أبي مسلم وأمي أجنبية غير مسلمة . كيف أتعامل معها ؟
التعامل مع والدتك يكون بالبر والإحسان والتودد والصلة كما أمر الله تعالى في كتابه بقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ الَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (۲۳) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ منَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (٢٤) ) [سورة الإسراء)، والآية الكريمة لم تفرق بين أم مسلمة أو كتابية فهذا واجب للأم عموما دون النظر لديانتها، فعليك بالبر والمساعدة والطاعة لأمك إلا في حالة واحدة وهي لو أمرتك بمعصية الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قال تعالى: ﴿وَوَضَيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبُهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥)) [سورة لقمان) .
يعجبني شكل شجرة الكريسماس ومظاهر الاحتفال به وأحب مشاهدتها في الأفلام الأجنبية. فهل هذا حرام؟
إعجابك بالأشجار أيا كانت شيء جميل لا شيء فيه لأنها من خلق الله تعالى، ذات المنظر البديع الدال على عظمة الله وقدرته في خلقه، وكذلك جميع المناظر الطبيعية من حولنا حينما ننظر إليها ونرى جمالها لا نملك إلا أن نقول: سبحان الله.. تبارك الله أحسن الخالقين.
وقد أمرنا الله تعالى في كتابه بالنظر إلى ما في الكون والتدبر فيه. قال تعالى: وقُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّدْرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ (۱۰۱) [سورة يونس] . فكلما تمعن الإنسان في خلق الله المباح ازداد يقينا وإيمانا بالله تعالى، أما إعجابك بمظاهر الاحتفال بالكريسماس لا يحرم إلا إذا كان في هذه المظاهر أشياء محرمة أو عنف وإساءة، فحينها لا يجوز مشاهدتها ولا الإعجاب بها، وهذه الشروط ليست خاصة بالكريسماس فقط، وإنما هي شروط لكل الاحتفالات وغيرها، سواء كانت خاصة بالمسلمين أو بغير المسلمين، فالأصل في جميع الأشياء أنها مباحة إلا ما أتى الشرع الحنيف بتحريمه فيصبح حراما. ولكن يا بني لابد أن يكون لك ذاتية متفردة لا يستهويك أي شيء تراه فالله تعالى أعطانا العقل الضبط الأمور وتسييرها في مسارها الصحيح، هذا ما أريد أن تكون عليه فلا تنخدع بسفاسف الأمور والانسياق وراءها، وهذا ما ربى النبي أمته عليه، فقال : (لا تكونوا إمعة، تقولون : إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وظنوا أنفسكم، إن أحسن النَّاسُ أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا). لقد اهتم النبي ببناء الشخصية المسلمة على التميز، واستخدام العقل والحكمة وعدم التقليد الأعمى، وعدم اتباع كل ما نرى أو نسمع أو السير خلف الناس دون روية وتبصر. وفي هذا الحديث يقول النبي ﷺ ناصحا للمسلمين : (لا تكونوا إمعة)، والإمعة هو الشخص الذي يقلد الناس بدون وعي ولا رأي، والمقلد والتابع لغيره يكون بلا شخصية ولا رأي، ولا يقوم رأيه على التصديق والاعتقاد، وهذا خطر على المقلد نفسه، وخطر على المجتمع لأنه يؤدي إلى إفراغه من التفكير والتعقل في الأمور .
الخلاصة : أن الإنسان لابد أن يكون له شخصية واعية لا يتبع كل ما يرى أو يسمع بدون عقل، وهذا ما يسمى بالهوية، فكل إنسان له هوية مستقلة يحافظ عليها، وكل دين له هوية يحافظ عليها أتباعه، فلا ينساق الشخص خلف رغبات نفسه دون هدف
يطلب مني أبي ارتداء النقاب بدءًا من العام القادم لكني لا أحب النقاب ولا أطيقه. فماذا أقول لأبي؟
النقاب ليس فرضا، وهو متروك لحرية المرأة إن شاءت أن تلبسه وإن لم ترغب في لبسه فلا شيء عليها ولا تجبر عليه، وإنما الفريضة التي أمر الله بها هي الحجاب أو الخمار وهو ما يغطي الرأس مع الرقبة والصدر ويظهر الوجه. قال تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ (۳۱)) [سورة النور] ، فالآية فيها أمر صريح بلبس الخمار، وعبر عنه تعالى بقوله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ زيادة في التستر لما فيه من صون الأعراض، ولا يحتاج الأمر به بل تلبسه المرأة المسلمة من نفسها لأنه فرض عليها .
فإذا كان والدك يأمرك بالنقاب فتحدثي معه بالمنطق وبالأدلة من القرآن والسنة، وأن تظهري له من نفسك الحشمة والوقار حتى يطمئن عليك حين ذهابك وإيابك ويعلم أن ابنته ذات شخصية قوية تتمتع بالهدوء والرزانة، وصاحبة خلق ومبادئ، ولا يستطيع أحد أن يمسها بسوء، عند ذلك لن يأمرك بالنقاب لعلمه أنك في غنى عنه بأدبك وحشمتك وتعاملاتك مع الغير بحدود، ومن الممكن أن يتواصل والدك مع مركز الفتوى بالأزهر ليوضح له كيفية المعاملة الصحيحة مع الأولاد حتى لا تشدد عليهم.