بعد انتظار طويل وتحقيقًا لرغبة أبناء الكنيسة في مصر، أصبح قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين قاب قوسين أو أدنى من إقراره، ليكون القانون الأول من نوعه في البلاد منذ ما يقرب من 70 سنة، وذلك في الوقت الذي وجه فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بسرعة الانتهاء من صياغة مشروع قانون "الأحوال الشخصية للمسيحيين"، وذلك بعد مطالبة وزير العدل المستشار عمر مروان بالتنسيق الكامل مع جميع الأطراف والجهات ذات الصلة، وكذلك إجراء حوار مجتمعي معمق، واستيعاب مختلف الشواغل والآراء التي من شأنها تحقيق الأهداف المنشودة من القوانين لصالح الأسرة المصرية، وتحقيق المصلحة العامة.
المستشار عمر مروان، وزير العدل، في غضون ديسمبر من عام 2023 خرج ليؤكد إنه تم الانتهاء من قانون الأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين، وأنه لأول مرة في مصر يكون هناك قانون أحوال شخصية للمسيحيين، يحتوي اختلافات كل الطوائف ولا يوجد تعارض، فضلا عن أنه تم اتخاذ آراء كل الطوائف المسيحية في وضع القانون، وتم تلبية احتياجات 6 طوائف مسيحية باختلافاتها لإخراج القانون الجديد، وذلك بفضل تعاون البابا والقادة الدينيين بالطوائف المسيحية المختلفة مع وزارة العدل والخروج على قانون متفق عليه من الجميع، والتأكيد على أن القانون المتعلق بالأحوال الشخصية للمسلمين، تم عمل قانون متطور وعصري يعالج المشكلات المرتبطة بالرؤية ومسكن الزوجية والولاية والنفقة في القانون الجديد.
قانون الأحوال الشخصية لللمسيحيين يخرج للنور قريبا
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على عدة نقاط تتعلق بمشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، والدعوات المستمرة من قبل المختصين بضرورة عرض مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين لحوار مجتمعى قبل إقراره، لأنه يهم الملايين وضرورة تقليص دور رجال الدين ويكون دورهم فقط قاصر على إتمام مراسم الزواج، فضلاَ عن إقرار المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة فى المسيحية وإقرار التبنى لأنهما يتقفا مع المادة الثالثة من الدستور الحالى ومتفق مع مبادئ الشريعة المسيحية، وعدم التوسع فى أسباب الطلاق – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض هاني صبري.
فى البداية - أن المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث بالنسبة للمسيحيين مبدأ يقره الدستور المصرى 2014م حيث تنص المادة الثالثة منه على أن: "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية"، ومن ثم فإنه وفقاً للدستور تكون مبادئ الشريعة المسيحية واجبة التطبيق على المصريين المسيحيين ويكون الذكر والأنثى متساويان وتوزيع الأنصبة الذكر مثل حظ الأنثى فى الميراث، كما تنص المادة 247 من لائحة الأقباط الأرثوذكس مع ما مؤداه المساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث – وفقا لـ"صبرى".
المساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث بالنّسبة أبرز النقاط الخلافية
إلا أن أروقة المحاكم شهدت جدالاً عنيفاً لتطبيق هذه النصوص بعض الأحكام قضت بعدم المساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث بالنّسبة للمسيحيين واستندت للمادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1944، والفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 للأحوال الشخصية، وكذا المادة (875) من القانون المدنى، وفِى تقديرى الشخصي أن تلك المواد – فيها نظر - لمخالفتها لنص المادة الثالثة من الدستور المصرى الحالى، وجدير بالذكر أنه قد صدر عدة أحكام عن محكمة استئناف القاهرة أحوال شخصية، أحكاماً نهائية تقضى بتطبيق الشريعة المسيحية فى المنازعات المتعلقة بتوزيع الميراث بين المصريين المسيحيين، وبالمساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث عملا بنص المادة الثالثة من قانون 1 لسنة 2000، وكذا المادة 247 من لائحة الأقباط الأرثوذكس – الكلام لـ"صبرى".
وهذه الأحكام الهامة أحدثت حالة من الارتياح فى الأوساط القبطية كونها جاءت وفقاً للدستور والقانون، ولمبادئ الشريعة المسيحية، وفى تقديرى أن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين يحتاج إلى تعديلات جذرية ليتوافق مع دستور 2014م وهى من التشريعات واجبة الإصدار لتخفيف المعاناة عن الأقباط وسرعة إصدار تشريع فى هذا الشأن، ونناشد كافة المحاكم أعمال نص الدستور بالمساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث للمسيحيين، وأن تصدر محكمة النقض مبدأ بالمساواة فى الميراث للأقباط المسيحيين، حيث إن المبادئ القانونية لمحكمة النقض هى القواعد التى يُستند إليها القضاة فى أحكامهم لحين صدور تعديل قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين – هكذا يقول "صبرى".
