أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين الملاك والمستأجرين، حيث يتصدى لإشكالية التكرار في عدم سداد الإيجار، وأرست مبدأ قضائيا، قالت فيه: "الأحكام المستعجلة لها نفس الحجية للأحكام العادية في إثبات سابقة التكرار في التأخر في دفع الإيجار، ما ينتج عنه إلزام المستأجر بالإخلاء"، وتضمن الحكم الأحكام من أول درجة مرورا بالطعن أمام محكمة النقض حتى الوصول لإرسال إنذار ما بعد القضية.
الخلاصة:
الحالة الماثلة أمامنا عبارة عن حكم مستعجل بالطرد لعدم سداد أجرة في 2014، ثم تم استئنافه وأثناء نظر الاستئناف قامت المستأجرة بسداد الأجرة حتي أخر عام 2014 والمصروفات الفعلية المقدرة من قبل المحكمة، فتم إلغاء حكم الطرد والقضاء بعدم اختصاص محكمة أول درجة نوعيا بنظر الدعوى.
ثم عادت المستأجرة وتأخرت عن سداد أجرة يناير من عام 2017، فتم رفع دعوي إخلاء للتكرار وصدر الحكم بالاخلاء، إلا أن المستأجرة استأنفت الحكم، والمحكمة ألغت الحكم، ورفضت الدعوى بحجة أن الحكم بعدم الاختصاص النوعي لا يعتبر سابقة على التكرار في التأخر.
وهنا تم نقض هذا الحكم للخطأ في تطبيق القانون، حيث إن عدم الاختصاص النوعي لسداد المستأجرة الأجرة المتأخر، وما يستجد مما أخرج الدعوي من اختصاص القضاء المستعجل لفقد شرط الاستعجال، وهو ما يثبت معه سابقة التكرار، وتم تعجيل الاستئناف بعد مرور أكثر من 6 أشهر، وتم الحكم بسقوط الخصومة في الاستئناف وجارى تنفيذ الحكم.
الوقائع.. نزاع بين المالك والمستأجر بشأن التكرار في عدم سداد الأجرة
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 20957 لسنة 89 قضائية، لصالح المحامى بالنقض محمد محمد حسن، برئاسة المستشار عبدالرحيم زكريا يوسف، وعضوية المستشارين عبدالصمد محمد هريدى، وسامح إبراهيم، وصلاح أبو رابح، وعبدالناصر عبداللاه فراج.
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنات أقمن على المطعون ضدها الدعوى رقم 51 لسنة 2017 السادس من أكتوبر الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين محل عقد الإيجار المؤرخ 1 ديسمبر 1981 والتسليم، وقلن بياناً لذلك: إنه بموجب عقد الإيجار المشار إليه استأجر مورثها من مورثهن شقة النزاع بقصد السكن وبأجرة شهرية مقدارها 5 جنيهات، إلا أنها تأخرت عن الوفاء بها عن شهر يناير عام 2017 رغم سابقة امتناعها عن الوفاء بها في الدعوى رقم 1460 لسنة 2014 مستعجل الجيزة واستئنافها رقم 644 لسنة 2014 مستعجل الجيزة التي توقت فيها الإخلاء بالسداد؛ ومن ثم فقد أقمن الدعوى، ثم حكمت المحكمة بالطلبات.
عدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى لا يصلح أن يكون سابقة لتوفر حالة التكرار
وفى تلك الأثناء - استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1149 لسنة 136 قضائية القاهرة، وبتاريخ 17 أغسطس 2019 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة النظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم؛ حيث ذكرت إن مما تنعى به الطاعنات على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقلن: إنه أقام قضاءه برفض دعوى تكرار التأخر في سداد الأجرة تأسيساً على أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1460 لسنة 2014 مستعجل الجيزة، واستئنافها رفم 644 لسنة 2014 مستعجل الجيزة القاضي بعدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى لا يصلح أن يكون سابقة لتوفر حالة التكرار في الدعوى المطروحة على الرغم من أن الحكم الإبتدائى المستعجل قضى بطرد المطعون ضدها لتأخرها في السداد، وأنه ألغى بالحكم الاستئنافى آنف البيان، وقضى بعدم الاختصاص النوعى لقيام المطعون ضدها بسداد الأجرة المتأخرة والمصاريف والنفقات الفائتة بأن نظر الاستئناف توقيا للإخلاء، مما يعد معه سابقة للتكرار، بما يعيبه ويوجب نقضه.
إرساء مبدأ: الأحكام المستعجلة لها نفس الحجية للأحكام العادية في إثبات سابقة التكرار في التأخر في دفع الإيجار
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن هذا النعى سديد؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 أنه يشترط لتوفر حالة التكرار في دعوى الإخلاء لتكرار امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة عليه أن يكون التأخير أو الامتناع قد رفعت بشأنه دعوى إخلاء موضوعية أو دعوى طرد مستعجلة يتحقق في أيهما للمحكمة تأخر المستأجر أو امتناعه عن سداد أجرة مستحقة عليه بالفعل وغير متنازع في مقدارها أو شرط استحقاقها، ولكنه توقى صدور الحكم بالإخلاء أو تنفيذ حكم الطرد المستعجل بسداد الأجرة المستحقة والمصروفات والأتعاب إبان نظرها.
