تسعى جنوب أفريقيا لإثبات نية إسرائيل ارتكاب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة بأدلة مما قاله الإسرائيليون أنفسهم منذ بدء الحرب.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية إن "اللهجة الإسرائيلية القاسية" ضد الفلسطينيين أصبحت أساس للقضية التى تتهم فيها جنوب أفريقيا الدولة العبرية أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب الإبادة الجماعية.
وأشارت الوكالة إلى بعض التصريحات التى صدرت من مسئولين إسرائيليين منذ بدء الحرب، مثل "الحيوانات البشرية"، وجعل غزة مذبح، ومحو قطاع غزة من على وجه الأرض، وقالت إن مثل هذه التصريحات التحريضية عنصر أساسى للقضية. وقالت جنوب أفريقيا إن اللغة التى ظهرت فى تصريحات قادة وجنود وحتى صناع الترفيه الإسرائيليين عن الفلسطينيين فى غزة منذ بدء الحرب فى أعقاب عملية السابع من أكتوبر، هى دليل على نية إسرائيل ارتكاب الإبادة الجماعية.
ورغم أن مسئولى إسرائيل قللوا من هذه التصريحات، وقال البعض إنها نتيجة لصدمة عملية طوفان الأقصى، إلا أن النشطاء وجماعات حقوق الإنسان قالوا إنها نتيجة حتمية لحكم إسرائيل لعقود وبدون نهاية على الفلسطينيين، والذى زاد خلال الحرب، ويرون أن مثل هذه اللغة تركت دون رادع، مما حرض على العنف وجرد الفلسطينيون من إنسانيتهم.
وقال مايكل سفارد، المحامى الإسرائيلى البارز، إن الكلمات تقود إلى الأفعال، فالكلمات التى تضفى نوعا من الاعتياد أو الشرعية على جرائم خطيرة ضد المدنيين تخلق الأساس الاجتماعى والسياسى والأخلاقى لآخرين لفعل أشياء مثل هذه.
وبدأت محكمة العدل الدولية الأسبوع الماضى النظر فى اتهام جنوب افريقيا ضد إسرائيل. وتسعى جنوب افريقيا لإثبات أن إسرائيل ترتكب الإبادة فى غزة، وأن إسرائيل كان لديها النية المحددة للقيام بذلك، وتستند إلى سلسلة من التصريحات التحريضية كجزء من الدليل لإثبات قضيتها.
ومن أبرز التصريحات الإسرائيلية التى تستند إليها جنوب افريقيا فى قضيتها، هو استشهاد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالتوراة فى خطاب متلفز ألقاه أواخر أكتوبر، قال فيها: لابد أنكم تتذكرون ما فعله بكم العماليق (قبائل بدوية فى الشام والعراق قديما)، لقد كانوا مضطهدين لبنى إسرائيل فى المكتاب المقدس، وتقول وصية الكتاب المقدس إنه يجب تدميرهم.
وقالت جنوب افريقيا إن هذه التصريحات تظهر نية إسرائيل لارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
وبعد يومين من عملية السابع من أكتوبر، قال وزير الدفاع يواف جالانت إن إسرائيل كانت تحارب "حيوان بشرية" معلنا حصارا كاملا لغزة.
وكتب نائب رئيس الكنيست نيسين فاتورى من حزب الليكود، على منصة إكس، يقول إن الإسرائيليين لديهم هدف مشترك، وهو محو قطاع غزة من على وجه الأرض. بينما اقترح وزير التراث الإسرائيلى إميشاى إلياهو، من حزب القوة اليهودية اليمينى المتشدد أن تلقى إسرائيل قنبلة نووية على غزة، وقال إنه لا يوجد أى مدنيين فى القطاع.
وسجلت الكاميرات مقطع لجنود إيرائيليين يدلون بتعليقات مشابهة وهم يغنون ويرقصون فى الأيام الأولى للهجوم البرى.
وفى 7 أكتوبر، كتب صحفى إسرائيل على منصة إكس يقول إن غزة ينبغى أن تصبح مذبحا، لو لم يتم إعادة الأسرى.
واستشهدت جنوب أفريقا أيضا بتصريحات مسئولين عسكريين واثنين من المغنيين الإسرايبليين بسبب تعليقاتهم التحريضية.
وقال المحامي تيمبيكا نكوكايتوبي عن جنوب أفريقيا في تصريحاته أمام المحكمة: إن لغة التجريد من الإنسانية بشكل منهجي واضحة هنا. وبالتالى، فإن تصريحات الإبادة الجماعية ليست في الهامش، بل إنها تتجسد في سياسة الدولة.
وتطالب جنوب أفريقيا محكمة العدل الدولية فى لاهاى بإصدار سلسلة من الأحكام الملزمة قانونا، التي تعلن أن إسرائيل تنتهك "التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية"، وهو قرار قد يستغرق سنوات، وتسعى لإصدار أمر مؤقت ملزم يقضي بوقف إسرائيل للأعمال العدائية، وهو الحكم الذي من المتوقع صدوره في الأسابيع المقبلة.
من جانبه، قال المحامى مالكولم شو، المدافع عن إسرائيل فى المحكمة، إن التصريحات جاءت أغلبها من مسئولين ليس لهم دور يذكر فى تحديد السياسات الإسرائيلية، ووصفها بأنها اقتباسات عشوائية كانت مضللة وأنكرها نتنياهو فى بعض الحالات.
إلا أن روزى شوندورف، نائب المدعى العام الإسرائيلى السابق، قال فى مقابلة إن التصريحات لا تزال تحمل مخاطر. وكان من الأفضل لو لم تقال بعض هذه التصريحات.