 3 آلاف شهيد وأكثر من 10 آلاف مصاب، حصيلة القصف منذ بدء الحرب الأعنف خلال الأيام 12 يوما، ما يؤكد أن الكيان الصهيوني يقوم بـ"إرهاب دولة منظم وجريمة حرب"، لتضاف تلك الجريمة النكراء لقائمة المجازر التي ارتكبتها إسرائيل منذ عام 1948 مثل مذبحة دير ياسين، وصابرا وشاتيلا ومذبحة الحرم الإبراهيمى، مذبحة مدرسة "بحر البقر"، وغيرها من المذابح.
مذبحة المستشفى المعمدانى التي استشهد فيها بالأمس ما يقرب من 1000 شهيد ما بين أطفال ونساء ومسنين وأسرة كاملة لم تكن يوما من الأيام مكانا للحرب والقتال ولا مخزنا للأسلحة، وإنما مستشفى لعلاج وإيواء المواطنين الأبرياء الذين لجأوا لأكثر الأماكن أمنا وأمانا، ولكن طالتهم يد قوات الاحتلال الإسرائيلي كما هو مألوف لدى قوات الاحتلال اختراق القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية، وهو ما يكشف معه أن الإرهاب لا يشترط أن تمثله جماعات أو فصائل وحركات، وإنما قد تمثله "دولة" وهو ما يُعرف بـ"إرهاب الدولة".
مجزرة المستشفى المعمدانى.. "غزة تحت القصف لليوم الـ12 على التوالي"
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على كيفية مواجهة القانون الدولى والمواثيق الدولية لكارثة التعدى على المستشفيات والأماكن الآمنة مثلما حدث في مجزرة "المستشفى المعمدانى"، والتي تشير إلى أننا أمام كارثة إنسانية وجريمة وحشية ارتكبتها إسرائيل في حق الفلسطينين بعد أن تحولت الجثث لأشلاء والمئات منها صعب التعرف عليها، وبعد أبادت النساء والأطفال والشيوخ العُزل في قصف عشوائي لم تفرق بين الكبار ولا الصغار، ولا البنايات ولا المستشفيات، وهو ما يُعرف بـ"إرهاب الدولة" – بحسب الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام.
في البداية - قصف المستشفيات في ميزان القانون الدولى، تعتبر المستشفيات تتمتع بحماية عامة وخاصة للمواقع المدنية، طبق لإتفاقية جنيف الرابعة 1949، والبروتوكلان الأول والثانى – 1977، واتفاقية لاهاى 1954 وهى المواقع المدنية مثل المنازل والمدارس والجامعات ودور العبادة، طبقا للمادة 52 والبروتوكول الإضافة الأول 1977، ولا يجوز بأى حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى ويجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات، طبقا للمادة 18 اتفاقية جنيف الرابعة – وفقا لـ"مهران".
1000 شهيد في ظل انتهاك القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف
فضلا عن عدم جواز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية – طبقا للمادة 19 من اتفاقية جنيف الرابعة، ويجب جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم – طبقا للمادة 3 المشتركة، واتفاقيات جنيف الأربع – 1949، وفى عام 1970 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا ينص على أن منطقة المستشفى أو أي ملجأ مماثل لا ينبغي أن تكون هدفا للعمليات العسكرية، وذلك طبقا للمادة 3 المشتركة واتفاقيات جينيف الأربع – 1949، ولا يسمح أبدا بالهجمات العشوائية أو المستهدفة على المستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين، طبقا للجمعية العامة للأمم المتحدة قرار 2675 – 1970، وطبقا لنظام روما الأساسى: تشكل الهجمات المتعمدة ضد المستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى مخالفة جسيمة لقوانين وأعراف الحرب – الكلام لـ"مهران".
واستهداف المستشفيات جريمة حرب صارخة تنتهك القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، لابد من فتح تحقيق دولي عاجل ومحاكمة مرتكبي هذه "المجزرة"، فقد نص المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب، وتحظر مهاجمة المدنيين وجرحى الحرب والمرضى والعاملين في المجال الطبي، كما تنص المادة 18 من ذات الاتفاقية على حماية المستشفيات المدنية في النزاعات المسلحة، وتحظر تعريضها للهجوم أو تدميرها.
وخبير قانون دولى يؤكد: إسرائيل ترتكب إرهاب دولة منظم وجريمة حرب
كما أن المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تعتبر استهداف المدنيين والعاملين في المجالين الإنساني والطبي، جريمة حرب، كما تحظر المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، الهجمات العشوائية ضد المدنيين والمنشآت المدنية كالمستشفيات، ويتحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الهجوم، ولابد من دعوة المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف ما وصفها بـ"الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي" من قبل إسرائيل، مطالباً المنظمات الدولية والدول العربية بالتحرك العاجل لحماية المدنيين في غزة، ورفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.
والذى يحكم الصراع العديد من القوانين والقواعد والمبادئ والإتفاقيات الدولية التي لم تلتزم بها إسرائيل منذ احتلالها الأراضى العربية هي اتفاقيات جنيف لعام 1949، والتي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتم استكمالها بأحكام أصدرتها محاكم دولية معنية بجرائم الحرب، وتنظم سلسلة من المعاهدات معاملة المدنيين والجنود وأسرى الحرب في نظام يعرف إجمالا باسم "قانون النزاعات المسلحة" أو "القانون الإنساني الدولي"، وينطبق هذا القانون على القوات الحكومية والجماعات المسلحة المنظمة، ومن بينهم مقاتلو حماس.
دور المحكمة الجنائية الدولية
وفى حال لم يتم تقديم الأشخاص الذين يقال إنهم ارتكبوا فظائع في هذه الحرب إلى العدالة في الداخل، فإن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هي الهيئة القانونية الدولية الوحيدة المخولة بتوجيه التهم، ويمنح نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية سلطة قانونية للمحكمة للتحقيق في الجرائم التي يزعم أنها ارتكبت على أراضي الدول الأعضاء أو التي يرتكبها مواطنو هذه الدول،
أما المحكمة الجنائية الدولية، وهي محاكم دائمة مختصة بالنظر في جرائم الحرب في العالم، تأسست في لاهاي عام 2002، وتشمل ولايتها القضائية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في الدول الأعضاء بها وعددهم 123 دولة أو التي يرتكبها مواطنو هذه الدول، والكثير من القوى الكبرى في العالم ليسوا أعضاء في المحكمة، بينما تعترف المحكمة الجنائية الدولية بفلسطين كدولة عضو، في حين ترفض إسرائيل الولاية القضائية للمحكمة ولا تتعامل معها رسميا.
