قراءة الشفاه والكشف عن الجريمة.. الجميع يعلم جيدا بصمة الشفاه ولكن قراءة الشفاه في الكشف عن الجريمة ليس بالأمر المتعارف عليه كثيرا، أما بصمة الشفاه هى تلك العضلات الموجودة على الشفاه، وقد ثبت أن بصمة الشفاه صفة مميزة جدا حتى أنه لا يتشابه فيها شخصان في العالم، وتؤخذ بصمة الشفاه بواسطة جهاز به حبر غير مرئي حيث يوضع الجهاز على شفاه الشخص المطلوب بعد أن يوضع عليها ورقة من النوع الحساس فتنطبع عليها بصمة الشفاه، ومن الثابت علمياً أن الجلد الذي يغطى أصابع اليد والكفين وكذلك الشفاه، له مميزات منفردة في نوعيتها وينتج عنها انطباعات تقوم بدور أساسى وحيوى في مجال الكشف عن الجريمة .
ولم يسبق لأحد من علماء تحقيق الشخصية أو المشرع المصرى، أن تعرض لموضوع بصمة الشفاه كدليل مادى في الإثبات الجنائى، كما لم تصادف بصمة الشفاه أيضاً أية تطبيقات عملية في مجال البحث الجنائى الفنى، ويرى البعض أن هذه النوعية من البصمات – شأنها شأن باقى الأدلة المادية – احتمال وجودها بمسرح الجريمة والأماكن المحيطة به قائم، ومن ثم يمكن تعليل عدم وجود التطبيقات العملية لها في القضايا المختلفة إلى عدم وجود هذه الفئة المتخصصة من الخبراء الفنيين العاملين بهذا المجال لحداثة عهد هذا الدليل المادى من جهة، ولعدم رسوخ حجيته كالبصمة التي تجيز الأخذ بها كدليل مادى يعتمد عليه.
استخدام الذكاء الاصطناعي في قراءة الشفاه وضبط الجرائم
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية قراءة الشفاه، ودورها في كشف الجرائم، وكذا استخدام الذكاء الاصطناعي في قراءة الشفاه وضبط الجرائم، خاصة وأننا بدأنا نلاحظ وضع المتحدثين إلى بعضهم البعض أيديهم على الفم أثناء الحديث حتى لا تظهر حركة الشفايف، ومن ثم ترجمة ما يقال بالأساليب الحديثة والمتطورة، ففي السابع عشر من شهر مايو سنة 2007م، بدأ الحديث عن مشروع يرمي إلى استخدام "تقنية قراءة الشفاه لمكافحة الجريمة"، ويبدو أن التفكير في هذه التقنية قد بدأ مع شيوع استخدام كاميرات المراقبة في الشوارع والأماكن العامة - بحسب الدكتور أحمد عبد الظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة.
في البداية - تستطيع أنظمة كاميرات المراقبة المنتشرة في المملكة المتحدة بالفعل تمييز الإيماءات وحتى التحدث مباشرة مع الأشخاص في الشارع، لكن إحدى مجموعات البحث تأمل في إضافة القدرة على قراءة الشفاه إلى قدرات هذه الكاميرا، وتتمثل الفكرة في تمكين المشغلين من النظر عن كثب إلى شفاه الشخص واختيار مجموعات من الكلمات الحساسة التي إذا تم اكتشافها ستؤدي إلى إرسال رسالة تنبيه تلقائية، ويمكن بعد ذلك إرسال الضباط إلى مكان الحادث، وقد رأس هذا المشروع الذي استغرق 3 سنوات ريتشارد هارفي، وهو محاضر كبير في رؤية الكمبيوتر في جامعة إيست أنجليا في نورويتش، وتهتم وكالات الأمن الحكومية بهذه التكنولوجيا، كما هو الحال مع مجلس أبحاث الهندسة والعلوم الذي منح المشروع منحة تزيد قيمتها عن 391 ألف جنيه إسترليني – وفقا لـ"عبدالظاهر".
مشروع تقنية قراءة الشفاه لمكافحة الجريمة
ولبيان فكرة هذا المشروع، قال ريتشارد هارفي: لدينا عدة طرق لاستخراج ما يسمى "الملامح" من الشفاه – مجموعات من الأرقام التي تختلف باختلاف شكل الشفاه، ولكن ليس مع أي شيء آخر فالتكنولوجيا لدينا قياسية للغاية، ونحن نستخدم تقنية التعرف على الكلام القياسية، ويمكننا قراءة الشفاه ما بين 10 إلى 30 لفظاً في الوقت الحالي، بدقة تبلغ حوالي 50 بالمائة، ونظراً لصعوبة قراءة الشفاه، فإن هذه النسبة بحسب رأيه تعتبر جيدة جداً، ولكن من الواضح أن هناك طريقاً طويلاً يجب أن نقطعه قبل أن نتمكن من التعامل مع الكلام الطبيعي – الكلام لـ"عبدالظاهر".
