أكد تقرير حديث للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن المرأة المصرية عادت لتسطر من جديد ملحمة وطنية في الانتخابات الرئاسية 2024، حيث تصدرت المشاهد الأولى لتلبية نداء الوطن وإثبات حقهن الدستوري في التصويت ليؤكدن أنهن رقم صحيح في معادلة الجمهورية الجديدة.
وأشار إلى أنه خلال عشر سنوات فُتحت للمرأة المصرية آفاقا جديدة لم تكن متاحة لها من قبل، مهدت لها الطريق لمشاركة واسعة النطاق في كافة القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وقد جاء ذلك نتيجة حتمية لنهج الإدارة المصرية منذ عام 2014، والذي نبع من إيمان الدولة المصرية بإيجابية العلاقة بين مستويات المشاركة السياسية للمرأة وبين مستويات التنمية المستدامة 2030 المحددة ومحورية لملف تمكين المرأة نحو المناصب السياسية العليا كجزء أصيل ورئيس في عملية الإصلاح الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي الشامل.
زخم تشريعي لحماية المرأة وزيادة تمكينها
وذكر تقرير المركز المصري أنه منذ عام 2014، شهدت الدولة زخمًا قانونيًا فصدر القانون رقم 144/2020 الذي خصص للنساء ما لا يقل عن 25% من إجمالي المقاعد بمجلس النواب، أما فيما يخص الحماية فقام المشرع المصري عام 2021 بتعديل القانون رقم 78/2016 لتغليظ عقوبة ختان الإناث، إضافة إلى إصدار القانون رقم 141/2021 الخاص بتغليظ عقوبة التحرش، وكان تعديل القانون رقم 77/1943 بشأن المواريث والذي يعاقب كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث بمثابة إرجاع الحق المنهوب الذي عانت منه المرأة المصرية لسنوات خاصة في المناطق الريفية والصعيد بسبب العادات والتقاليد المتأصلة بعدم توريث الإناث.
ونوه إلى أنه في مستهل فترة رئاسية جديدة تنتظر المرأة المصرية العديد من التشريعات التي تدعم مشاركتها في الحياة الاجتماعية دون أي تمييز، علاوة على تلك القوانين التي تضمن حمايتها من كافة أشكال العنف الموجه ضدها منها قانون الأحوال الشخصية الجديد لتحقيق التوازن العادل بين الرجل والمرأة داخل الأسرة، إصدار القانون الموحد لمكافحة العنف ضد المرأة بمشاركة 7 منظمات حقوقية، ويتضمن مشروع القانون ما يقرب من 53 مادة موزعة على 7 أبواب، وإصدار قانون مكافحة الزواج المبكر ليوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال احتفالية المرأة المصرية في مارس 2021، مجلس النواب بسرعة إصدار تشريع قانوني خاص يجري بموجبه منع الزواج المبكر للأطفال. ويُعدّ إصدار القانون من الأولويات الفترة القادمة.
وذكر التقرير أنه قد قامت الدولة المصرية بوضع عدد من الاستراتيجيات التي تسعى إلى حماية المرأة المصرية وتمكينها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وكان أبرزها استراتيجية تمكين المرأة المصرية 2030 والتي تسعى إلى التأكيد على التزام مصر بحقوق المرأة، ووضعها موضع التنفيذ وفقًا لما أقرته المواثيق الوطنية والدولية، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة 2015- 2020 المتضمنة تطوير وتفعيل التشريعات المناهضة للعنف ضد المرأة، إضافة إلى الاستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان الإناث 2016 - 2020 وتهدف الاستراتيجية إلى خفض معدلات ممارسة ختان الإناث، كذلك الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الزواج المبكر 2015-2020، والمنتظر تقييم تلك الاستراتيجيات.
التمكين الاقتصادي والحماية الاجتماعية
وتطرق التقرير إلى ما بذلته الدولة المصرية للعديد من الجهود بشأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة فيما يتعلق بالمرأة، حيث بلغ نصيب النساء من إجمالي مشروعات جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حوالي 45% بتكلفة 13.4 مليار جنيه حتى نهاية 2022.
كما بلغت نسبة النساء المستفيدات من برنامج تكافل وكرامة حوالي 75%، كما تم دعم 3 ملايين فتاة من أسر برنامج تكافل من دفع المصروفات المدرسية، لدعم تعليم الفتيات ولحمايتهن من الزواج المبكر، بتكلفة مالية قدرها مليار جنيه.
ومنذ عام 2014 أطلقت العديد من البرامج مثل مستورة وفرصة ومشروع المرأة والعمل ومشروع قدم الخير، كما أنشئت العديد من هياكل المساواة بين الجنسين ووحدات تكافؤ الفرص في الوزارات إضافة إلى وحدات النوع الاجتماعي.
واقترح التقرير أنه يمكن التقدم في المرحلة القادمة من حيث التوسع في المشروعات التي انطلقت لصالح المرأة مثل مشروع مستورة وفرصة وتحويشة ورائدة وتعميمها على جميع المحافظات لتحقيق التمكين الاقتصادي خاصة للمرأة المعيلة، التركيز على زيادة معدلات التحاق الإناث بالتعليم، بما فيه الجامعي وبما يتلاءم مع المجالات التي من شأنها تنمية مهاراتها بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل، وعمل برنامج وطني متكامل للتمكين الاقتصادي للمرأة بما لا يتعارض مع محاور المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، وعمل تعمل الحكومة على زيادة التمثيل المناسب للمرأة في مجالس إدارة الشركات المملوكة للدولة والمؤسسات العامة طبقا لتوجيهات مسبقة من الرئيس، ودراسة تطبيق ترتيبات العمل من المنزل وساعات العمل المرنة للنساء في القطاعين العام والخاص دون التأثير على الأجر، وتقديم الدعم إلى رائدات الأعمال وتعزيز مشاركتهن في الابتكار.
أما على مستوى التمكين السياسي فقد تولت المرأة المصرية منذ 2014 المناصب الإدارية العليا، فقد صرحت وزارة التخطيط بتضاعف المؤشر العام من 9% في عام 2018 إلى 20 % في عام 2022.
ونوه التقرير إلى تحقيق المرأة المصرية العديد من المكاسب الخاصة بتقلد المناصب القيادية فعلي الصعيد السياسي، أصبحت المرأة المصرية مكونًا رئيسًا في الوزارات المصرية والبرلمان، كذلك اقتحمت المرأة مجالات لم يكن سهلا الوصول إليها سواء في مجال القضاء، وذلك بعد تفعيل مواد الدستور التي تنص على تعيين المرأة في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز. أو على صعيد المجالات التكنولوجية، حيث بلغت نسبة القيادات النسائية بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أكثر من 50% وفقًا لتقديرات المجلس القومي للمرأة.
وتتمثل أولويات التمكين في المرحلة القادمة في زيادة الدعم المخصص لعملية تأهيل وبناء قدرات الكوادر النسائية في جميع المجالات وتدريبهن على مهارات القيادة والإدارة وصنع القرار والتخطيط والاتصال، ورفع كفاءتهن من خلال التعليم وبرامج محو الأمية ولا سيما في المناطق الريفية،وتمثيل النساء في الأحزاب السياسية وانخراطهم في منظمات العمل الأهلي، بوضع سياسات وآليات تضمن التمثيل العادل للمرأة والدفع بها في اتجاه تولى المناصب القيادية بداخلها، وإعدادها وتأهيلها لخوض الانتخابات التشريعية.