والمادة الثالثة من الدستور الحالي تتفق مع مبادئ الشريعة المسيحية في إقرار المواريث
ويتعين على كافة السلطات المعنية إعمال نص الدستور وهو ما استقر عليه قضاء محكمة النقض منذ عام 1980م من مبادئ هامة والتى تضمنت أن النصوص الدستورية تتمتع بالإنقاذ الفورى والمباشر، منذ العمل بأحكام الدستور وما يخالفها من نصوص تشريعية تعبير منسوخة ضمنا بقوة القانون دون حاجة لانتظار قضاء دستورى أو تعديل تشريعى، وأوجبت بذلك إهدار مواد القانون التى تتعارض مع النصوص الدستورية سابقة كانت أم لاحقة على صدوره بإعتبار الدستور القانون الأسمى والأعلى صاحب الصدارة على المدرج التشريعى.
ودعا "صبرى" - الطوائف المسيحية الثلاثة والحكومة والبرلمان أن يتضمن مشروع القانون المساواة فى الميراث بين الذكر والأنثى المسيحيين، وإقرار التبنى فى المسيحية حيث إن العقيدة المسيحية قد رسخت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، دون أى تفرقة، كما نطالب بحق التبنى للمسيحيين، حيث إن هذا الأمور لها أساس دستورى وقانونى، ولها ما يؤيدها فى الكتاب المقدس، ونرى أنه لابد من عرض مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين لحوار مجتمعى قبل إقراره لأنه يهم الملايين، وتقليص دور رجال الدين ويكون دورهم فقط قاصر على إتمام مراسم الزواج، وعدم التوسع فى أسباب الطلاق وفقاً لما تقره مبادئ الشريعة المسيحية.
حل مشكلات "الطلاق" مع الأخذ في الاعتبار عدم التوسع في أسبابه
كما أنه تسود في الأوساط المسيحية حاليا تساؤلات عدة حول ما إذا كان المشروع يمكنه أن يحل مشكلات "الطلاق" مع الأخذ في الاعتبار عدم التوسع في أسبابه التي تعد واحدة من القضايا الاجتماعية الشائكة، وتعد مشكلة الطلاق لدى المسيحيين من أكثر المشكلات الاجتماعية تعقيداً، وتؤرق أعداداً كبيرة من الأسر المسيحية، إذ لا يُسمح بالطلاق في الكنيسة الأرثوذكسية - أكبر الكنائس المصرية - إلا لـ"علة الزنا"، أو لتغيير الملة - الانتقال إلى طائفة أخرى - حسب القوانين المعمول بها حالياً، كما تمنع الكنيسة الكاثوليكية الطلاق نهائياً، وتسمح بالانفصال الجسدي مع استمرار الزواج، بينما تسمح به "الطلاق" الكنيسة الإنجيلية في حالتَي "تغيير الدين"، أو "الزنا الفعلي".
أما عن أسماء الكنائس الـ6 التي شاركت في إعداد مشروع القانون وهي: الكنيسة القبطية الكاثوليكية ممثلة سائر الكنائس الكاثوليكية، وأربع كنائس أرثوذكسية هي القبطية والرومية والأرمنية والسريانية، بالإضافة إلى الكنيسة الإنجيلية المشيخية، فيما وافق مجلس الوزراء على مشروع القانون بشكل مبدئي في سبتمبر/أيلول 2021، ويتألف المشروع من 10 أبواب وأكثر من 250 مادة، تتناول أمورًا شتى، كالخطبة، وأركان الزواج وشروطه وموانعه، وإجراءات عقد الزواج وبطلان العقد، وحقوق الزوجين وواجباتهما، والنفقات، والسلطة الأبوية، والحضانة، وثبوت نسب الأولاد، والميراث، كما يمكن تصنيف أحكام القانون ضمن نوعين: أحكام توافقية تشترك فيها الطوائف الـ6، وأحكام خاصة تتعلق ببعض منها.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض هانى صبرى
شرح مبسط لطلاق المسيحيين في مصر
وأما عن الأسباب التى يمكن الإستناد إليها لكى يحصل الزوج أو الزوجة على الطلاق، فقد اعترف القانون المصرى بحالات معينة تؤدى للطلاق للمسحيين، وهي حالة زنا الزوج أو زنا الزوجة، فاذا ما ثبت الزنا على الزوج أو الزوجة يجوز رفع دعوى طلاق .