ويبدو أن ثمار هذا المشروع قد بدأت تخرج إلى النور في العام 2016م، وبحيث تمكن العلماء من تطوير تقنية جديدة لقراءة الشفاه يمكن أن تساعد في حل الجرائم وتوفير المساعدة في التواصل للأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع والكلام، وقال الباحثون إن تقنية التعرف على الكلام المرئي، التي تم تطويرها في جامعة إيست أنجليا (UEA) في المملكة المتحدة، يمكن تطبيقها في أي مكان لا يكون فيه الصوت جيداً بما يكفي لتحديد ما يقوله الناس، وقالوا إن مشاكل فريدة في تحديد الكلام تنشأ عندما لا يكون الصوت متاحاً – كما هو الحال في لقطات كاميرات المراقبة – أو إذا كان الصوت غير كاف ولا توجد أدلة لتحديد سياق المحادثة.
ولبيان حجم الإنجاز الذي تمثل من خلال هذه التقنية، أشار الباحثون الذي عملوا على إنجازها إلى أن الأصوات “/p/”، و”/b/”، و”/m/” تبدو جميعها متشابهة على الشفاه، ولكن الآن يمكن لتقنية تصنيف قراءة الشفاه الآلية التمييز بين الأصوات للحصول على ترجمة أكثر دقة، وأضاف هؤلاء الباحثين: "ما زلنا نتعلم علم الكلام المرئي وما يحتاج الناس إلى معرفته لإنشاء نموذج التعرف على قراءة الشفاه، ولكن نظام التصنيف هذا يحسّن أساليب قراءة الشفاه السابقة باستخدام طريقة تدريب جديدة"، و"من المحتمل أن يتم تطبيق نظام قوي لقراءة الشفاه في عدد من المواقف، من التحقيقات الجنائية إلى الترفيه".
تطوير نظام الذكاء الاصطناعي (Lip Net) لقراءة الشفاه
في شهر نوفمبر 2016م، أعلن فريق من العلماء في جامعة أوكسفورد أنهم تمكنوا من تطوير جهاز ذكاء اصطناعي يمكنه قراءة لغة الشفاه أفضل من البشر، وقد أطلق على هذا الجهاز اسم (Lip Net)، ويعمل نظام الذكاء الاصطناعي "ليب نت" من خلال متابعة مقطع مصور لحديث الأشخاص، ومن ثم يقارن النص بحركة أفواههم بدقة تصل إلى 93 في المئة، حسبما أفاد الباحثون، وأشار الباحثون إلى أن الاستعانة بهذا الجهاز في معرفة لغة الكلام يمكن أن يساعد ملايين الأشخاص. لكن الخبراء أوضحوا أن هذا النظام لا يزال بحاجة للاختبار في مواقف الحياة الحقيقية.
وقال الباحثون إن "قارئ لغة الشفاه الآلي يتمتع بفرص نجاح كبيرة مع وجود التطبيقات التي تتعلق بأجهزة المساعدة في تحسين السمع والإملاء الصامت في الأماكن العامة والمحادثات السرية وفهم الكلام في البيئات الصاخبة وتحديد الهوية بأجهزة القياس الحيوية ومعالجة الأفلام الصامتة"، وأشار الباحثون إلى أن نظام الذكاء الاصطناعي زُود بجمل كاملة حتى يتسنى له التعرف على الأحرف التي تتناغم مع حركة الشفاه.
وفي إطار الاختبار، زود فريق البحث من معمل الذكاء الاصطناعي التابع لجامعة أوكسفورد نظام الذكاء الاصطناعي بنحو 29 ألف مقطع فيديو وأضاف إليها النص الصحيح، وكانت مدة كل مقطع هي 3 ثواني فقط يتبعها نمط قواعد نحوية متماثل، وفي حين أن الباحثين توصلوا إلى نسبة الخطأ في الاختبارات التي أجريت على البشر وجرى تزويدهم بنفس مقاطع الفيديو بلغت 47.7 في المئة، فإن نظام الذكاء الاصطناعي سجل خطأ واحداً من بين 6.6 في المئة فقط.