وبحسب "المحكمة": وأن ثبوت تكرار امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة لا يستلزم بالضرورة القانون رقم 136 لسنة 1981 تتحقق أن يصدر في الدعوى السابقة حكم نهائي؛ إذ لم يستلزم المشرع هذا الشرط سواء في القانون رقم 49 لسنة 1977 أو في القانون رقم 136 لسنة 1981، ومن ثم يكفى لتوفر حالة التكرار أن المحكمة وهي تنظر دعوى الإخلاء للتكرار من سبق تأخرا أو امتناع المستأجر عن سداد أجرة مستحقة عليه بالفعل وغير متنازع في مقدارها، وأنه قام بسدادها مع المصاريف والأتعاب لكي يتوقى الحكم بالإخلاء، كما وأن تكرار تأخير المستأجر في الوفاء بالأجرة يوجب الحكم بالإخلاء ولو قام بسداد الأجرة المستحقة عليه أثناء سير الدعوى اللاحقة وذلك وفقاً لنص المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 إلا إذا قدم لمحكمة الموضوع مبررات مقبولة لهذا التأخير أو الامتناع .
النقض تتصدى للدفع بعدم الاختصاص
وتضيف "المحكمة": لما كان ذلك، وكان الواقع المطروح في الدعوى حسبما يبين من أوراقها أن الطاعنات أقمنها بطلب إخلاء المطعون ضدها من شقة النزاع لتكرار تأخرها في سداد الأجرة على سند من سابقة الحكم الصادر في الدعوى رقم 1460 لسنة 2014 مستعجل الجيزة واستئنافها رقم 644 لسنة 2014 مستعجل الجيزة، وكان الثابت من الأوراق إقامة الطاعنات دعواهن المستعجلة ضد المطعون ضدها بطلب الطرد وتسليم شقة النزاع محل عقد الإيجار المؤرخ 1 ديسمبر 1981 للتأخير في سداد الأجرة وحكم فيها بالطلبات، فاستأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 644 لسنة 2014 مستعجل الجيزة، فقضي فيه بإلغائه وبعدم اختصاص القضاء المستعجل تأسيساً على سداد المطعون ضدها لكامل الأجرة المستحقة عن مدة المطالبة وما يستجد منها حتى إقفال باب المرافعة أمامها إبان نظر الاستئناف فضلاً عن المصاريف والنفقات الفعلية، بما ينتقي معه شرط الاستعجال.
ووفقا لـ"المحكمة": ومن ثم إعمالاً للقواعد الواردة في السباق المتقدم يستوجب التعويل على الحكم الصادر في الاستئناف المذكور كسابقة للتكرار في الدعوى المطروحة، وإن خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعول عليهما كسابقة للتكرار بمقولة إن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1460 لسنة 202014 مستعجل الجيزة بالطرد والتسليم قد ألغي في الاستئناب رقم 644 لسنة 2014 مستعجل الجيزة، وأن القضاء بعدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى لا يصلح كسابقة للتكرار، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وقد حجبه ذلك عن الفصل في الدعوى على ضوء ما تمسكت به المطعون ضدها بصحيفة الاستئناف من مبررات لتأخرها في سداد الأجرة بعدم السعي لمطالبتها بالأجرة، مما يعيبه بالقصور، ويستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.
لهذه الأسباب:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وألزمت المطعون ضدها المصروفات.
الحكم جاء على غير الأحكام المتعارف عليها لمحكمة النقض
يشار إلى أن هذا الحكم السالف الذكر جاء على غير المتعارف عليه من أحكام محكمة النقض وأبرزها الحكم الصادر في الطعن المقيد برقم 1562 لسنة 74 قضائية – جلسة 16 فبراير 2017 – والذى جاء في حيثياته: الحكم أن المقرر فى قضاء محكمة النقض أن الحكم الذى يصدر من القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين المؤجرة للتأخير فى الوفاء بالأجرة لا يقيد محكمة الموضوع إذا ما طُرح النزاع أمامها من المستأجر، فلها أن تعيده إلى العين المؤجرة إذا ما أوفى الأجرة المستحقة عليه والمصاريف والنفقات الفعلية إلى المؤجر قبل إقفال باب المرافعة بحسبان أن القضاء المستعجل يقف عند حد اتخاذ إجراء وقتي مبناه ظاهر الأوراق ولا يمس أصل الحق.
وبحسب "المحكمة": ولا يغير من ذلك النص فى الفقرة الثانية من المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على عدم تنفيذ حكم القضاء المستعجل بالطرد إذا ما سدَّد المستأجر الأجرة والمصاريف والأتعاب عند تنفيذ الحكم، إذ قصارى ما تهدف إليه هو إعطاء هذه الفرصة للمستأجر لتوقي التنفيذ دون أن تضع شرطاً بأن يتم السداد قبل التنفيذ لإعمال حكم الفقرة الأولى من هذه المادة بتوقي الحكم بالإخلاء بسداد الأجرة وملحقاتها قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى أمام محكمة الموضوع.
حكم النقض فى الاعتداد بالأحكام المستعجلة في إثبات سابقة التكرار في التأخر في دفع الإيجار 1
حكم النقض فى الاعتداد بالأحكام المستعجلة في إثبات سابقة التكرار في التأخر في دفع الإيجار2
حكم النقض فى الاعتداد بالأحكام المستعجلة في إثبات سابقة التكرار في التأخر في دفع الإيجار 3
حكم النقض فى الاعتداد بالأحكام المستعجلة في إثبات سابقة التكرار في التأخر في دفع الإيجار 4