هل تُنصف محكمة العدل الدولية أهالى قطاع غزة المنكوب؟، سؤال يدور في ذهن العالم العربى أجمع بعد أن شهد على مدار ثلاثة ر تخاذل وضعف المجتمع الدولى بجميع مؤسساته، وعدم قدرته على إيقاف آلة الحرب الإسرائيلية الهمجية والتي دمرت القطاع عن بكرة أبيه وراح ضحيتها 23 ألف شهيد وأكثر من 56 ألف جريح.
وبأمل ينظر الجميع إلى المحكمة الدولية التي ستنظر خلال 48 ساعة في الطلب المقدم من جنوب إفريقيا الذي يتهم إسرائيل بارتكاب أعمال "إبادة جماعية" في قطاع غزة، وتطالب جنوب إفريقيا بأن تأمر أعلى محكمة في الأمم المتحدة إسرائيل، على نحو عاجل، بتجميد عملياتها العسكرية في القطاع.
وإسرائيل إحدى الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وبالتالي فهي تخضع لولاية محكمة العدل الدولية، وهي جهاز تابع للأمم المتحدة ولأحكامها، وسيكون صدور حكم ضدها من المحكمة وإن لم يتم الإلتزام بتفيذه إلا أنه سيكون ذا صدى عالى دوليا وسيؤدى إلى مزيد من الضغط على تل أبيب وحلفائها لإيقاف الحرب ضد المدنيين.
وأحكام محكمة العدل الدولية ملزمة قانونا، إلا أن قضاة المحكمة ليس لديهم السلطة لإجبار أي دولة على تنفيذ الأحكام، وتتألف المحكمة، التي تختص فقط بالنزاعات بين الدول، من 15 قاضيًا يعملون لمدة 9 سنوات ويتم انتخابهم بشكل مشترك من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن. وتغطي الأمم المتحدة كامل مصاريف محكمة العدل الدولية.
ويقول ملف جنوب أفريقيا، المؤلف من 84 صفحة، إن تصرفات إسرائيل "تعتبر إبادة جماعية في طابعها لأنها تهدف إلى تدمير جزء كبير" من الفلسطينيين في غزة، وهي تريد من المحكمة أن تعلن أن إسرائيل "قد انتهكت، وما زالت تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية"، لعام 1948، التي تعرف الإبادة الجماعية بأنها "أفعال ترتكب بقصد التدمير، كليا أو جزئيا، لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".
وفي تقريرها، تقول جنوب أفريقيا إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة تنتهك التزامات إسرائيل بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، و"اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها "تعرف الإبادة الجماعية على أنها "أي من الأفعال المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية، وهذه الأفعال تشمل قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضائها، وإخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا، وفرض تدابير تستهدف الحول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، ونقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى".
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إن محكمة العدل الدولية ستبدأ إجراءات محاكمة إسرائيل الخميس القادم على اقترافها جريمة إبادة جماعية في غزة. وعبّر اشتية في كلمته خلال جلسة حكومته الأسبوعية عن أمله بأن تقضي المحكمة الدولية بوقف العدوان على غزة، وأن تواصل إجراءات محاكمة إسرائيل دون التأثر بأي ضغوط سياسية.
ومحكمة العدل الدولية، التي عقدت جلستها الأولى عام 1946 مع خروج العالم من الحرب العالمية الثانية، من المقرر أن تنظر في قضية ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية ضد الفلسطينيين يومى 11و12 يناير الجاري، ومن المتوقع أن تشهد جلسة الاستماع المقرر عقدها في 11 يناير عرض ممثلي جنوب أفريقيا، في حين ستقدم إسرائيل دفاعها بمواجهة الاتهامات في اليوم التالي.
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن إسرائيل بدأت في اتخاذ خطوات عملية لمواجهة القضية، إذ تم تعيين محام بريطاني للدفاع عن إسرائيل أمام المحكمة، ويجري الآن تجميع فرق قانونية للترافع أمام المحكمة الدولية، مما يخالف سياسة استمرت لعقود من الزمن تتمثل في مقاطعة المحكمة وقضاتها الـ15 المنتخبين.
ورفضت إسرائيل اتهامات جنوب افريقيا باعتبارها "لا أساس لها من الصحة"، وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور حيات، على منصة "أكس": "ترفض إسرائيل باشمئزاز الافتراء الكاذب الذي نشرته جنوب أفريقيا ودعواها" أمام محكمة العدل الدولية، فيما كشفت وسائل إعلام عبرية عن مخاوف داخل تل أبيب من صدور إدانة لها في المحكمة الدولية.