وماذا عن كيفية اثبات واقعة الزنا ؟
لابد من فتح ملف فى الكنسية حتى يتم الاعتراف بالطلاق عند المسحيين وعليه بعد تحقيقات النيابة العامة يتم فتح ملف فى الكنسية ثم رفع دعوى قضائية .
هل يمكن رفع دعوى الخلع للمسحيين ؟
نعم - يجوز فى حالات معينة رفع دعوى الخلع للمسحيين .
ما هى حالات رفع دعوى الخلع لطلاق المسحيين ؟
-لابد أن يكون هناك اختلاف فى الطائفة أو الملة لكى تقبل الدعوى الخاصة بالخلع أمام المحكمة، فأول وأهم شرط للطلاق أن يكون طائفة الزوج أو الزوجة أو ملة الزوج الزوجة مختلفة .
هل الطلاق فى المحكمة معترف به أمام الكنسية؟
-بالنسبة طلاق المسيحيين في مصر يعتبر طلاق مدنى من المحكمة والكنسية تعترف به إذا كان سبب الطلاق متوافق مع الأسباب التى تعترف بها الكنسية .
هل يحق رفع دعوى نفقة بين المسحيين بدون طلاق؟
-نعم، فى النفقة إذا امتنع الزوج عن دفع النفقة وكان الزوجيين مسحيين يحق للزوجة رفع دعوى نفقة حت إذا اتحدا فى الطائة والملة .
هل يحق للزوج المسيحي رفع دعوى الطاعة أو دعوى النشوز؟
أيضا يحق للزوج المسيحي رفع دعوى الطاعة أو النشوز فى حالة نشوز الزوجة .
تطور التشريعات المسيحية
أما عن تدرج القوانين المنظمة للأحوال الشخصية لغير المسلمين، في 3 مارس سنة 1883 أصدر الخديوي محمد توفيق قرارا بتشكيل المجلس الملي الذي صدرت لائحته التنفيذية من مجلس الوزراء برئاسة شريف باشا في 14 مايو سنة 1883، وبناء عليه تم تأسيس المجلس الإكريليكي الذي يختص بالنظر في مسائل الأحوال الشخصية لأبناء الملة الواحدة.
توقف العمل بهذه اللائحة في شهر نوفمبر عام 1977
توقف العمل بهذه اللائحة في شهر نوفمبر عام 1977، بعد جلوس البابا شنودة الثالث على الكرسي البابوي حيث قام البابا شنودة بإلغاء العمل بلائحة 1938 لأنها مخالفة لتعاليم الإنجيل وأن من وضعها هم ''العلمانيون''، وقصر البابا شنودة التصريح بالزواج الثاني لعلتي الزنى أو تغيير الديانة فقط، على أن يمنح الطرف المتضرر في حالة الزنى تصريح الزواج ويحرم منه الطرف الأخر.
وفقا للقانون رقم 1 لسنة 2000 المعروف باسم قانون الأحوال الشخصية الجديد تنص المادة الثالثة فيما يتعلق بغير المسلمين :'' تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والمله الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتي 31 ديسمبر سنة 1955 طبقا لشريعتهم فيما لا يخالف النظام العام''.
تعديلا جديدا في عام 2008
في عام 2008 أصدر المجلس الملي برئاسة البابا شنودة تعديلا جديدا لهذه اللائحة يقضي بقصر اسباب الطلاق علي سبب واحد هو علة الزنا، في حين ظلت طائفة الروم الأرثوذكس تطبق لائحة 1938، وهي طائفة لها تابعين فى مصر وأثيوبيا وليبيا ودول أفريقية أخرى ويتبعها 26 بطريركية وكنيسة.
في عام 2010 اجتمعت الكنائس لوضع مسودة لقانون لتنظيم الأحوال الشخصية لغير المسلمين قدم إلى وزارة العدل، وضم 122 مادة تناولت المادة 111 انحلال الزواج وذلك في حالتين الأولى وفاة أحد الطرفين، وجاء في نص المسودة: ''الزواج الصحيح المكتمل بالمخالطة الجسدية الذي تعقده الكنيسة الكاثوليكية لا ينحل إلا بالموت، أما الزواج الصحيح المقرر غير المكتمل فيجوز انحلاله بناء على طلب الطرفين أو أحدهما بعد مواقفة الرئاسة الدينية الكاثوليكية إذا وجد سبب قوى يوجب انحلاله''، وأجازت المادة 112 من مسودة قانون 2010 التطليق بسبب واحد وهو علة الزنا، وهو ما يتفق مع ما جاء لائحة 2008.